فرح المسلمون في الأرض بإطلاق سراح اكثر من ألف أسير من جملة أحد عشر ألف أسير يعيشون في ظلمات سجون اليهود، منهم نساء وأطفال في صفقة متميزة أدت الى تسليم الجندي الصهيوني شاليط بعد ست سنوات من أسره. والحدث المثير يدل دلالة واضحة بينة أن طريق الجهاد في سبيل الله ومقاومة المغتصبين لأرض المسلمين فلسطين هو الطريق الوحيد لتحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر ولا طريق غيره أبداً. والذي يتعمق في دراسة العقيدة الدينية لليهود يدرك بكل يسر أن تعذيب الأسرى والإهانة والإساءة والقتال والغدر من صميم هذه العقيدة الفاسدة المنحرفة، بل سلوك اليهود مع الأسرى بالذات ينم عن الحقد والكره والضغينة وكلها صفات قبيحة ونعوت ذميمة ولكنها عندهم ثقافة وفكر وعادة وتقاليد، بل التعذيب في المفهوم اليهودي عبادة ودليل إخلاص وولاء، فمن لا يمارسه ضد من يقع في يدهم أسيراً أو سجيناً لا يكون مخلصا لدولة الكيان الصهيوني العنصرية، ولا عاملاً مخلصاً من أجل تحقيق حلم اليهود في أرض الميعاد بزعمهم. وشاءت إرادة الله أن تكون فلسطين المسلمة أرضا للجهاد والصبر والمصابرة وأرض رباط، ومع هذه المشيئة ارتبطت أنظار العالم بالتطورات التي تحدث لكل ما يتعلق بهذه القضية من أرض وإنسان ونبات وجماد. وقضية فلسطين تحفل بالمستجدات الثرة التي يمكن لشعوب الأرض أن تتعلم منها، كيف لا والقضية الفلسطينية هي قضية الكون، فحولها يدوزن الإعلام ولها تتحرك الأمم والمنظمات العالمية، ولأحداثها الدامية تنفطر القلوب أسى لما يحدث للإنسان فيها. إن هذه القضية تستحق منا أن نحكيها ونمثلها ونعلمها ونتعلم منها حتى تنشأ أجيال لنا قوية عزيزة تستمد قوتها من الله عزَّ وجلَّ، ومن رباط وثبات أرض فلسطين الصابرة. ونحن في السودان فرحنا لنيل هؤلاء الأسرى لحريتهم بعد طول تغييب جائر وراء جدران السجون، ولكن الفرح لن يتم إلا إذا قمنا بواجبنا نحو الأسرى وأسرهم وزوجاتهم وأبنائهم وآبائهم. جمعية أنصار الخيرية التي عمرها يتجاوز الأحد عشر عاماً، مؤسسة شعبية تمثل جميع مكونات الشعب السوداني المسلم أمام فلسطين، تنزيلاً لقول الحق تبارك وتعالى «والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون»، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم» وإيمانا منا بأننا جسد واحد وأن أرض فلسطين وقف للمسلمين جميعا لا أرضاً خاصة للفلسطينيين ولا حتى للعرب، فمن هذا الفهم العقدي الواضح علينا جميعاً أن نمد جسر الإيمان والخير والبركة بين الشعبين. لذا فإن عبء توصيل رسالة فلسطين الى أهل السودان يعد محوراً أساسياً من محاور عمل أنصار الخيرية، وانطلاقاً من هذا المبدأ فقد رغبت جمعية أنصار الخيرية في اطلاق حملة «انصر أخاك الأسير»، حتى نجعل ابن السودان يتحرك ويستفسر ويتساءل عن هذا الأخ المطلوب نصرته، وحتى تصل هذه الحملة إلى أكبر عدد ممكن من فئات وشرائح المجتمع السوداني لا بد من حملة إعلامية قوية فاعلة تتعدد صورها ومخرجاتها. وتتعدد صور الآمال والآلام والمآسي في فلسطين، فهي قضية زاخرة بصور وحكايات ومعاناة تتمثل في الشهداء و اللاجئين والأسرى والمعوقين والمهجرين داخل فلسطين، وهدم المنازل ونهب المياه، وموقوفين عن العمل ومصادرة الأراضي والأملاك وتشويه التاريخ والاعتداء على المساجد وبالذات الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وتجريف القبور والتفنن في قتل الأطفال والقضاء على ابتساماتهم وغيرها من الممارسات التي هي من أفعال شياطين الأنس اليهود. وحملة الجمعية هذا العام تهدف للوقوف مع الأسرى والمعتقلين في سجون الصهاينة حتى ترتبط فيها معاني الإنسانية والدين والأرض والتاريخ والمجتمع والأسرة والمدرسة والعلم والدعوة والتأهيل والإنتاج. ذلك لأن موضوع الأسرى في السجون اليهودية قد بات موضوع الساعة ليس على مستوى العلم العربي والإسلامي فحسب، بل على مستوى العالم أجمع، لأن القضية باتت قضية إنسانية تهم كل إنسان سوي يعشق العدل والحرية في الأرض . وتهدف الحملة إلى تعريف شعبنا بأشكال المعاناة للأسرى الفلسطينيين في السجون اليهودية، وحث الناس كل الناس على العمل على توفير الدعم المادي والمعنوي والحقوقي للأسرى وأسرهم في سبيل إيجاد حل عادل لقضاياهم ومعاناتهم. إننا في جمعية أنصار وبخبرتنا الطويلة مع الشعب السوداني، نعلم أنه شعب قلوبهم تجيش بشعور البر والعطف والخير، ووفي لتكاليف العقيدة من إيثار على النفس، فهو يتمثل في مثل هذه المواقف بقوله تعالى: «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً». ونحن على ثقة أن هذا الشعب الوفي لدينه سيقف بكل طاقاته مع حملة «انصر أخاك الأسير» رغبة في رضاء الله ورهبة من التقصير والقصور في حق إخوان لهم.