سهام محمد شابة في العقد الثاني من عمرها التقت صلاح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستمرت هذه العلاقة لما يقارب السنتين بعد المكاتبات ورسائل الهاتف وهو أقرب وسيلة تواصل. مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وخدمة البي بي إلى الواتساب، الفايبر، الفوكسر، وغيرها الكثير، كلها وسائل ما زالت تطبق عبر الهاتف أيضاً، لكن بكلفة أقل مع إمكانية بعث الصور ورؤية الشخص الآخر، ما جعل تكوين العلاقة أسهل بكثير من ذي قبل. عدد من الآراء المؤيدة و المعارضة لمثل هذه العلاقة وقصص نتيجتها كانت الزواج وأخرى كان مصيرها الفشل. المواقع لا تعبر عن المشاعر سعاد مصطفى موظفة في كبرى الشركات الهندسية وتبلغ من العمر «37» عاماً كانت لها تجربة مصيرها الفشل عبر تلك المواقع فتقول «لدي الكثير من الصداقات التي أنشأتها عبر «الفيسبوك» و«الواتساب»، من خلالها تعرفت إلى شاب وكنا نتواصل لمدة ثلاثة أشهر على «الفيسبوك»، قبل اللقاء الأول، أُغرم بي وكنت أنا أبادله المشاعر نفسها، لكن بعد لقاءات متعددة ازداد غرامه بي، في حين أنا لم أتقبّله كثيراً، فانفصلنا بعد ثلاثة أشهر، بالتالي أعتقد أنه ليس بالضروة نجاح هذه الطريقة لأن اللقاء أهمّ بكثير من الكلام الذي لا يبيّن صدق أو كذب المشاعر». البديل للعلاقات الإنسانية وفي ذات السياق ترى الحاجة نعمات محمود النور البالغة من العمر «55» عاماً » استاذة بالمعاش «ان هذه العلاقات مصيرها الفشل بل ترفضها رفضاً قاطعاً لهذا النوع من العلاقات، وتقول «وأنا لا أسمح لابنتي بأن تقيم علاقة عاطفية عبر شاشة، لأنها لن تكتشف صدق الرجل أو كذبه من خلالها، والمؤسف أن التكنولوجيا أصبحت اليوم الحلّ البديل للعلاقات الإنسانية جميعها، فبالتالي ما عاد للحب قيمته كما كان في السابق، والحب والارتباط شيئان مقدسان لا يمكن أن يبنى على كلام فحسب، بل له أسس عميقة وأساسية لا يمكن إغفالها، لذا إن أراد الشخص الارتباط يجب أن يتمّ ذلك بطريقة صحيحة مبنية على العشرة والإحساس، لا على كلمات تكتب باليد، ولا يفهمها القلب، والحب لا يبنى فقط على كلام بل على تصرّفات ومعاملة وهذا مفقود في الشات». فشلها أكثر من نجاحها ويقول الاستاذ سعد ابراهيم «محامي» الانفتاح على المجتمعات الأخرى بات سمة المجتمع، فوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا صارا المتحكم الرئيسي بكل أمور حياتنا بل اليومية، لذا لا يمكننا الاستغراب في شأن العلاقات التي تنشأ عبر الشات، كما أنه لا يمكننا اعتبارها علاقات خاطئة فلكلّ مجتمع ولكل عصر طريقته في العلاقات، منذ القديم كان الزواج يتمّ عبر الصور، وفيما بعد تطوّر إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم، كما أن هذه الوسائل أصبحت تسهّل طريقة التعارف وهذا ليس بأمر خاطئ، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي بدأ يدفع بالشبّان إلى البحث عن وسائل مريحة للتعرّف على الفتاة وعلى طرق غير مكلفة وهذا أمر طبيعي، وكأي علاقة طبيعية يمكن أن تنجح أو تفشل، كذلك العلاقات عبر النت أو الواتساب أو غيرها، لكن نسبة فشل هذه العلاقات تكون أكثر من العلاقات الأخرى التي تجري بالطريقة التي اعتدناها. لا أكذب ولكنني أتجمل استاذ علم الاجتماع بجامعة الجزيرة وخبير تنمية المجتمع الأستاذ محمد أحمد عبد الحميد يقول إن الأصل في الزواج الإعجاب والمشاهدة التي تزرع المودة و الالفة بين الطرفين، ومن المعلوم في السنة النبوية ان الرسول «ص» وجه صحابته بالنظرة المباشرة لمن يرغب في الزواج منها حتى تأتي المودة والمحبة بين الطرفين ومن هنا ركز علماء الاصول والفقه على أن أي نظرة للمرأة بغير قصد شريف تقود الى الهلاك والحرام، ولما استجد الحال خلال السنوات الماضية وأصبح التباعد قريبًا نتيجة لثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ففي سبعينيات القرن الماضي عندما بدأت موجات الهجرة الى دول الخليج والمملكة العربية السعودية ظهر في السودان ما يعرف بأشرطة الفيديو التي تعرض حفلات الزواج في السودان في دول المهجر و تظهر فيها الفتيات وكان الخطاب ينظرون اليها بأنها إحدى طرق التواصل الاجتماعي للزواج الشريف وكانت تلك الطريقة غير مقبولة للمجتمع السوداني لأنك تجهل الكثير عن الطرف الآخر وسلوكه وأخلاقه وطرق التواصل الاجتماعي لدى الشباب تعكس صورًا غير واقعية لأن هؤلاء الشباب يتعاملون «انا لا اكذب و لكنني اتجمل» ومن هنا كانت خطورة المعلومات الخاطئة في مسائل شرعية تتطلب الدقة في المعلومات السليمة حتى نضمن زواجاً ناجحاً سليماً و لهذا ترى علماء الدين في كل الاديان السماوية ان واحدًا من اهم شروط الزواج المعاينة والقبول من كل الطرفين وإن أي زواج يتم دون المشاهدة ليس بالباطل ولكنه غير مضمون الجوانب والاستمرارية في المستقبل ومثل مجتمعاتنا العربية المحافظة التقليدية ذات النزعة الروحية العميقة لا تقبل اي شكل من هذه الاشكال حتى التلفون بين الخطاب مرفوض والمقابلات الخلوية مرفوضة لاعتقادهم الجازم أن «النار مستصغر الشرر» و اكثر من «75%» من الطلاقات التي تتم الآن في المحاكم تعزى الى ثلاثة اسباب رئيسية اولها عدم المعرفة الكافية بالزوج و اسرته وطبيعة عمله و سلوكه اليومي المعتاد، ثانياً ان اغلب الشباب غير مكترث لتبعات الزواج من مسؤولية تجاه الزوجة والأسرة ثالثاً عدم وجود العمل المناسب والدخل المناسب وهذا يؤدي الى تفكك الأسرة بجانب الطموح العالي لدى كثير من الشباب.