الصورة الأخيرة التي التقطتها عدسات المصورين والإعلاميين لوزراء حكومة الإنقاذ أمس الأول بمجلس الوزارء في وداعهم استدعتني للوقوف عندها وإعادة تأملها مرة واثنين ففي حال استبعاد الرئيس ونائبيه فهنالك حوالى «52» وزيراً يديرون أمر الدولة على ما يبدو ويسيرون عجلة دولابها، وعند بداية التشكيل الوزاري عقب انتخابات العام «2010م» كان عدد الوزراء بحسب ما أذكر أكثر من «70» وزيراً وهو أمر استغرب له كل الناس بما فيهم العالم والجاهل بباطن السياسة وشؤونها، وضمت الصورة على ما يبدو وزراء الصف الأول فقط دون وزراء الدولة والمستشارين والولاة بالمركز والولايات والمعتمدين ونواب البرلمان وغيرهم من موظفي الدولة في القطاع العام والخاص فهل السودان ذلك القطر الذي يعاني ضائقة اقتصادية ومعيشية وحصار اقتصادي من المجتمع الدولي يتطلّب ذلك العدد الهائل من الوزراء لتسيير شؤونه؟ وفي حال أمّنا بالأمر فما هي الفوائد التي جنتها الدولة والاقتصاد والمواطن؟ في ظل الشكوى الدائمة من ترهل الدولة وهيكلها إضافة إلى توسع الإنفاق الحكومي وزيادة الأعباء المالية نتيجة الصرف البذخي دون وضع أي اعتبار لمآلات الأوضاع مستقبلاً وانعكاساتها السالبة على الدولة والمواطن، فقطعاً العدد الكبير لهؤلاء الوزارء له تبعات اقتصادية في المقام الأول إذا تم حساب كم تبلغ مرتباتهم وحوافزهم ومخصصاتهم وبدلاتهم وما يتم صرفه على السكن والتعليم وفواتير الكهرباء لمكاتب وثيرة تضم أفخم الأثاثات المستوردة رغماً عن قرار حظر الاستيراد، وكم تبلغ الأموال التي تم التصرف فيها وتجنيبها بعيداً عن أعين ورقابة الدولة؟ وكم تبلغ حجم الأموال التي تم صرفها في رحلات الوزراء ووزراء الدولة في السفريات الخارجية هم ومرافقيهم من الوكلاء ومديري الإدارات بحجة التمثيل الخارجي للبلاد، فنحن قطعاً لا نحسب تلك الأموال عليهم بحجة أنهم لايستحقونها بحسب وظائفهم، ولكنا نعيب في الأمر أن البلاد تواجه أزمة اقتصادية خانقة تتطلّب (مسك اليد) وتقليل الصرف بقدر الإمكان ووفقاً لماهو مسموح للتمكن من تسيير ميزانيتها التي أصبحت (مثل شبكة مرمي لفريق كرة قدم خاسر) فالميزانية تعدل وتغير أولوياتها كلما زاد الصرف وتراجعت الإيرادات فكيف للحكومة أن تحكم سيطرتها في مثل هذة الحالة وعند وداع الوزارء فنحن نودعهم وفي قلوبنا أمل بأن يأتي التشكيل الوزاري القادم بوجوه وشخصيات لها من المقدرة والحنكة لإدارة أمور الدولة وأن يتناقص العدد الكبير للوزراء المراد تعيينهم حتى نكفي البلاد والعباد شر صرف الأموال وزيادة الإنفاق (وزيادة العدم بعدم جديد) وأؤكد أننا لا نقدح في الوزراء (المودعين) أو نشكك في ماقدموه للبلاد، ولكن كما أسلفت نعيب الترهل دون الحاجة إلى ذلك فمعظم الدول المتقدمة في العالم لا يديرها هذا الكم الهائل من الوزراء كما هو موجود لدينا وعلى الحكومة إعادة النظر برؤية وتقليص المسميات والوظائف التي لا جدوى منها وتفادي التعيينات الحزبية والقبلية بحيث تصبح النظرة الأولى والأخيرة إرضاء المواطن بتوفير حكومة ووزارء يبتدعون من الوسائل ما يوفر الأموال لإصلاح شأن الاقتصاد والعباد.