تثير الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة وانتشار طيران الاستطلاع بكثافة في أجواء قطاع غزة أسئلة ومخاوف كثيرة عن احتمال أن يكون ذلك مقدمة لعدوان إسرائيلي محتمل. واستشهد أربعة من مقاتلي كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» ليل الجمعة في خان يونس جنوب القطاع خلال تصديهم لتوغل إسرائيلي بدأ بسيطاً وسرعان ما تحوّل إلى مواجهة شرسة بين المقاومة وجيش الاحتلال. وقالت كتائب القسام في مؤتمر صحفي أمس إن «أي توغل صهيوني أو عدوان على أرضنا وشعبنا لن يمر دون حساب، وستظل أرض غزة كما كانت دوماً مقبرة للغزاة». وبات سكان القطاع على قناعة بأن غزة مقبلة على عدوان إسرائيلي، ولم يعد السؤال لديهم هل ستكون الحرب؟ بل متى ستكون؟ ويرجع ذلك إلى عودة الحصار المشدد، والتهديدات اليومية بالانتقام من غزة، إضافة إلى التحولات الإقليمية. ويقول القيادي في حركة حماس إسماعيل الأشقر إن العدوان على القطاع لم يتوقف، لكنه يأخذ أشكالاً متعددة وينحسر أحياناً ويشتد أخرى، غير أنه لم يستبعد أن تستغل إسرائيل المتغيرات لشن عدوان جديد. وأوضح الأشقر للجزيرة نت أن «العدو الصهيوني يحاول استغلال المتغيرات الإقليمية ورغبة بعض الأطراف العربية في الانتقام من حماس وغزة» لتحقيق أهدافه، مشيراً إلى أن التوغل الإسرائيلي في خان يونس جاء لجس نبض المقاومة. وأوضح أن إسرائيل تفاجأت من قدرات المقاومة وتصديها لتوغل قواتها بشراسة، مبيناً أن المقاومة متنبهة إلى ما يجري وما يفكر به الاحتلال. وذكر الأشقر أن حديث كتائب القسام في مؤتمرها الصحفي وعملها على الأرض عبارة عن مجموعة «رسائل وصلت للأطراف المعنية، مضمونها أن غزة لن تكون لقمة سائغة وأن حرب التجويع والظلام الممارسة لن تدوم طويلاً». ويشاركه الرأي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل الذي قال إن المقاومة «لا تستبعد من العدو الصهيوني أي شيء»، مشيراً إلى أن التهديدات الإسرائيلية والتوغلات قد تكون إرهاصات لعدوان جديد. ورغم ذلك أكد المدلل في حديث للجزيرة نت أن الاحتلال سيحسب ألف حساب قبل أن يشن حرباً على القطاع، ففي عدوانين سابقين لم يستطع كسر إرادة المقاومة، وهو يعلم أن المقاومة تستطيع الآن فعل ما لم يكن ممكناً في أوقات سابقة. وشدد القيادي في الجهاد على أن كل أذرع المقاومة على أتم الاستعداد للتعامل مع المتغيرات والرد على أي اعتداء إسرائيلي، مؤكداً في الوقت ذاته أنها تملك «القدرة على ردع الإجرام الصهيوني». من ناحيته قال الكاتب في صحيفة فلسطين المحلية حسام الدجني إن الأجواء والتصريحات والسلوك الإسرائيلي سلوك حرب لكن ذلك يدخل في إطار الحرب النفسية، متحدثًا عن وجود عوامل متباينة، بعضها قد يساعد على شن حرب جديدة، وبعضها الآخر قد يمنعها. وأضاف الدجني للجزيرة نت أن إسرائيل تخشى قوة المقاومة وقدرتها على إطلاق صواريخ تؤثر على جبهتها الداخلية وتثير المجتمع الإسرائيلي ضدها، مضيفاً أن الاحتلال لم يجن من حربين على غزة أي إنجاز. وأشار إلى أن إسرائيل ربما تراهن على تحرك داخلي فلسطيني يحقق أهدافها بضرب قوة حماس وزعزعة وضعها، في إشارة إلى ما تسمى حركة تمرد بغزة والتي تعد للخروج في مظاهرات ضد الحكومة المقالة التي تقودها حماس. بدوره أكد المحلل السياسي الدكتور حاتم أبو زايدة أن توتر الأوضاع وازدياد الاعتداءات الإسرائيلية لا تشي بأن هناك عدوانًا وشيكًا على القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإقليمي لا يشجع على القيام بهذا العدوان. وقال أبو زايدة للجزيرة نت «هناك خشية لدى الاحتلال من أن عودة الحصار المشدد، وتغير الأوضاع في المنطقة، وإغلاق الأنفاق ومعبر رفح سيؤدي إلى تفجر الأوضاع باتجاه إسرائيل سواء بشكل عفوي أو مخطط». وأشار أبو زايدة إلى أن «إسرائيل تبدي استعدادها لمثل هذا الانفجار»، مبرزًا أن الإدارة الأميركية أيضاً غير معنية بأن تكون هناك حرب ضد القطاع خشية التأثير على المفاوضات التي دُفعت بقوة للشروع فيها رغم أنها لم تحقق أي شيء.