قبل أن يعرف الناس معنى الموسيقا والألحان المنبعثة من آلة العود كانت حركة الغناء تشهد آلاتاً موسيقية على شاكلة الرق والصفارة والإيقاع. بحلول العام 1941م، عرف الناس آلة العود التي كان استخدامه في محيط ضيق. في منتصف العام 1948م، ظهر في سماء الفن الغنائي الموسيقار برعي محمد دفع الله في ظهور لافت لفتى صغير يقوم بالعزف على آلة العود بصورة جعلت جميع من استمع لعزفه على هذه الآلة يتيقّن من مستقبل باهر لهذا الفتى المدهش. استمد برعي دفع الله من الجو الذي عاش فيه وتربى به. القدرة على العيش في رحاب الفن الغنائي. فقد كانت دار أهله بحي الموردة قريبة المسافة من منزل الفنانين التوم وإبراهيم عبد الجليل وهما شقيقان من مغني عصر الحقيبة الغنائي. وكذلك كانت ليالي الغناء ببيوت الأعراس باعثاً له للسير في طريق الفن والعزف على آلة العود. كان الحي العريق أيامها يضم أساطين الفن الغنائي. الكاشف الذي سكن وعمل نجاراً بسوق الموردة والفنان الذي انطلق بسرعة الصاروخ أيامها عبد الدافع عثمان، مع وجود الفنانين الفاضل أحمد وحسن بريمة. وسط هذا الجو الفني والغنائي والذي مزج بليالي الذكر الصوفي المنبعث من جامع الأدارسة وليالي تلاوة آي الذكر الحكيم. مما شكل بعداً صوفياً ممزوجاً بآفاق تحولات واضحة لدى الفتى في ولوج عالم الفن الغنائي والألحان. فكان أن قيض الله له خالد محمد الأمين الذي كان يجيد العزف على العود. فتعلّق بهذه الآلة الساحرة وهو ابن العشر سنوات. حزق برعي دفع الله العزف على العود في فترة قصيرة. فظل لصيقاً بهذه الآلة حتى أقبل العام 1948م وهو العام الذي تمكَّن من الظهور كعازف متقدم الأداء على هذه الآلة. كان برعي على موعد مع أقدار سماوية غاية التدبير والنظم. تعاون مع الفنان عبد العزيز محمد داود في عدد من الأغاني كانت شلالاً من الألحان. حاز على جائزة روما للمقطوعات الموسيقية عام 1955 بإيطاليا كذلك ألّف مقطوعة ملتقى النيلين. يعتبر برعي محمد دفع الله من أبرع الموسيقيين الذين مروا على تاريخ الغناء السوداني وأشهر عازفي آلة العود. تعتبر أغنية «أحلام الحب» للشاعر محمد عبد الله الأمي هي الأغنية الأولى التي يقوم برعي بتلحينها للفنان عبد العزيز محمد داؤد. زرعوك في قلبي يا من كساني شجون وروك من دمي يا اللادن العرجون وتتالت ألحانه لأبو داؤد فكانت «عذارى الحي» «أريج نغمات الشمال» لمبارك المغربي. وشكلت أغنية «الوصية» للفنان محمد وردي واسطة عقد ألحانه الشجية، زائداً إبراهيم عوض «أعز مكان وطني السودان» و«أهداني وردة» لمنى الخير. ومن مقطوعاته الموسيقية «جنى الماماو» «مارشال الحرية» «فرحة شعب» وأثناء عمله موسيقياً رائداً بالإذاعة السودانية تمكن من الارتقاء بالموسيقى، وجعل لجنة الموسيقى بالإذاعة لها دور واضح في تطوير الموسيقى والغناء في البلاد.