* ما فعله الاستعمار في المغرب من تقسيم وتجزئة لم يفعله في أي دولة إفريقية.. فالاستعمار الغربي وهو يجثم على صدر المغرب.. كان يدرك أهمية المغرب ودوره في القارة الإفريقية.. فهو الجسر الذي يصل بين شمال القارة.. وجنوبها وهو الإشعاع الفكري الذي يمتد ما بين غربها وشرقها.. فمن المغرب كان انتشار الإسلام عبر قوافل علماء المذهب المالكي.. فتأثيره ظل باقياً إلى يومنا هذا في الشريط الإفريقي المتمدد من السنغال وموريتانيا.. مروراً بدول شمال الصحراء وجنوبها.. مروراً بتشاد والسودان حتى الصومال.. لذا كان هدف الاستعمار إطفاء هذا الإشعاع.. فعمل الاستعمار الغربي مجتمعاً على تجزئته وتقسيمه.. فاتفاقية 1904م بين بريطانياوفرنسا وإسبانيا.. والدول الاستعمارية اتفاقية تحمل كل مواصفات اتفاقية «سايس بيكو» فكان نصيب إسبانيا سبتا ومليلة.. التي ما زالت تحت الاحتلال الإسباني.. والصحراء المغربية من نصيب إسبانيا هي الأخرى التي انسحبت منها إسبانيا مخلفة «لغماً» ما يسمى بالجمهورية الصحراوية.. وعصابة تسمى «البلوساريو» وفرنسا كان لها النصيب الأكبر في أراضي المملكة المغربية.. فبجهاد وتضحيات جسام نال المغرب استقلاله في 1956م وبرغم الجراحات التي خلفها المستعمر.. لم يتخلَّ المغرب عن دوره الإقليمي، فكان المغرب أول من نادى بوحدة إفريقيا فأسس منظمة الوحدة الإفريقية فكان المغرب حصن إفريقيا وقبلة لكل المناضلين الأفارقة ولكن في غفلة من الزمان الإفريقي المليء بالتشظي وفي غمرة صراع الحرب الباردة اعترفت المنظمة بالجمهورية الصحراوية وبما يسمى «البلوساريو» التي كانت مسنودة من الاتحاد السوفيتي، فكان انسحاب المغرب من المنظومة الإفريقية التي كان المغرب من مؤسسيها فالمنظمة استبدلت من له حق بمن ليس له حق، ربطت «الحمار» في محل «الحصان» استبدلت بمن له قيمة بالذي هو أدنى فهنا نسأل «الاتحاد الإفريقي» الذي حلّ محل المنظمة التي ظلمت المغرب.. أين هي البلوساريو؟؟ فشعب الصحراء عاد مختاراً إلى البيت المغربي الكبير، جله عاد إلى حضن أرض الوطن ما عدا قلة.. تتخذ من منطقة «تندوف» على حدود الجزائر مقاماً.. قلة في معسكرات اللاجئين محبوسين وراء أسوار.. عصابات البلوساريو التي اتخذتهم مغنماً.. ومعاشاً لزعمائها من أمثال محمد عبد العزيز.. مطعمهم إعانات وإغاثات المنظمات، وآخرون استغلوا اللاجئين وحولوهم إلى إرهابيين فلبلساريو.. قلعوا الماركسية ولبسوا ثوب الإرهاب «متطرفون» لا علاقة لهم بالإسلام وسماحته ووسطيته فمن عجب أن الاستعمار الغربي تقاسم مدينة «طنجة» عند تقسيم «الكيكة» المغربية لتصبح طنجة مستعمرة لمجموعة دول أوروبية بريطانيافرنسا.. إلخ، فالمغرب الذي ذاق مرارة الاستعمار فجاهد وكافح وأسس الوحدة الإفريقية «اليوم» هو خارج المنظمة الإفريقية فمخجل جداً والاتحاد الإفريقي يحتفل في الأشهر الماضية بالعيد الخمسين للمنظمة أن يكون مكان المغرب خالياً فسؤالنا لماذا لا يصحح الاتحاد الإفريقي هذا الوضع المعوج وغير السليم، فعودة المغرب للمنظمة الإفريقية ضرورة يفرضها الواقع السيء الذي تعانيه القارة المستهدفة من أعدائها، وبرغم جزاء سنمار الذي لحق بالمغرب فنلحظ أن المغرب لم ينكفئ على نفسه بل ظل وجوده فاعلاً في القارة فالمغرب من أجل استقرار القارة دعم مبادرات الأممالمتحدة الرامية لاستتباب الأمن في إفريقيا فله قوات عسكرية لحفظ السلام في الكنغو والصومال وأنجولا... إلخ، والمغرب كان له دور هام في إيجاد حل لبعض الصراعات الإقليمية.. من قبيل الوساطة التي قام بها الملك محمد السادس والتي توجت سنة 2002م باجتماع رؤساء ليبيريا وغينينا وسيراليون ليكون المغرب بذلك قد ساهم في استعادة الثقة بين الفرقاء الثلاثة كما ساهم في وضع حد للمواجهات الدامية في ليبيريا وأسهم بخبرائه في عمليات نزع الألغام في منطقة «كازامانس» بالسنغال وبذل جهداً كبيراً في وحدة تراب مالي بل ساهم في مؤتمر المانحين حول مالي الذي انعقد في أديس أبابا بما قيمته «5» ملايين دولار فغياب المغرب عن الاتحاد الإفريقي.. غياب يبقى وصمة عار.. في وجه الدول الإفريقية.. عار يطارد رؤساء افريقيا احسب أنه قد آن الأوان لعودة المغرب للكيان الإفريقي.. فالكبير يظل كبيراً والشجر «الكُبار» فيهو الصمغ.