بين لافتتين انطوى لقاء الرئيس عمر البشير بقيادات المرأة الذي نظمته أمانة شؤون المرأة بالمؤتمر الوطني صبيحة الأمس بالمركز العام، اللافتة الأولى ساقتها البرلمانية عائشة الغبشاوي التي طالبت الرئيس أن يكون قدوة في الزهد والتقشف ومحاربة الفساد. والثانية رفعتها القيادية بالحزب والبرلمانية سعاد الفاتح أن «أبشر يا عمر أخواتك معاك»، وبين الاثنتين ضجت القاعة بالتكبير والتهليل للسيدتين. انتصار أبو ناجمة مسؤولة أمانة المرأة بالوطني أقرت بأن أدائهن لم يبلغ مرتبة الرضا بعد، مشيرة إلى أن الكثرة لها مهارة النقد والتشخيص، بينما لا تملك الكفاءة اللازمة لمعالجة مواطن الخلل، وأبدت رجاءها في أن يحرس الرئيس الفئات الضعيفة التي لا تقوى على مجابهة السياسات الاقتصادية المنتظرة، ودعت لعودة الريف إلى محطة الإنتاج، وإكمال مسيرة الإصلاح السياسي، لأن الأوضاع التي تمر بها البلاد اليوم لا يمكن أن تختزل في إصلاحات اقتصادية فقط. وقالت إن الوقائع لن تجعلنا بريئات من المسؤولية، وأردفت انتصار بالقول يقلقنا الحاجة لتوفر القوت الضروري لكل بيت، وأن يجد كل تلميذ وجبة الفطور، وأن يصل الدعم للمستحقين، وأن تجد الأسر المتعففة عناية خاصة. أما البشير وبعد أن قدم لكلمته دلف للغرض الرئيس من اللقاء وهو التواصل بين القيادة والقاعدة، وقال إن الترتيبات السياسية المنتظرة تأتي في إطار برنامج شامل، فعندما تمر الدولة بظرف يحتاج لجراحة يجب أن تجرى الجراحة، وإلا فإن التأخير يستوجب ثمناً أكبر للحلول، وأضاف أن البرنامج الثلاثي أُجيز من المجلس الوطني وعنوانه تحريك جمود الاقتصاد الوطني، ولكن ما ان تم البدء في تطبيقه «يجو ناس يقولوا ما كلمونا وما شاورونا.. مش كده يا بدرية»، ولفت إلى رفضهم للإعانات الخارجية المشروطة، وقال طريقنا ما مفروش بالورود أو الحلول السهلة، وقبل اتفاق نيفاشا للسلام كان إنتاج النفط «450» ألف برميل «60%» منها للشركات و«40%» للحكومة، وبعد نيفاشا صار النفط قسمة بيننا والجنوب، ولما كان أكثر من «80%» من النفط بالجنوب فقد خسرنا النفط بالانفصال. وقال إن الاتفاق آنذاك كان أن تتحمل الخرطوم ثلث الفاقد من النفط، وأن يتحمل الجنوب الثلث، والمجتمع الدولي الثلث المتبقي، ولكن الجنوب ماطل في تنفيذ الاتفاق إلى أن أغلقوا أنبوب النفط، لاحقاً توصلنا لاتفاق سبتمبر 2012 ومصفوفة مارس 2013م، وعادوا للماطلة ثانية فأنذرناهم بفترة الشهرين وعندما علمنا أن للجنوب إرادة حقيقية لتحسين علاقات البلدين قررنا استمرار تدفق النفط، ويبقى أن فترة المماطلة تلك أفقدتنا رسوم تدفق النفط ونجم عن ذلك ارتفاع التضخم وتدهور سعر العملة وانخفضت نسبة النمو، ولعلاج تلك الأزمة لا توجد لدينا حلول سهلة، ولما كان دعم الدولة للمحروقات وغيرها من السلع يذهب للفقراء والأثرياء في وقت واحد ولدول الجوار أيضاً، رأينا أن الفقراء والمساكين وأصحاب الدخول المحدودة هم أحق بهذا الدعم، وكذلك دعم العملية الإنتاجية وسد الفجوة الاقتصادية. وأضاف نحن نستهلك أكثر مما ننتج ونستورد أكثر مما نستهلك والميزانية تصرف أكثر من دخلها ومعالجة هذه الأمراض سيؤدي للاستقرار. وأوضح الرئيس أن الإصلاحات الاقتصادية يرافقها مشروع إصلاح سياسي، وفتح لأبواب المشاركة للجميع. وحول تضخم الجهاز السياسي قال إن تخفيض «25%» من مرتبات الدستوريين وفرت «06%» من الميزانية، وهو شيء لا يذكر، أما التجنيب فشكلنا له لجنة برئاسة النائب الأول، وجلست لكل الوزارات المتهمة ولم يجدوا فساداً ولكن الناس تعلقوا بكلام علي محمود أن «40%» من مال الدولة خارج سيطرتها، ولما كانت المؤسسات والهيئات هي المعنية بذلك فهي تجنب أموالها بالقانون، لتجد المساحة المطلوبة لأداء مهامها. ولفت إلى أن أية قضية فساد تذهب للمحاكم، وضرب المثل بقضية شركة الأقطان التي هي أمام القضاء وفي هذه القضية بعض من أحب الإخوان إليَّ. أبرز المشاركات كانت من البرلمانية عائشة الغبشاوي التي أمنت على حديث البشير، وقالت إن المرأة تتحمل مسؤولية الوطن والأسرة، وهي إما مطلقة أو مهجورة أو ذات زوج معدد غير عادل، فالإجراءات الاقتصادية تقع على عاتق النساء، لذا فالحال يحتاج لعلاج متكامل، ولا يجب أن يكون العلاج من جانب الشعب الذي يعاني. نحن نريد محاربة كل مظاهر البذخ التي لا تشبه حال البلاد. وطالبت البشير ليكون مثالاً في التقشف حتى يتبعه الوزراء والمسؤولون، أما الفساد فهو موجود، فهناك الكثير من المنافقين والمتملقين والفاسدين والخائنين وأنا أعلم علم اليقين بوجود الكثير من العقودات وراء الكواليس، وهناك الكثير من الممارسات التي يشيب لها الولدان. أثارت كلمة عائشة الحاضرين حتى أن النساء وقفن وهن في حال من التكبير والتهليل حتى أن القائمات على التنظيم طالبن النساء بالجلوس، وأن غلب النقد على كلمة عائشة فإن كلمة سعاد الفاتح حملت نصراً مؤزراً للبشير حتى أنه نهض مرتين من كرسيه في المنصة ليشارك الحضور مهللاً ومكبراً. فسعاد التي خاطبته ب «أبشر يا البشير.. وأنا أمك يا البشير»، قالت نحن في «رقبتنا بيعة لهذا الرجل أن نطيعه في المنشط والمكره» وتحدت أن يكون هناك حزب فيه قيادات وعلماء ورجال ونساء كما في المؤتمر الوطني، وقالت للنساء «انتو ح تقيفوا مع القرارات الاقتصادية دي ولا لا» وأردفت آمرة «كلو يقيف على حيلو» وقالت نحن في محنة «وما بنخليها على رأس إخوانا براهم» ورددت «أنا أختك ياعمر أشيل معاك وأبشر بالخير»، وأضافت سعاد أن رفع الدعم لن يحل المشكلة، فالحل في أن تحارب ربة البيت الاستهلاك، وأقول للبشير إخواتك معاك «كل ده ح يزول ويبقى حكاوي وتبقى المرأة» ما تخافوا «الموت واحد والله واحد» وأصدرت امرها مجدداً «قوموا على حيلكم، أنا أمك يا عمر». في تعقيبه خاطب البشير عائشة بأنهم ما عايشين في أبراج عاجية، وأنهم مع المواطنين في الأفراح والأتراح وغيرها، وقال لها لو عندك أية معلومات عن الفساد وحجبتيها عني فأنا خصمك يوم القيامة.