حوار: المقداد عبد الواحد تصوير: متوكل البيجاوي كان وما يزال نجماً من نجوم فرقة الأصدقاء المسرحية وقبل ذلك رائدًا من رواد الدراما والمسرح في السودان أثرى قطاع الدراما والمسرح بالروائع من خلال أعمال فنية متميزة كتابة وتمثيلاً وإخراجاً جلست إليه «نجوع» وناقشت معه واقع المسرح في السودان وما يعانيه من أزمات وعدم اهتمام الدولة بهذا القطاع الهام هذا وغيره في هذا الحوار التالي مع الكاتب المسرحي والممثل والمخرج الأستاذ مصطفى أحمد الخليفة. ٭٭ كلما حل اليوم العالمي للمسرح تحسّر المسرحيون على المواسم المسرحية فأصبح احتفالاً بطعم البكاء؟ نعم يحتفل العالم بأسره باليوم العالمي للمسرح وتضاء الخشبات وتفتح الأبواب مجاناً للجمهور ويأتي هذا الاحتفال في جميع أنحاء العالم بعد عام حافل بالعطاء المسرحي والدرامي، أما اليوم العالمي للمسرح في السودان فيكون مختلفاً عن تلك التي في باقي العالم حيث تعرض أعمال مسرحية لكن من دون أن يكون هناك عطاء متواصل خلال العام على مستوى المسرح وإنما عروض متناثرة هنا وهناك. ٭٭ الفرق المسرحية عمرها قصير.. وأنت عضو في فرقة الأصدقاء المسرحية التي نجدها إلى حد ما حافظت على استمراريتها؟ فرقة الأصدقاء فرقة قدمت وما زالت تقدم للدراما والمسرح ولها تاريخها الذي يشهد بذلك رغم قلة النشاط والحال العام السائد في دنيا المسرح السوداني والركود الذي يعيشه والتعثر الذي تواجهه الأعمال المقدمة والفرقة الآن موجودة فعلياً في الساحة المسرحية وتقدم أعمالها سواء كمجموعة أو كأفراد وحالياً نسعى لإيجاد نص مسرحي لايقل تميزاً عن آخر العروض التي قدمتها الفرقة وكان تحت عنوان «دش ملك».. والمشاهدون موعودون قريباً بإذن الله بالجديد المتميز من العروض المسرحية من فرقة الأصدقاء وما ينطبق على فرقة الأصدقاء ينطبق على بقية الفرق والجماعات المسرحية ولأن العرض المسرحي يكلف كثيرًا وتبعاً للحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وبالقطع الحركة المسرحية جزء منها، كما أن دور العرض المسرحي في السودان تعاني؛ وغير مؤهلة لاستقبال عروض وتقديم خدمات تلبي حاجة الجمهور المتلقي للمسرح أو الدراما. ٭٭ ماهي الأسباب التي تؤدي إلى تفكك الفرق والجماعات المسرحية؟ الأسباب كثيرة أولها أن هذه المهنة طاردة وإذا اعتمدت عليها لكي تعيش منها لن تستطيع وإذا حاولت أن تمتهن مهنة أخرى بجانبها فلن يسمح لك الوقت بذلك نسبة لأن العمل المسرحي يستحوذ على جل وقتك وأحياناً كل وقتك كما أنك لو امتهنت مهنة أخرى سوف يقل نشاطك المسرحي، وبين هذا وذاك يكون التشتت والذي يؤدي في النهاية إلى التفكك أضف إلى ذلك أن المناخ المسرحي في السودان غير ملائم وليس مهيأ بالدرجة الكافية والتي تعين على الإبداع والإنتاج؛ وكثيراً ما يتهمنا الجمهور بأننا دائماً نشكو حالنا! ولكن أقول لهم إن هذا هو الذي يحدث والمسرحيون في السودان يريدون تقديم عروض متميزة وفريدة ولكن كثيرًا ما تقف التكاليف الباهظة للإنتاج حجر عثرة أمامهم كما أن الأوضاع التي تعيشها البلاد من حروبات ونزاعات تلقي بظلالها على المشهد المسرحي السوداني ولم تسلم منه بقية القطاعات فكل المهن تشكو من تردٍ وضعف، ولانستطيع أن نفصل مبدع المسرح والدراما عن مجتمعه وما يدور فيه ولكن رغم كل هذه الظروف التي ذكرتها فهناك إنتاج وإبداع وكما يقولون «الجود بالموجود» وليس بالإمكان أفضل مما كان. ٭٭ هل نعاني أزمة موهبة أم إنتاج أم مشاهدة؟ لايخلو الكون كله من مواهب والسودان لايعاني من أزمة مواهب كما أنه يتميز بجمهور ومتلقي قادر على التمييز بين ماهو إبداع وماهو غير ذلك، ويكاد يكون كل الشعب السوداني فنان، فالمواهب موجودة في شتى ضروب الفنون ومنها المسرح فقط ينقصنا التدريب وبعض المهنية والتجربة العالية نسبة لقلة المنتج في السودان والذي كثيراً ما يكون متقطعاً على فترات هذا جانب، والجانب الآخر هو ما يتعلق بالتمويل حيث إن الدراما في كل العالم أصبحت صناعة لها مقوماتها من كادر بشري وأموال وأسواق، وفي السودان ما زالت درامتنا محصورة فينا؛ ولم نستطع أن نسوقها إلى الآخرين لأسباب كثيرة جدًا منها أنه لم تكن هناك خطة أو إستراتيجية واضحة لتمرير الدراما السودانية إلى الخارج وهذه أزمة موجودة منذ فجر الاستقلال ولم يتم تفعيل التبادل الثقافي بما يكفي فيما يلي الدراما السودانية حتى يعرفنا الآخر ونحن في السودان وفيما يخص المسرح والدراما لانقل أبدًا عن باقي الدول فقط ينقصنا التمويل وهذا بشهادة الآخرين فقط ينقصنا بعض الشيء الخبرة والتدريب باعتبار أن الدراما التلفزيونية معقدة أكثر من غيرها. ٭٭ نحن في السودان لا نملك رؤية واضحة في ما يخص المسرح ورسالته؟ قبل أن تتبعثر المواسم المسرحية كنا نملك رؤية واضحة عن ماهية رسالة المسرح وكانت هناك مواسم مسرحية ملتزمة تجاه المشاهد على كل المستويات وكان الموسم المسرحي مدفوع الثمن كاملاً من الدولة قبل أن ترفع الدولة يدها عن إنتاج العمل المسرحي والدرامي حيث كانت المواسم المسرحية مستقرة حتى منتصف الثمانينيات تقريباً ورغم أن دار العرض كانت واحدة وهي المسرح القومي ولكن كانت تفي بحاجة المشاهد، أما ما يقوم به القطاع الخاص من إنتاج مسرحي فهو قفزة في الظلام ليس إلا باعتبار أنه يمكن أن ينجح كما أنه يمكن أن يفشل وحينها تكون الخسائر الفادحة والأمثلة كثيرة في ذلك وعلى الدولة أن تلعب دورها في دعم وترقية العمل المسرحي والدرامي كما أنه تقام بعض المهرجانات والتي اعتبرها مظاهر احتفالية وليست حياة مسرحية متكاملة ومستمرة حيث كان الموسم المسرحي في السابق يحتوي على الأقل «10» عروض ويبدأ الموسم في أكتوبر وينتهي في يونيو من كل عام وبدأ أول موسم مسرحي في العام 1967م في عهد الرائد المسرحي الأستاذ الفكي عبد الرحمن «رحمة الله عليه» ولا توجد إستراتيجية واضحة للعمل المسرحي في السودان وما يحدث الآن هو اجتهادات من مسرحيين وقطاع خاص ومجهودات قليل من المسؤولين المدركين لرسالة المسرح. ٭٭ ما هو السبيل للخروج بالمسرح السوداني من أزماته؟ السبيل إلى ذلك يكون بأن تقتنع الدولة بأن أهمية العمل الفني والثقافي لا تقل أهمية من الغذاء والدواء والكهرباء والماء وكافة الاحتياجات وفي ظل عدم وجود هذه القناعة بالضرورة لا وجود لمسرح أو دراما أو ثقافة أو فنون، كما أن المسرح هو رائد التغيير في العالم لذلك على الدولة أن تهتم بالمسرح وأن لا يكون هذا الاهتمام بين الفينة والأخرى أو لأجندات سياسية محددة ويجب أيضاً أن يتم تأهيل دور العرض المسرحي بشكل يجعلها معينة على إنتاج العمل المسرحي وجاذبة ومريحة للمتلقي.