خلدت إلى النوم متأخراً وكنت مرهقاً جدًا وحرصت أن أغطي وجهي قبل أن تراني زوجتي فتنتاشني بوابل من المطالب المنزلية، لكن سرعان ما سبحت في النوم فإذا بي أرى روبن هود بشحمه ولحمه في السودان!! والذي وضع لأصحاب منزل في زقلونا بالردمية مارتديلا وهامبرغر ولحم دجاج وجبنة مضفرة في كيس مكتوب عليه «مع تحيات روبن هود»، فهجم عليها الأولاد هجوماً كاسحاً بأسنانهم التي طالما كدَّت الدوم ببراعة وملصت لحم الدجاج من العظام بسلاسة حتى أحالوها إلى عدم، فتصرخ فيهم أمهم: يا أولاد السجم ما تخلو لأبوكم شوية، لكن المفعوص الصغير خطف ما تبقى من فتات ثم أعمل لسانه بطريقة مساح المطر في السيارات فتارة ذات اليمين وتارة ذات الشمال، فقال الابن الكبير يمة كنا عايزين نخلي ليه شوية لكن ولدك اللي لسانه زي الضب ده مسحه كله. وفي منطقة «تعال جوه ما تخاف» رأيت روبن هود يقذف كيساً معتبراً مليئاً بالملابس الراقية فعثر عليها الابن الأكبر الذي نهض مبكراً من نومه بعد أن ربط تكة سرواله الواسع المرقع فصاح قائلاً «يمه روبين هود جاب لينا ملابس جديدة، فسرعان ما نهض المسنوح من نومه فهجم على بنطال واسع فأدخل أقدامه فيه بسرعة فائقة ونزع قميصه الذي يرتديه وحدفه على الأرض فنهرته أمه بغضب: «يا مسنوح ما تغيِّر في الحمام»، لكنه كان أتم ارتداء الملابس الجديدة وترك القديمة على الأرض ثم قال: «لكن حربي يا هود»!! بيد أن حمد في منطقة «شافونا وخلونا» ألجمته المفاجأة تماماً في الصباح الباكر فأخذ يصرخ «هود يا هود» فعلم منه الجيران بصعوبة أنه تلقى مبلغاً من المال يساوي بالضبط مصاريف الجامعة لأولاده الذين قطعوا دراستهم وحملوا المونة والطوب في أكتفاهم لكنهم لم يُفلحوا في جمع المبلغ المطلوب فقال لأصدقائه «يا جماعة إنتو روبن هود ده بعمل مسح اجتماعي في المنطقة وللا شنو»؟ غير أن الحاجة أم جمعة بائعة الطعمية أطلقت زغرودة تعبيراً عن الفرح جعلت الجيران يطلون عليها بالحائط وبعضهم دفعهم الفضول لزيارتها فوجدوا أنبوبة غاز جديدة في الحوش ومعها بوتوجاز متوسط الحجم فقالت: «شوفتو هود جاب لي شنو اريتو ود السرور وبعد ده ارتحت من الفحم وغَلَبْتو بس والله كان جاء وأكل معاي طعمية مدنكلة مالو؟» أما الحاج ضبعة فلم يصدق عندما وجد سريرًا جديدًا ومعه مرتبة إسفنج فقال لأم الأولاد «اتّقول هود عرف إنو العنقريب المكعوج ده جاب لي غضروف»، فقالت زوجته «خلاص فك مروقو السجمانة دي وسوّها في الراكوبة، فرد عليها سريعاً: «يا وليه راكوبة شنو كدي خلي يمكن المرة الجاية هود يبدلو لينا بسرير فيه إم بي ثري ومسجل»، أما في قهوة المعلم رجب فقال حاج عثمان لأصدقائه «انتو يا جماعة هود ليه ما يترشح في دائرتنا؟ عليّ الطلاق أكان اكتسح الانتخابات»، فيضحك المعلم رجب ويقول «يا زول برلمان شنو دا بشيل من الأغنياء وبدي التعابى الزيّنا ديل، انت عايزوا يقعد في البرلمان ينتظر الميزانيات وطلب المقابلات»، يضحك حاج عثمان ويقول «صدقت يا معلم كان واطاتنا أصبحت»، بيد أن الابن الصغير لحاج اللسودي وجد دراجة صغيرة في منزله فقال لأصدقائه في الضمنة «الولد كان فالقني كل يوم عايز عجلة أقول ليه دردق لستك وخلاص يقول لي ده زمن لساتك يا بوي أه بعد ده بس راجين من هود يجيب الإسبير»، أما الأوسطي حمد فبعد أن وجد في منزله عدة شغل جديدة أصر أن يعلق ورقة في الباب ويكتب عليها «الله يخدِّر ضراعك يا هود»، لكن الشيخ عبد الستار صعد في منبر الجمعة وقال «يا ناس حاجات روبن هود دي كلها حرام في حرام ولا يجوز التعامل معها، يا ناس: الفقران منكم يمشي ناس الزكاة وللا يصبر ويلزم الجابرة»، وكان حاج حمد يتمتم بغضب حتى لفت إليه أنظار المصلين، وعندما خرج قال «بغيظ ده إمام شنو الحاسد ده لا خيرو ولا كفاية شره؟ ما يخلي الناس تحل مشاكلها، هو الناس الشال منهم ديل ما كلهم ناس هبر»، فيضحك المصلون ثم يرد عليه حاج عثمان بمكر قائلاً: «الهبر الهين ده يا خوي ده ضبح القفي ذاتو» وهنا بدأت أتحسس الفراش لعل روبن هود وضع لي كيساً معتبرًا من المال، غير أن زوجتي داهمتني كالبلدوزر: «يا راجل بتتقلب في الفرش مالك»؟!