خطر داهم يواجه المواعين الاقتصادية بالسودان بعد تطبيق المملكة العربية السعودية لقانونها الذي أخضع كل العمالة الموجودة بها إلى توفيق أوضاعهم ومشاهد مزرية عرضها الإعلام العربي لسودانيين مقيمين بطرق غير شرعية في المملكة طالتهم إجراءات تجفيف الحكومة السعودية لأراضيها من الوجود غير الشرعي، وآلاف السودانيين في طريقهم في غضون أسابيع لأرض السودان. فبعد انتهاء فترة السماح التي أمهلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتصحيح أوضاع الأجانب بالمملكة العربية السعودية حيث يخص القرار كل فئات الأجانب بالمملكة ولا يخص فئة بعينها الذي صدر في أبريل من هذا العام، والذي يلزم العمالة الأجنبية في السعودية بتوفيق أوضاعها أو مغادرة البلاد في موعد أقصاه الثالث من يوليو، والذي نتج عنه عودة آلاف السودانيين خاصة أن القرار كان إيجابياً من حيث أنه منحهم العديد من الإعفاءات والغرامات المالية، خاصة الذين انتهت فترة إقاماتهم وللهاربين من كفلائهم، بجانب الاستفادة من ميزة العودة النهائية بجانب الفوائد التي تعود على الذين يستطيعون توفيق أوضاعهم. ومن هنا ينطلق التساؤل: ماذا أعدت الحكومة لاستقبال مواطنيها العائدين من السعودية وهم لا يملكون إلا العزيمة والتوكل على الله.. وهل لحكومتنا خطة لاستيعاب العائدين أم ستتركهم لمواجهة مصيرهم؟ وما حملته الأنباء عن ترحيل السلطات بالمملكة ل «600» سوداني مخالفاً لشروط الإقامة فيما ينتظر «200» ألف آخرين الإبعاد النهائي للسودان بعد اتصالات تمت بين الخرطوم والرياض بشأن توفيق أوضاع السودانيين المخالفين لشروط الإقامة للمهلة التصحيحية بالسعودية، يعد تحدياً جسيماً يواجه الدولة والمغتربين السودانيين على حد سواء، فهي قضية لم يحسب لها حسابها وقد تغافل عنها جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج وهم أهل العلم والدراية بمشكلات المغتربين، كما لم يحسب حسابها معظم المغتربين. وتحت ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وبعد زيادة الضريبة على مدخلات الإنتاج وعدم مقدرة الحكومة على دفع أجور العمالة الموجودة، ومن هذا المنطلق يمكن للدولة أن تستفيد من جزء قليل منهم، ولكن الغالبية العظمى من المغتربين لن تستطيع الدولة استيعابهم في الوظائف كما أنهم غير مؤهلين لدخول سوق العمل كمستثمرين، فهم أفقر بكثير من من بالداخل ولا يملكون أبسط الاحتياجات الضرورية للإقامة ببلدهم، وهي الفئة الأكبر حجماً. وحول ذلك وصف المحلل الاقتصادي البروفيسور عصام الدين بوب في حديث سابق ل «الإنتباهة» الوضع الاقتصادي السوداني بأنه في حالة انهيار تام ولا توجد خطط لإصلاحه، وقال إن مأساة السودانيين العائدين من المملكة العربية السعودية قسراً لا تهم أحداً من المسؤولين، ولا توجد أي خطط لمساعدتهم، وأشار بوب إلى أن أثر عودتهم على الاقتصاد سيكون سلبياً على سوق العمل وزيادة تراكم العطالة في البلاد. كما يرى مراقبون بضرورة تقديم حزمة من النصائح والتدابير الواجب اتخاذها على خلفية التداعيات التي خلفتها القرارات السعودية بتوفيق الأوضاع قبل حلول الثالث من شهر يوليو القادم، مشدداً على ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها كاملة تجاه العائدين قسراً. كل الدلائل تؤكد أن الحكومة السودانية لم تعر اهتماماً للسودانيين العائدين أو المرتقبة عودتهم، لانشغالها بهمومها الاقتصادية وليس لها اتجاه في الوقت الحالي لتوفيق أوضاع العائدين، خاصة وأنها ستشكل عبئاً حيث أن الدولة تحتاج إلى توفير فرص عمل لهم في وجود سوق عمل ضيق وجامد تنعدم فيه المرونة، كما أن عودتهم لن تؤثر على الاقتصاد السوداني لأن المغتربين لن يدعموه من خلال قنواته الرسمية، ومن العادة أنهم يحولون أموالهم عبر الأسواق الموازية، لذلك ليس هنالك أثر على الاقتصاد لأنهم ليست لديهم تحويلات.