نداءات استغاثة تصلنا من سورياوغزة واللاجئين والنازحين في البلاد المجاورة التي نزح إليها المستضعفون من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. في سوريا يمر شتاء هذا العام قاسياً قارساً وشديداً على أجساد ترتجف من شدة البرد لا سيما بعد الموجة الطاغية التي لا مثيل لها في الزمان القريب، مما تسببت عنها أوضاع إنسانية بالغة السوء، والنظام المستبد الذي ابتليت به الأمة العربية المسلمة في سوريا يمارس الإبادة الجماعية لأهل السنة والجماعة، ويحاصر المدن والقرى ويدكها بالقنابل، وتهدم المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد في استهداف مباشر للمدنيين الذين فقدوا المواد الأساسية ومقومات الحياة الضرورية من مأوى ومأكل وملبس. ونظام الأقلية الطائفية المنحرفة عن الإسلام يتمادى في الظلم والقتل والإبادة مستنصراً بالنظام الطائفي الفارسي الذي تحالف حديثاً مع أعدى أعداء الإسلام الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وما يسمى بحزب الله الطائفي العميل للنظام الطائفي الفارسي، مستغلاً التخاذل والصمت الدولي عن تلك الجرائم ضد الإنسانية، والدول العربية والإسلامية ليست استثناءً بل هي شريكة أصيلة في هذه الجرائم، إما بصمتها المطبق عن الجرائم وتقاعسها عن إغاثة مهلوفين وإعانة المنكوبين والوقوف بجانب المكروبين، وإما بالانغماس غير المباشر في الجريمة انصياعاً لأوامر تأتيهم من وراء البلاد ووراء البحار. ونحن هنا نتحدث عن الوضع الإنساني الذي لا يطاق، وضع أدى إلى وفاة أطفال وشيوخ ونساء من شدة البرد ونقص في الغذاء وانعدام للمسكن الذي يقي من البرد. والأوضاع غير المستقرة في المدن والارياف وسببها القصف المتواصل لها ساهمت في حركة نزوح عارمة داخل سوريا قدرت بستة ملايين شخص ما بين رجل وامرأة وطفل، والبرد القارس ينهش أجسادهم لأن تلك الأجساد لا تجد ما يغطيها من لباس أو مأوى ولا دفء يخفف قسوة البرد القارس الذي وصلت درجته إلى ما دون الصفر. ويؤكد النداء الذي وصلنا أن الأزمة إلى جانب المعاناة الإنسانية في المواد الإغاثية انتجت ضعفاً كبيراً في الجانب الطبي الذي يعاني نقصاً حاداً في الإمكانات البسيطة، حيث يتعذر إسعاف كثير من الحالات البسيطة خصوصاً في الأماكن القربية من مناطق الاشتباكات والمعارك. ولا ريب أن التعليم قد أصابه أيضاً ما أصاب المناحي الأخرى من الحياة، فقد هجر التعليم نهائياً 40% في ظل هذه الظروف الصعبة، بينما يخاطر ما يقارب 60% بحياتهم وأمنهم من أجل التعليم الجزئي الذي يتوفر في بعض المناطق المحاصرة أو في بعض المدن المحررة. وهنالك حملة عالمية شعبية لنصرة الشعب السوري المنكوب تحت شعار «انصر» هذه الحملة العالمية التي تضم هيئات ومؤسسات إغاثية وإنسانية تسير قوافل «نبض الحياة» لإغاثة الإنسان السوري مادياً ومعنوياً ليشعر الشعب السوري الصامد أمام الآلة العسكرية الجهنمية للنظام النصيري الطائفي المتخلف بأن شعوب العالم تقف بجانبه في قضاياه الإنسانية العادلة، لا سيما بعد ازدياد القتل المستمر واستخدام النظام أسلحة غير مسبوقة كالأسلحة الكيميائية والأسلحة الثقيلة. و «نبض الحياة» هي مساهمة الخيرين للشعب السوري مؤزارة وتأييداً ومحبة وأخوة هادفة إلى تلبية حاجات الشتاء الإغاثية والملحة للمدن والأرياف السورية المحاصرة والمنكوبة. وصلتني هذه الرسالة في الواتساب (whatsapp) يقولون: البرد في الشام يقتل الاطفال. ما أكذبهم!! البرد يقتل حين يطغى الإنسان على الإنسان البرد يقتل حين تعجر آبار النفط عن بطانية البرد يقتل حين تعجز المليارات عن خيمة!! البرد يقتل حين يعجز مسلم عن نجدة مسلم!! البرد يقتل حين يذهب الدين وتموت المبادئ!! البريد يقتل حين تترك سوريا لوحدها!! البرد لوحده لا يقتل: البرد ليس إيران ولا حزب الشيطان. البرد ليس المخابرات العربية. البرد أشرف وأرفع وأكرم من كل أولئك. أرقى بكثير من تلك الحثالة!! هل البرد يذبح بسكين.. بصاروخ.. بغازات؟ هل البرد يدمر البيوت؟ هل البرد يهدم المساجد؟ هل البرد ينتهك الأعراض؟ هل البرد يخطط يتأمر.. يتحالف؟ ما لكم كيف تحكمون؟ البرد ليس مجرماً أو حقيراً أو طاغياً!! البرد ليس سارقا لقوت ودواء المحتاجين!! البرد لا يمنع القوت ولا العون ولا النجدة!! الله بيننا وبين كل أولئك الظالمين وموعدنا معهم الساعة والساعة أدهى وأمر. «فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً». وغزة تستنجد: وقبل أن نفيق من صدمة الاستغاثة التي تلقيناها من سوريا، إذ بنا نتلقى نداءً عاجلاً من محافظات غزة الصابرة المرابطة التي تعيش في ظل الحصار الظالم الجائر من اليهود وأذناب اليهود من العرب.. هذا الحصار الذي يمنع دخول المساعدات.. ويبتغون التجويع لتركيع أهل غزة الأماجد. غزة تناشد وتستصرخ من بين البيوت التي غرقت، ومن بين صرخات الأهالي الذين لا يجدون ملجأً ولا ما يسدون به حاجتهم في مثل هذه الظروف الصعبة للغاية، ومن بين جدران الإغلاق ومن خلف أسلاك الحصار الشائكة. غزة تناديكم لتنقذوا وتغيثوا وتمدوا يد العون والمساعدة إلى إخوانكم في الدين والعقيدة والإنسانية وأبناء جلدتكم المنكوبين، فهناك مليون وسبعمائة ألف من البشر يذبحون على مفاصل الحصار والإغلاق والفيضانات، فإن لم تكونوا أنتم يا أصحاب النخوة العربية الأصيلة ويا أصحاب الشهامة الإسلامية الأبية بجانبهم، فمن سيكون معهم ويشد من أزرهم ويجبر كسرهم ويواسي مصابهم ويضمد جراحهم ويسعف مريضهم ويداوي سقيمهم ويغيث الملهوف منهم ويمسح على رأس يتيمهم ويرسم البسمة على وجوه أطفالهم، فلا تبخلوا عليهم وكونوا كما قال تعالى: «وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً». وهموم المسلمين أثقل من أن تتحملها النفوس المسلمة المؤمنة التي تؤمن بأن المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد، ومن منطلق المفاهيم الإسلامية تدعو جمعية أنصار الخيرية أهل النجدة والنخوة للتسارع إلى الخيرات والتسابق في سوريا وفلسطين، فأهل السودان عودونا على أن ينفقوا في السراء والضراء «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة».