يرى أكثر من محلل ومراقب سياسي أن تباين المصالح أصبح سمة واضحة وعقبة أمام الحل السلمي المجمع عليه لكثير من قضايا السودان، بجانب النظرة غير الإستراتيجية لكثير من المفاوضين وعدم توافر الإرادة السياسية أو الرغبة في الحوار والحل السلمي، وذلك لتزاحم الأجندات السياسية الخارجية، ولعل هذا ما ينطبق في بعض مفاوضي قطاع الشمال، ويتضح ذلك جليا في عدم امتلاك القرار من خلال وفده المفاوض لكونه لا يحمل رؤية ومنهجاً للتفاوض والحل بتأهيل كافٍ. المراقب للأمر يستنتج الخلاصة وفقاً للجولات الماكوكية لوفد قطاع الشمال في أوربا وآخرها لقاؤهم بالدكتور على الحاج الأيام المنصرمة. وفي قرار مفاجئ أعلنت الحكومة استعدادها لاستئناف المفاوضات حول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان مع الحركة الشعبية قطاع الشمال معتبرة الهجوم الأخير على مدينة أبو زبد بولاية شمال كردفان محاولة خاطئة من الحركة لتغيير الأمور لصالحها على طاولة المفاوضات، وأشار رئيس وفد الحكومة للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بروف إبراهيم غندور إلى اتصالات أجراها الوسيط الإفريقي المشترك ثابو أمبيكي بوفده لتحديد موعد للتفاوض يصل رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثامبو أمبيكي الخرطوم أمس الجمعة لإجراء مشاورات مع القيادة السياسية بغرض إجراء الترتيبات اللازمة استعداداً للجولة الأخيرة في المفاوضات المقرر لها ديسمبر الجاري في الفترة «9 إلى 12»، بينما تُستأنف مفاوضات الحكومة مع قطاع الشمال في ذات الجولة. وفي ذات السياق أشار المحلل السياسي البروف الطيب زين العابدين ل «الإنتباهة» إلى أن المرجعية التفاوضية نفسها ما زالت تثير جدلاً بين رؤية أبناء جنوب كردفان ورؤية أهل النيل الأزرق حيث حملهما قبول وفد الحكومة المفاوض بحكم اتفاقية السلام بنيفاشا وبروتوكول المنطقتين وقرار مجلس الأمن الدولي «2046»، واعتمدت «بروتوكول المنطقتين» وأبان أن المرجعية ما زالت تتأرجح بين ثلاث مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي المادة «16» باعتماد اتفاق نافع عقار مرجعية للتفاوض، وبين تكملة ما تبقى من مسائل عالقة من نيفاشا، فضلاً عن توليفة الآلية الرفيعة للاتحاد الإفريقي، مؤكدا زين العابدين أن الجدية والاختبار الحقيقي للطرفين يتمثل فيما يحمله كل طرف من رؤية تدفع بالتفاوض للأمام وليس استئناف التفاوض نفسه بضغوط خارجية أم غيره، إن رؤية للتفاوض منبثقة من مبدأ السلام الشامل والجوار الآمن لإنفاذ اتفاقية التعاون المشترك مع دولة جنوب السودان لتنفيذ سلس وفعال لتلك الاتفاقية. وقال غندور إن المفاوضات بين السودان وجنوب السودان في أديس أبابا ستتم خلال الجولة القادمة في جميع مسارات التفاوض، ووفقا لمصادر حكومية موثوقة أن الجولة القادمة ستكون الأخيرة في القضايا العالقة بين الدولتين وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي «2046» حيث يقدم أمبيكي تقريره النهائي الذي من المقرر أن يشتمل على مقترحات من الوسيط الإفريقي في الملفات التي لم يتوافق حولها الطرفان، ونبّهت ذات المصادر إلى أن المجلس سيتبنى مقترحات أمبيكي كقرارات تكون ملزمة للدولتين. وقلل الخبير العسكري إبراهيم نايل إيدام ل «الإنتباهة» من أهمية التفاوض مع قطاع الشمال نسبة لعدم التزامهم بالمواثيق والعهود إضافة إلى حتمية تنفيذ الاتفاق الثلاثي في مرحلة التقييم وإرسال فرق مشتركة للمناطق المتأثرة التي يسيطر عليها المتمردون، ولا بد من وجود ممثل لمفوضية العون الإنساني في تلك المناطق لأن الحكومة تشكك في عدد المتأثرين ومحتاجي العون، وأضاف أن هناك تضخيماً في أعداد المتأثرين بالحرب ووجود المعسكرات نفسه ومن ثم تحديد حجم المساعدات، ودعا إلى عقد اجتماع مشترك لتحديد مسار التعاون في مناطق القتال يلتزم فيه الطرفان خلال مدة توزيع الإعانة بوقف إطلاق النار في المناطق التي تم تحديدها باتفاق الطرفين، موضحا إيدام أن التفاوض حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق ليس مرتبطاً بمهلة مجلس الأمن لأنها قضية وشأن داخلي. حيث نفى مراقبون أن التفاوض مع قطاع الشمال من باب الضغوط أو المؤثرات الخارجية، وظلت الحكومة تعلن استعدادها لاستئناف التفاوض مع حاملي السلاح بالنيل الأزرق وجنوب كردفان استناداً لاتفاقيات السلام وقرار مجلس الأمن الدولي «2046» بيد أن اعتداءت قوات بالجبهة الثورية في كل مرة على عدد من المناطق في شمال كردفان لا يؤكد الالتزام أو صدق النوايا لدى المتمردين، وأنه محاولة لفرض أمر واقع يعتقدون أنه سيغير الأمور في المفاوضات وقرار مجلس الأمن لصالحهم. واعتبر إيدام الاعتداء على المواطنين جريمةً ضد الإنسانية وضد فكرة الدفاع عن المهمشين وأشبه بعمل قطاع الطرق، وأشار إلى الجبهة الثورية على أنهم قطاع طرق ولصوص لا يعرفون ما هي قضيتهم وما هو مطلبهم.