أكد صندوق النقد الدولي أن حكومة السودان يمكن أن تقلل حدة الإجراءات الاقتصادية الأخيرة بخفض الإعفاءات الضريبية على المستثمرين وتأجيل المشروعات العامة، وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السودان إدوارد الجميل في تصريح لصحيفة «بلومبرغ بيزنزويك» الأمريكية نشر أمس، إن الإعفاءات الضريبية التي تقوم بها حكومة السودان تجاه المستثمرين لا يحتاجون إليها، وإن ذلك يمكن أن يساعد ذوي الدخل المنخفض بالبلاد، مشيراً إلى أن الإصلاحات الاقتصادية يمكن أن تجرى بدون أن تخلق مشقة على الفقراء. وأضاف أنه في جانب الإنفاق الحكومي يمكن تأجيل الإنفاقات غير ذات الأولوية، مثل تجديد المباني والتركيز أكثر على أهمية تنمية الجانب الاجتماعي، بجانب توسيع شبكات الأمان الاجتماعي. الى ذلك دعا صندوق النقد الدولى، السودان، إلى ضرورة تطبيق حزمة شاملة من التدابير المالية والنقدية، التي تعزز إطار السياسة النقدية، وتحسن فعاليتها، وشدد على أنه ينبغي دعم السياسة النقدية من خلال سياسة مالية حكيمة. وقال الصندوق، في تقرير حديث، إن ما يعوق إطار السياسة النقدية في السودان هو هيمنة السياسة المالية والاعتماد على البنك المركزي في تمويل العجز في الميزانية، موضحًا أن السودان بحاجة إلى برنامج شامل لتحقيق الاستقرار يضم ضبط أوضاع المالية العامة، يقابله تخفيض في تمويل البنك المركزي للعجز، ما يؤدي إلى تحقيق خفض دائم في ارتفاع معدل التضخم الحالي. وذكر صندوق النقد الدولي في التقرير، الذي حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه، أن هناك حاجة إلى إصلاح النظام النقدي والمالي لتعزيز إطار السياسة النقدية، كما أن البنك المركزي بحاجة إلى تفويض واضح، من أجل الاستقلال العملي، وإرساء المحاسبة لمتابعة استقرار الأسعار، ومن شأن تحسين الشفافية في تسيير، وتقييم السياسة النقدية جعل آلية انتقال النقد أكثر فعالية. واعتبر الصندوق، أن تطوير الأدوات الكافية لتداول المال في السوق والتسهيلات الائتمانية للبنك المركزي، ضروري لتخفيف ضغوط التضخم وتحسين فعالية السياسة النقدية، وإدارة السيولة لدى البنوك، كما ينبغي إيلاء أهمية لقضية توحيد أسعار الصرف المتعددة، حيث سيوقف التوحيد استفادة البعض من أسعار الصرف التفضيلية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد كبح الضغوط التضخمية. ويشير التقرير، إلى أن السودان يواجه تحديات صعبة في إدارة سياسته النقدية بعد انفصال الجنوب، حيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بعد هذه الصدمة الدائمة، حيث اتسع العجز المالي بسبب فقدان عائدات النفط، والتأخير في تصحيح الأوضاع المالية العامة. وذكر أن تسييل العجز المالي، أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، الذي وصل إلى «47.8%» في مارس «2013».وقال صندوق النقد الدولي، إن فهم آثار السياسة النقدية على المتغيرات الاقتصادية الكلية «مثل الإنتاج والعمالة والأسعار»، والقنوات التي يتم من خلالها نقل هذه الآثار، هو أمرٌ حاسم لصياغة السياسات، وتنفيذها بشكل فعال في الوقت المناسب وضمان الاستقرار المالي الكلي. يذكر الصندوق، أنه مع وجود نظام مصرفي إسلامي متكامل بالبلاد، فإن إطار السياسة النقدية يفتقر إلى الأدوات الكافية للعمليات النقدية، وإدارة السيولة والتمويل غير التضخمي لأوجه العجز الحكومي، وفي ظل إطار سياسة نقدية فعالة، فإن البنك المركزي يستخدم الأدوات القائمة على الدين في سوق المال بين البنوك وسوق الأوراق المالية الحكومية لحقن أو امتصاص تدفق السيولة من البنوك. وذكر الصندوق، أن التوقعات المستقبلية للاقتصاد السوداني تخضع لمخاطر كبيرة، وأن الخطر الرئيسي يتعلق بالتحول الاقتصادي والسياسي الذي يستغرق أمدًا طويلاً خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في عام 2015، والصراعات الأهلية الإقليمية غير المستقرة التي يمكن أن تؤدي إلى إضعاف النمو وارتفاع معدلات التضخم.