لم تزدهر حركة الغناء في السودان في فترة الثلاثينيات إلا لسببين اثنين هما: 1/ سير رواد الغناء في تلك الفترة على خطى التأثر بالمدرسة المصرية بالشكل اللحني السوداني. 2/ دأب الأوائل على تطوير النصوص الشعرية حتى تواكب التعابير والمضامين التي كتبت شعرياً. ومن هؤلاء يبرز الفنان المجدد الأستاذ حسن سليمان الهاوي الذي كان ميلاده في عام 1919م بالخرطوم القديمة، والتي عاش فيها جوار عدد لا بأس به من الجاليات الأجنبية والأصدقاء الذين كان منزلهم قبلة لمحبي الغناء. وتبدأ مسيرة الفنان حسن سليمان الهاوي في عام 1941م، وهو العام الذي تخرج فيه في كلية غردون قسم المحاسبين. وفور تخرجه من قسم المحاسبين انخرط في العمل بخدمة الدولة محاسباً، مازجاً العمل الحكومي بالاستماع لغناء أصدقاء شقيقه الأكبر عبد القادر سليمان الذي يؤكد عدد من المؤرخين لفن الغناء السوداني أنه كان أول سوداني يتعلم عزف العود بل ويتقنه ويوقع أغنيات سودانية عليه. وتمخضت تلك الأجواء الفنية عن بدايات ظهور الفنان حسن سليمان الهاوي من داخل منزل الأسرة بالخرطوم القديمة، فكانت في البدء أغنيات الحقيبة التي أجادها أيما إجادة، فبرع في أداء أغنيات من ذوات الحضور الطاغي فكانت «يا أماني وجار بي زماني» و «جواهر روما»، فقد كان حسن سليمان الهاوي أحد الذين عاصروا حياتها بالخرطوم القديمة، ويذكر أنه قد خصص جزءاً من مذكراته للحديث عنها. وشكل عام 1944م وأيام الحرب العالمية الثانية الانطلاقة الحقيقية لمولد الفنان حسن سليمان الهاوي. إذ كان قد التقى بكل من حسن عطية صديق «شقيقه عبد القادر» وعبد الحميد يوسف وزهري باشا، وعدد من أبناء الخرطوم، فكانت أغنية «فرحان بيك» وهي من كلمات الشاعر حسين عثمان منصور، وهي من الأغاني التي لم يستمع إليها الناس فيما بعد، ولكن تمكن من نفض الغبار عنها الفنان محمد حسنين في السبعينيات. وارتبط الفنان حسن سليمان الهاوي بالشاعر عثمان حسن منصور في بداياته، فكان أن لحن وتغنى له بثلاث أغنيات «الملك الساكن» و «فرحة» و «فرحان بيك». في عام 1952م تغنى بأغنية «ما شقيتك» وهي للمناضل الوطني حسن سعد، وهو أحد ثوار ثورة 1924م، فكانت واحدة من أغنيات ذلك الزمان الجميل التي لم ولن تكون مكررة لكلماتها ولحنها الآسر. وعمل الفنان حسن سليمان الهاوي بوصفه أول سكرتير لنقابة الفنانين في الخمسينيات، فشهدت النقابة حيزاً واضحاً لتطورها على يديه. كما عمل كذلك عضواً بلجنة النصوص الغنائية بالإذاعة لعشرين عاماً منذ عام 1955م وحتى 1975م، وتغنى لكل من الشعراء إسماعيل حسن بأغنية «سلوى» ومحمود حسن خضر «سحر الصباح» وألحان أحمد زاهر وأبو القاسم الشابي «صلوات من هيكل الحب» وهي من ألحانه والسر محمد عوض «وين يا سميري». أما في مجال الأغنيات الدينية فقد كان أكثر الفنانين الذين تغنوا بها، فقد بلغت عشر أغنيات وهي: «ولد الهدى» كلمات أحمد شوقي ومن ألحانه. و«عند محراب الصلاة» كلمات علي عبد العظيم ومن ألحانه، و «سبحانك ربي الخلاق» كلمات محمد بشير عتيق ومن ألحانه، و «رسالة الغفران» كلمات قرشي محمد حسن ومن ألحانه. و «وأملأ الأرض يا محمد نوراً» كلمات أحمد محمد وألحانه، وأنشودة دينية كلمات إبراهيم التلب، وأنشودة دينية كلمات شمس الدين حسن خليفة. وفي عام 1936م تم اختيار أغنية «لقاء» باعتبارها أغنية برنامج ما يطلبه المستمعون مناصفة مع أغنيتي «الطير المهاجر» لوردي و «عاهدتني» لعثمان حسين. وفي صيف عام 1976م لقي الفنان حسن سليمان الهاوي ربه بعد عمر فني، وكان واحداً من أعمدة الغناء العذب والألحان الرصينة.