حوار: رئيس التحرير - رباب علي - تصوير: محمد الفاتح صوَّب معتمد رئاسة الولاية والقيادي بالحركة الشعبية الفريق محمد أحمد عرديب سهاماً قاتلة لياسر عرمان بسعيه لتنفيذ أجندته الخفيّة من خلال إسقاط نظام الخرطوم ورفضه لتكوين حزب سياسي مستقل بتغيير كل منسوبي الحركة الشعبية واستبدالهم بمن يواليه من الشيوعيين، وأكد أنه أصبح خميرة عكننة لدولة الجنوب مما حدا بسلفا كير لعزله من الحزب وتهديده بالطرد تماماً إذا ما سعى لخلق توتر بين الجنوب والشمال، وقال خلال الحوار الذي أجرته معه الصحيفة إن تطبيع الجنوب للعلاقة مع إسرائيل نستنكره وبشدة وإذا كانت هذه العلاقة للوصول إلى السودان فسنقف ضدها تماماً، وفيما يتعلق باعتقال اللواء تلفون كوكو أشار إلى سعيهم لإطلاق سراحه لخلق توازن بين الشمال وأبناء النوبة للإسهام في مستقبل السودان، وأشار إلى أن أحداث النيل الأزرق وج. كردفان كان السبب فيها عرمان لخلق بلبلة بالشمال، كما تطرق للعديد من القضايا ذات الطابع السياسي ومستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب.. فإلى إفاداته: * ماهي تحفظات ياسر عرمان حول تكوين حزب دون جيش في الشمال بعد انفصال الجنوب؟ البداية بعد توقيع اتفاقية السلام في العام 2005م، وبعد المجيء للخرطوم وشاركت في الحكومة صدر القرار بوجود الجيش لحماية الاتفاقية بقوات مشتركة في المناطق التي دخلت الاتفاقية: أبيي وج. كردفان والنيل الأزرق والعاصمة القومية، وتم تكوين الجيش مناصفة بين الجيش القومي وجيش الحركة، ووجود بمعسكرات، وخلال هذه الفترة لم تحدث أي اشتباكات بينهما، والخلافات التي حدثت ليس لها علاقة بالجيش بل بين السياسين مثل ياسر عرمان وقطيعه الشيوعي، ولم يكن هدفهم السلام بل كان تغيير النظام، والجنوبيون لم يكن لديهم اتجاه لإسقاط أو معاداة النظام ولكن الشماليين في الحركة وعلى رأسهم ياسر عرمان وباقان كانوا يتجهون لسحب المؤتمر الوطني من الساحة السياسية بأي طريقة وبدأت المشكلات منذ ذلك الوقت، وحتى الخلافات التي كانت تحدث بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية كان السبب فيها قطاع الشمال بتدخله لإزاحة وتصحيح الوزراء وعزلهم. * «مقاطعة» من أين استمد قطاع الشمال هذه القوة؟ كان يستمدها في البداية من د. قرنق لوجوده على رأس الشمال، وكانوا يسيرون وفق خطته التي كان هدفها إبقاء السودان واحداً ولكن هم كانوا على النقيض، وإذا كان قطاع الشمال يهيمن على الشراكة حينها بين السلطة والحركة الشعبية فإن ذلك يعني أن الوزراء الموجودين ليس لهم قيمة وقطاع الشمال يحتل مركز الثقل بإيحاء بالأجندة الخفية التي تكمن بصدر شيوعيي الحركة الشعبية. * هل أصبح عرمان خميرة عكننة للحركة الشعبية؟ نعم ومنذ 2000م حتى عودتنا، ولم يكن يتفق معنا لأن خطّنا معتدل في الحركة كمجموعة لسلفا كير الذي كنا لصيقين به، وعرمان ومجموعته كانوا يعتقدون أنهم أصحاب الرأي والقرار في الحركة. * هل تحركات ياسر هي السبب في توتر العلاقة بين حكومة الجنوب والشمال؟ بالطبع، فقد ذهب إلى كل الولايات غيّر كوادر الحركة فيها بالشيوعيين لنشر فكره عليها ولتوسيع قاعدته مما أزعج الولايات، فعندما ذهب وأرسل ازدهار ومجموعتها خلق له عداءً في الولايات، والآن هم يؤيدوننا لأنه أقال كل الوزراء حتى تتسع قاعدته في كل الولايات ليتحكّم أكثر وليقود اجندته لإسقاط نظام الخرطوم آجلاً أم عاجلاً، ونحن لا نتفق معه في هذا الرأي أو العمل المسلح أو أجندته التي يقودها منذ أن أتى، ولهذا دائماً يصرح بأننا لسنا حركة شعبية في كل مجالسه وعبر وسائل الإعلام واستنكر حصولي على رئاسة الولاية. * كيف تقرأ قرار سلفا كير الأخير بسحب كل السلطات من عرمان؟ حسب مصادري إنه واجه صعوبة كبيرة في مقابلة سلفا بجوبا بعد هذا القرار والذي كان يرفضه، وعند مقابلته طلب منه الدعم لمشروع الجنوب الجديد في السودان، وكان رد سلفا عليه بأنه لا يريد أي عداء مع دولة الشمال، وأي شخص يسعى لذلك من أرض الجنوب ومن يقوم بذلك سأطرده تماماً، وهو كان بداية للقاء سلفا بالرئيس البشير وقد رتبت لذلك دون وسطاء خارجيين لحاجة الشعبين لبعضهما ولحب سلفا للشمال لذلك لابد من وضع حلول لأن الشمال هو من سعى لإيجاد السلام في الجنوب وكوّن دولته. * قراءتك لمستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب هل انتهت زيارة سلفا برؤى إيجابية لها؟ نعم، وقد اتفق الطرفان على أن الانفصال سياسي وضرورة الاحتكام إلى العقل ومنطق العدالة والتسوية وتوفيق أوضاع الناس لتهيئة الأجواء بسحب الروح القتالية، وهي بدأت بحل مشكلات الحدود وأبيي والقضايا العالقة، وقد بدأنا بتبسيطها حتى تُحل بصورة ودية، بدأت الأمور في التحسن بعد استقبال سلفا والترحيب به وظهرت عدد من التنازلات بين الطرفين خاصة في موضوع البترول وأبيي وكيفية التعامل معها، كذلك الحدود وفتح منافذ للتجارة عبر الشريط الحدودي، وأعتقد أن السعي لخلق التوأمة بين الشمال والجنوب لنشر البضائع التي ليست بالجنوب هدفها عودة الدولار مرة أخرى. * رغم ذلك إلا أن أمريكا قالت إنها ستمارس الضغط على الجانبين لحل القضايا العالقة؟ أمريكا تصرح بذلك دائماً حتى يتم الوصول إلى تسوية وهذا لا يعني أن الطريق مقفول، وهي قد اعترفت بأن المؤتمر الوطني أوفى بعهده معها وهم قد ساهموا في ذلك من خلال وضعها لنسبة 37% من البترول. * البعض يرى أن أحداث النيل الأزرق وج. كردفان كانت نتيجة للجدل الذي دار حول اتفاقية نيفاشا؟ ليس السبب الاتفاقية؛ هذا تصرف فردي من والٍ أخطأ وكان على درجة من الغباء، وقد أدنّا ذلك فلا يوجد والٍ يحارب ولايته وأهله فكيف سيضمِّد جراحهم بعد أن قتلهم الآن؟ والحركة الشعبية لم تدعمه، ولو فعلت ذلك لاختلف الوضع، ولكنه لم يجد حتى جيشه لأن قيادته كانت معنا وقد أوقفناها من الذهاب إليه وهو قد تم عزله تمامًا من قطاع الشمال، والحركة الشعبية، كذلك ياسر عرمان وقطيعه، وعقار لن يستطيع الرجوع ثانية لأن الحركة أصبحت ضده حتى جيشه انضمّ لصفوف القيادة الجماعية والجيش القومي، والجنوبيون ليس لديهم الرغبة في الرجوع لمربع الحرب مرة أخرى، وسلفا قد أعلن ذلك، إذن مع من سيحارب؟ * هذا يعني أن حزب الحركة الشعبية قطاع الشمال قد تم شطبه من قائمة الأحزاب في الشمال؟ نعم، وسيتم تسجيل حزب جديد بدماء جديدة خالٍ من العناصر والأجندة الخفيّة، ويعمل على تنمية المواطن والسعي للتحالف الإستراتيجي مع الوطن في المقام الأول ثم بعد ذلك يقوم بالاتفاق مع النظام الحاكم والأحزاب الأخرى، وبموافقة الدولة وفق قانون الأحزاب وألّا يكون له جيش أو سلاح لإيقاف الحرب ونبذها والدعوة للسلام، ومبادرتنا كقيادة جماعية للحركة الشعبية هي سفينة سلام لمن يريد الصعود على متنها من أبناء الحركة الشعبية وسيمضي سيرها للأمام، وهذ ينطبق على النيل الأزرق وج. كردفان، وما حدث أن ياسر هو من دفع الحلو لرفع السلاح وأجّج الفتنة والنيران ودعم الحلو ليخلق من جنوب كردفان جنوبًا آخر، وهو الآن يسعى لشقنا ولن ننهزم له لأننا قيادة جماعية، ومجموعته أغلبها بالخارج. * سعي إسرائيل لإنشاء مشاريع تنموية بالجنوب خاصة بعد تطبيع الأخير للعلاقات معها.. ألا يؤثر ذلك على مستوى العلاقة مع دولة الشمال؟ أعتقد أن الرؤية حتى الآن لم تتضح، وتطبيع الجنوب للعلاقات مع إسرائيل نأسف له بشدة، ولكن الجنوب قد أصبح دولة قائمة بذاتها ولا أحد يستطيع أن يفرض رأيه عليها، ولكن الأشياء التي تسيء لدولة الشمال وتسوق إلى دمار فيه سواء في الغذاء أو مياه النيل أو غيرها من المشروعات نرفض أن يكون مستهدفاً من خلالها ونحن كمسلمين لا علاقة لنا بإسرائيل وسنسعى حتى لا يكون هذا التطبيع يُستخدم ضد حكومة الشمال. * أقرت قيادات حكومة الجنوب بسوء الأوضاع هناك خاصة النواحي الأمنية.. بم تعلق؟ هذا حقيقي، فالجنوب يعاني من الفقر والمرض ويفتقر إلى كل خاصة بعد اتساع الخارطة السكانية بعد عودة مواطنيه إليه، وبالتالي افتقد البنيات الأساسية من الصحة والتعليم وغيرها، والحكومة لم تستطع توفير كل شيء لهم، والأمن ليس مستتبًا، وهناك تفلت واضح في الأمن في المناطق الطرفية. * ماذا عن وضع اللواء تلفون كوكو الذي تحتجزه الحركة الشعبية والذي يتزامن مع تطور الأحداث بجبال النوبة؟ نحن نسعى لإطلاق سراحه بعد البلاغات التي وجهها له الحلو وعقار زوراً ودون وجه حق، وطالبنا حكومة الجنوب بذلك مقابل إطلاق سراح معتقليها هنا، وأبناء النوبة كان لهم القدح المعلى في نيل الجنوب الانفصال، ولكن الحركة قد ظلمتهم كثيراً في السلطة والثروة وهي تعترف بذلك تماماً وقد أتينا بدانيال كودي وسنأتي بتلفون كوكو بعد إطلاق سراحه لخلق توازن بين الشمال وجبال النوبة وخاصة وأن أبناء النوبة شريحة عريضة موجودة بكل القطاعات العسكرية والسياسية لذلك لا بد أن تكون لهم مساهمة فيها ووضعًا في مستقبل السودان، لذا نحن نسعى لامتصاص ما حدث لهم من الحركة الشعبية. * مازال الاتهام موجهاً للحركة الشعبية بدعم الحركات المسلحة في دارفور.. كيف تقرأ ذلك؟ هذا كان في السابق، وهو ليس دعماً بصورة واضحة ولكنها موجودة بالجنوب، ولكننا لا ندري من يدعمها وكيف يصلها، ولكن بعد زيارة سلفا وما تم من اتفاق سيتغيّر الوضع وستُوقف كل العدائيات، وما حدث مع ياسر عرمان بداية جيدة لتطبيع العلاقات من جميع النواحي. * ماذا عن المتمردين بالجنوب كأطور وغيره؟ وهل الحكومة سعت لاحتوائهم؟ الحكومة تسير في اتجاه استيعابهم من خلال التفاوض معهم حتى يشاركوا في الحكومة لأن قضيتهم تصب في كيفية استيعابهم وتوفيق أوضاعهم، وحكومة الجنوب تشرع في هذا وحتى بمساهمة حكومة الشمال لإقناع هذه الحركات بترك السلاح.