ما يدور داخل دهاليز النظام الحاكم وحزب المؤتمر الوطني في الآونة الأخيرة من أحداث، تجعل القارئ للساحة السياسية والاقتصادية يجهر بالسؤال عن أهم الأجندة التي سيناقشها المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني المنعقد غداً، في ظل الظروف الراهنة والاهتزازات التي حدثت داخل هياكله المتعددة. فقضية الإصلاحيين لم تبرح مكانها ولم يتم الفصل فيها باجتماعه الأخير في السادس من هذا الشهر، والذي انصب نقاش مجلس شورى الحركة الإسلامية فيه حول قضية تجميد العضوية والتوصية بفصل قادة التيار الإصلاحي بحزب «المؤتمر الوطني»، بعد دفعهم بمذكرة لرئيس الجمهورية بعد الاحتجاجات الأخيرة وأحداثها المؤسفة، ومطالبتهم بإلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات، والسعي لإيجاد معالجات سياسية واقتصادية أخرى تتصدى لها الحكومة والحزب، والذي كانت نتيجته إعلان الإصلاحيين نيتهم الخروج عن المؤتمر الوطني وتشكيل حزب جديد. إذن هل اجتماع مجلس شورى الوطني لمناقشة أداء الجهاز التنفيذي والإداري والسياسي والتنظيمي للحزب، بجانب تقرير لمجلس الشوري القومي سيتم فيه عرض قضية الإصلاحيين على المجلس في ذات الاجتماع؟ أم أن المساعي لاحتواء الأزمة وتأجيل مناقشة قضيتهم تحاشياً لصدور أي قرارات بالفصل ستنجح؟ وعند النظر لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية نجد أنها نجحت في دفع حزب المؤتمر الوطني إلى التعجيل بإعلان عزمه تشكيل حكومة جديدة تعالج ما تعانيه البلاد من تدهور، والتي يرى بعض المراقبين للوضع الاقتصادي أن الحكومة ظلت تعتمد على سياسات مالية دون التفكير في سياسات اقتصادية حقيقية تسهم في إيجاد تعديل بالميزان التجاري، وأن ارتفاع معدلات التضخم نتيجة حتمية لزيادة أسعار المواد البترولية، وزيادة الضرائب التي تبعت الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، والتي تحتم ضرورية تبني إصلاحات اقتصادية حاسمة.. ورغم اقتراب إعلان الحكومة لتشكيلها الجديد والذي قطعه النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه بأنه لن يتجاوز الأسبوعين، إلا أن الوطني لا يزال يعاني مشكلات في تعدد منابره، والتي وصفها سياسيون ب «المرتبكة» وأنها ملهاة سياسية ليس إلا.. الجانب الأكثر خطورة وضبابية يتمثل في نأي الأحزاب المعارضة بنفسها وقطعها بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة باعتبار أنها لن تكون ديمقراطية وسيتحكم بها الحزب الحاكم، ورهن حزب الأمة القومي مشاركته فيها بتوافق الأحزاب السياسية على حكومة انتقالية لمعالجة الأزمات الوطنية الراهنة وتشكيل حكومة قومية انتقالية وفق برنامج يتفق عليه الجميع، ولكن التسريبات التي خرجت إلى سطح الأحداث عن حوارات سرية وجهرية يقودها الوطني مع حزبي الشعبي والأمة القومي والتي رغم نفيها لها إلا أن المتابعات والإرهاصات تؤكد أنها حوارات حقيقية.. هذه الارهاصات حدت بالكاتب الصحفي فضل الله رابح للإشارة إلى أن أحزاب المعارضة في الوقت الراهن هي بحاجة إلى علاج ذاتي وإزالة الإجهاد البدني الذي تعانيه هياكلها، وهذا يقودنا والحديث لرابح إلى ضرورة الإجابة عن السؤال الملح في هذه المرحلة: أيهما أولى؛ البحث عن مشاركة الأحزاب والقيادات السياسية، أم هيكلة الدولة ونظام الحكم والدستور الدائم الذي يحتكم إليه الجميع؟ كما نجد أن القضايا المعلقة ما بين السودان والجنوب ما زالت قيد المباحثات ولم تتضح فيها رؤية قاطعة تحسمها، والتي من المؤكد أن اجتماع مجلس الشورى لا يستبعدها من أجندته.. إذن تتكامل كل الرؤى حول ما هية القضايا التي ستُناقش خلال اجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم، والتي تتقاطع جميعاً في أنها ذات صلة وثيقة ببعضها لا انفصال فيها، والتي يؤكد بعض المحللين أنها تتطلب رؤية واضحة لتغيير أسلوب إدارة الدولة وليس التغيير في وجوه الأفراد لأنه لن يأتي بجديد بل عبارة عن تبادل للمناصب بين نفس الأشخاص الذين انتجوا الفشل سياسياً واقتصادياً. والضرورة الملحة التي تعلو على كل شيء، استعادة ثقة المواطن واحترامه ومن ثم تطهير الصف وخلق مناخ للثقة بين القيادة والقاعدة وتفكيك مراكز القوى والتحالفات المصلحية والجهوية، فإن تباطأت الخطى نحو الإصلاح سيفقد الحزب تماسكه وحينها تعلو الأصوات أكثر منادية بالتغيير!!