في قديم الزمان وتحديداً سبعينيات القرن الماضي انتشرت لعبة الكرتلة وهي عبارة عن لوحة من الورق المقوى ويطبع فيها عدة رسومات من الشجر والحيوانات..الخ، وكل رسمة في مربع للحصول عليها تدفع قرشاً. وآنذاك كان القرش أو التعريفة عزيز جداً ويختار الشخص أي رسمة من المربعات ويفتح الصورة المغطاة ويفوز بها صاحب الحظ، وأكثر رواد هذه اللعبة فئة الشباب والصبيان، وتقام في مختلف الأماكن والهدف منها الفوز بجائزة ليست ذات قيمة كبيرة مثل أن يفوز بقطعة حلوى أو بسكويت، ولبعض الأشخاص ذكريات مع هذه اللعبة التي توقفت الآن.. (الإنتباهة) استعرضت بعض الأشخاص الذين لهم ذكريات مع هذه اللعبة.. في البدء تحدث معنا عم جعفر قائلاً: إن لعبة الكرتلة رجعتنا إلى عهد الصبا الزاهر وأيام لم نعرف من الدنيا سوى المرح والسرور، وهذه اللعبة ذكرتني بالمرحلة الابتدائية وقلم الحبر أبو (أمبوبة) وذكريات كرتلة المدرسة التي تعلق في الكتف، وكان هم الواحد أن يتحصّل على ما تدور عليه الكرتلة، وأضاف عم جعفر قائلاً: إن لعبة الكرتلة كانت نوعاً من أنواع التضامن الاجتماعي بين الشباب فمن تكون الكرتلة من نصيبه في النهاية لا يغنم كثيرًا لأن الجائزة «شيء رمزي» لا يستحق كل هذه الضجة، ولكن في النهاية لعبة يستمتع بها الأطفال خاصة في زمن الإجازات الصيفية من أجل استثمار، على سبيل المثال كرتلة (24) قرش استثمارها لأكثر من (50) قرشاً وبها يتحصل أصحابها على نقود كثيرة، وبها يقوم بتجهيز متطلباته المدرسية من شنطة وأحذية وملابس. ٭ كما قال الأستاذ يحيى أحمد إن هذه اللعبة دائماً تكون وسط الصبيان، وفي فترة الإجازات الصيفية، كان يقوم بإحضارها من يكبرنا سناً.. إلا أنه هو من يقوم بشرائها من السوق والذهاب بها إلى الحي، وكان يحدث في اللعبة بعض التزوير والغش.. ويكتشفها بعض الشباب بإضاءة (البطارية) من أسفلها أو وضع نقطة من جاز اللمبة على سطح الدائرة الزرقاء لإظهار الرمز المخفي بهدف الفوز بجائزة كانت تقع في غالب الأحيان لنفس صاحبها أو أي واحد من أفراد عائلته، ولا نستطيع الاعتراض أو المناقشة في ذلك والجائزة التي تفوز بها تطلع جائزة على سبيل المثال علبة هندسة أو قلم حبر أو محبرة، وكان حظي عموماً أحسن من بقية الشباب. ٭ العم إدريس بدأ حديثه وقال بهذا السؤال رجعتيني إلى الزمن الجميل زمن البراءة، وعندما كنا في المدارس الأولية كان هنالك شيء يسمى ب (الكرتلة) وهو زمن الجهل المباح مع إني لم أحبها كثيراً، لأني كنت من غير المحظوظين فيها، وهذه اللعبة أفقدتني القرش والقرشين الكانت عندي، وأصبحت في ندامة طيلة ذلك اليوم، وأضاف أن هذه اللعبة شبه الدلالة على سبيل المثال إذا أراد شخص أن يبيع شيئاً ما عليك إلا أن تشتري هذه الكرتلة وتقوم بتدليله، أي (عمل دلالة) وسط التلاميذ، والفكرة تعتمد على بيع الأرقام التي تتكون من سلسلة أرقام، وعندما يكتمل بيع كل الأرقام يزال الغطاء عن الرقم الفائز في وجود أكبر عدد من المساهمين حتى يكون الفائز معروفاً ويقتنع الجميع بنزاهة (الدلالة). ٭ ويروي آخر أن لعبة الكرتلة هي (لعبة الشباب) بها عدد من الصور تتكوّن أحياناً من مئة صورة أو ثلاثين وتسخدم نفس فكرة الجوائز التي تلجأ إليها الأسواق التجارية حالياً، وكانت تسخدم من قبل البعض لعرض سلعة ما على سبيل المثال جهاز (موبايل) حيث يحدد سعر معين فإذا كان سعر الموبايل (100) جنيه يعرض صاحب (الكرتلة) يحدد فئة معينة ويطوف على الراغبين ويفتح الكرتلة حيث يفوز شخص واحد بالجائزة ويفور صاحب (الكرتلة) بأضعاف أضعاف الثمن الحقيقي للسلعة. ولكن توقف هذه اللعبة تزامن مع دخول الشريعة الإسلامية للسودان في عهد الإنقاذ.