بعد مشاورات طويلة قلب والي الخرطوم كل توقعات القريبين والبعيدين من مركز اتخاذ القرار في حكومته الجديدة. نفس الملامح والشبه في الحكومة الجديدة مع بعض الرتوش «والميك أب» على وزراء ومعتمدي الخضر. أحد الساخرين قال إن والي الخرطوم لم يفعل شيئاً سواء قلب «المرتبة» و «وضع ملاية» جديدة على حكومة ولاية الخرطوم. ذهب ابو كساوي والى جواره التهامي وبقي حميدة ومراكز الخرطوم تبحث عن الخدمات. أكثر ما أعجبني هو تقليص حكومة شمال كردفان من قبل مولانا هارون، وأكثر ما أزعجني بقاء بعض وزراء الخرطوم ومعتمديها في مواقعهم وسجلاتهم خالية من الإنجاز. عدد من القيادات السياسية والتنفيذية بالولايات المختلفة انتقدت التشكيل الوزاري «الاتحادي»، ووصفه البعض بأنه عبارة عن تغيير وجوه مع بقاء السياسات العامة. بعض القيادات طالبت بضرورة وصول التغيير إلى الولايات، وذهاب العديد من الوجوه التي ظلت ومازالت «تكنكش» في كرسي السلطة. ولكن بعض الوزراء الجدد تلقوا التهانئ على مناصبهم، ووزعت الحلوى ابتهاجاً بمناصبهم. غريب جداً أمر أهل السودان يهنئون الوزراء بالمسؤولية الجسيمة وليس الخوف عليهم من يوم الحساب. نسي هؤلاء أن سيدنا عمر بن الخطاب كان يبكي خوفاً من التقصير نحو رعيته، وخاف من الحساب الله إن عثرت بغلة في العراق وهو في الحجاز حاكماً. من يكلف بالسلطة ينبغي عليه أن يبكي وليس يسعد ويهلل بالمنصب «إن كان يخاف الله». الكثيرون يتهافتون نحو المناصب وينسون أنها مسؤولية جسيمة، وأن هناك عواقب للتقصير، فهي جمرة من النار. فالمعتمد في أية بقعة راعٍ عن أهل محليته وهو مسؤول عن كل «روح» فيها، وان قصر فحسابه يوم الموقف الأعظم. قال لي أحد الأصدقاء ونحن نقبر أحد شيوخنا عليه الرحمة والمغفرة: هؤلاء الفرحون ينسون هذا اليوم، ويقصد «الموت». معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر بدأ برنامج الشراكة مع المجتمع لتطوير الأحياء المختلفة في ولايته السابقة بنجاح. وبعد تجديد التكليف سيواصل نمر برنامجه الناجح والذي نرجو أن يعمم في كل المحليات حتى نجد خرطوماً جديدة طال الحلم بها. الخرطوم التي كانت تغسل مساءً بالماء أصبحت الآن تعوم في بركة ماء «صرف صحي». العالم كله يتقدم بمرور السنين إلا الخرطوم فإنها تتأخر بمرور السنين. نرجو أن ينجح نمر وشركاؤه في عودة الخرطوم المحلية إلى القها وجمالها، كما نرجو أن ينجح الخضر في تحويل العاصمة إلى حضارية بتكليف المحليات بالسير على نهج الشراكة. في احتفال حي المروة بالرياض أثبت المواطنون فعالية كبيرة، وافتتحت المساهمات باثنين وثلاثين ألفاً «ما شاء الله وربنا يزيد ويبارك». يتوقع أن يتواصل برنامج الشراكة إلى أحياء امتداد ناصر وبري وغيرهما من الأحياء. أهل القوز موعودون هذا العام بانتهاء مشكلات الخريف بإعادة صيانة وتأهيل مصارف المياه. وأهل الرميلة سيجدون العلاج عبر مركزهم الصحي مع بداية العام. القوز والرميلة ينتظران الإيفاء بوعد اللواء عمر نمر حتى ينعما ببعض الخدمات الضرورية.