يواجِه القطاع الصناعي في السودان بصفة عامة وقطاع الغزل والنسيج بصفة خاصة الكثير من المشكلات والمعوّقات التي أدّت إلى تدهور مريع أقعده عن أداء دوره في المساهمة بصورة فاعلة في الناتج القومي الإجمالي في ظل تراجع الصادرات غير الزراعية وتوقف العديد من منشآت العمل والمصانع بسبب ضعف التمويل والضرائب والرسوم المفروضة بجانب ضعف البنية التحتية وعدم حماية الدولة للمنتج الوطني مما أدى لإضعاف القدرات التنافسية للمنسوجات الوطنية، بالإضافة الى اختلال الإنتاج الزراعي وشح التمويل وانقطاع الكهرباء والتسويق أدى بدوره لانهيار تام لصناعة الغزل والنسيج وإغلاق كافة المصانع، وذهب في هذا الاتجاه الخبير الاقتصادي د. محمد أحمد الجاك بالقول إن صناعة النسيج من أولى الصناعات التي تبنتها الدولة في إطار إستراتيجية التصنيع لإحلال الصادرات وصدر هذا منذ الاستقلال ضمن الخطة العشرية لإنفاذ قوانين الاستثمار التي تهدف إلى تشجيع القطاع الخاص آنذاك وتم إنشاء العديد من مصانع النسيج وكان الاهتمام بها لوجود خام كافي في السودان من خلال زراعة القطن بالمشاريع المروية التي تتمثل في زراعة مخططة، وقد كانت التجربة من أكثر التجارب نجاحًا في إطار إستراتيجية التصنيع، ولكن اعترضتها بعض المعوّقات وتخطتها عبر الجهود الفردية وأكد الجاك أن الدمار الحقيقي ألحق بصناعة النسيج عند اعمال سياسة الخصخصة المدمرة للاقتصاديات عامة وقطاع النسيج بصفة خاصة وهي السياسات التي تبنتها الدولة وتسببت في توقف المصانع عن العمل والحكومية منها تركتها الدولة حتى وصلت الى موتها الطبيعي بعدم دعمها بالإضافة الى إهمالها وتشريد العاملين وبهذه الطريقة دمر هذا القطاع بالكامل، واضاف أن ما تدعو إليه الدولة الآن لإعادة إنعاش الصناعة ولضمان نجاح المساعي لا بد من إعادة النظر في القطاع العام كرائد للتنمية الاقتصادية ودعم الاقتصاد القومي وتوفير مصادر المواد الخام من المشاريع المروية الحديثة، مطالبًا في ذات الوقت بإعادة النظر في القرارات التي جعلت المشاريع في حالة شلل خاصة مشروع الجزيرة، السوكي، الرهد، وحلفا الجديدة، مؤكدًا أن نجاح أية محاولة يتطلب إعادة المشاريع ليس على أساس القطاع الخاص وأن تدعمها الدولة بالقوانين التي تحكم مشاريع التنمية.