استمر القتال في مناطق متفرقة من جنوب السودان يوم أمس، حيث تعهد الجيش الشعبي باستعادة مدينة بور من أيدي قوات قديت للمرة الثانية، وسط مناشدة الأممالمتحدة كل الأطراف بحماية المدنيين والعاملين في وكالات المساعدة الإنسانية. وفي هذه الأثناء، قال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير إن الجيش يتقدم نحو مدينتي بور وبانتيو، موضحاً أن قواتهم غادرت بور ضمن عملية انسحاب تكتيكية «لكنها الآن تتقدم من جديد نحو المدينة». وأضاف أقوير «المتمردون يتحركون إلى الجنوب من بور، والجيش الشعبي لتحرير السودان يتحرك باتجاه بور». ونفى متحدث باسم المنشقين بولاية الوحدة تصريحات أقوير بشأن تقدم القوات الحكومية ووصفها بالأكاذيب، وقال إن جيش جنوب السودان والحكومة في جوبا يشنان «حرب أكاذيب» قبل بدء محادثات السلام. بدء المحادثات أعلنت الخارجية الإثيوبية انطلاق المحادثات الرسمية بين طرفي الصراع في جنوب السودان لطي صفحة الاقتتال التي وقعت بين الطرفين منتصف ديسمبر الماضي، في الوقت الذي حددت فيه وساطة الإيقاد اليوم موعداًرسمياً لبدء المحادثات الثنائية الرسمية. وفيما عصفت الخلافات الحادة بشأن الأجندة المتاحة للحوار بين الجانبين، أجرت الوساطة المشتركة للإيقاد مشاورات مكثفة مع الطرفين بمقر التفاوض بأديس أبابا أمس دون تقدم نحو المباحثات المباشرة. وتواصلت حالة الجفاء بين الوفدين حيث قامت الوساطة بفصل كل ممرات عبورهما بين بعض تفادياً لوقوع مشاحنات أو مناقشات رغم إقامتهما في ذات الفندق الذي يستضيف المباحثات. وسط أنباء عن انضمام الدكتور ضيو مطوك، رئيس لجنة الحسبة والمظالم في برلمان الجنوب إلى وفد مشار في المفاوضات. خلافات حادة في ذات الأثناء اقترحت جوبا البدء بمسألة وقف إطلاق النار ووقف العدائيات كأساسيات للتفاوض وانطلاق المباحثات، في المقابل تمسك وفد د. رياك مشار بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من قيادات الحركة وإيجاد آلية لمراقبة وقف إطلاق النار قبل الموافقة والتوقيع عليه. وفشلت الوساطة في تقريب وجهات النظر وقامت بإصدار بيان رسمي عبرت فيه عن مناشدتها للطرفين بضرورة تقديم حزمة من التنازلات بغية تقريب وجهات النظر. وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان أمس الجمعة إن المحادثات قد بدأت. نفق مظلم وبدأت الوساطة أمس الجمعة في التمهيد لتحديد جلسات مباحثات غير مباشرة بين الطرفين عبر جمع بعض أعضاء الوفدين ببعضهما بحضور الوساطة وطرح رؤيتها لأجندة التفاوض، ومن ثم الانطلاق نحو إجراء المحادثات المباشرة. وأجرت كذلك اجتماعات منفصلة مع الوفدين بحضور مبعوثين خاصين غربيين. وسط خلافات كبيرة بين الطرفين ربما تؤدي بالمحادثات إلى نفق مظلم. حرب بور وبموازاة ذلك ميدانياً، قال المتحدث باسم الجيش الشعبي فيليب أقوير إن قوات الحكومة تقترب من استعادة مدينة بور، في المقابل نفت القوات الموالية لمشار بقيادة الفريق فيتر قديت اقتراب الجيش الشعبي من المدينة، وقالت إن قواتها تنتشر حول حدود المدينة مع المقاطعات الأخرى. وفي سياق ذلك أعلنت قوات مشار سيطرتها على ولاية الوحدة وذكرت في بيان أمس أنها ما زالت تسيطر على مناطق النفط بالولاية. لام محايد وفي ذات السياق، دعت وساطة الإيقاد شخصيات جنوبية كبيرة من ضمنها زعيم المعارضة لام أكول أجاوين للمشاركة في دفع علمية السلام بين طرفي الصراع في جنوب السودان. وشهدت العاصمة الإثيوبية أمس اجتماعات لأكول مع طاقم الوفدين كل على حدة. من جهتها، قالت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا «إيقاد» في بيان أمس، إنها ملتزمة بدعم جهود الوساطة إلى أن يتجاوز جنوب السودان مرحلة الانزلاق نحو حرب أهلية شاملة. وقالت مصادر في أديس أبابا إن وفدي الحكومة ومشار سيلتقيان أولاً مع مبعوثين خاصين من دول إقليمية، قبل أن تنطلق المحادثات المباشرة اليوم. ظهور ماثيو من جانبه، قال المتحدث باسم الحركة الشعبية السابق ين ماثيو إن المحادثات تشهد خلافات حادة حول الأجندة التفاوضية، وذكر في تصريحات للصحافيين بأديس أبابا أمس أن هناك مقترحاً لوضع مصفوفة للقضايا الداخلية التي تخص الحركة الشعبية لبحثها بين الطرفين. واتهم ماثيو الرئيس سلفا كير بالانفراد بحكم الجنوب، وقال: «سلفا كير لا يشاور مؤسسات الحركة في شؤون الدولة وينفرد بالقرارات وتشكيل الحكومة». وأضاف أن الرئيس فصل كثيراً من قيادات الحركة التي تخالفه الرأي من وظائف حكومية وغيرها، وأبان أن القضية الأساسية التي ينتظر أن يناقشها طرفا الصراع هي الديمقراطية داخل الحركة الشعبية. ونوَّه ماثيو إلى أن العاصمة جوبا لم تشهد انقلاباً في «15» ديسمبر بحسب ما أعلنته السلطات هناك. وقال: «لا يوجد انقلاب عسكري البتة وما قاله سلفا كير غير صحيح». وأردف قائلاً: «هي محاولة للتخلص من الخصوم»، واستبعد في ذات الأثناء لجوء مشار إلى انقلاب بغية الوصول لكرسي الحكم، وأضاف قائلاً: «مشار لا يحتاج لانقلاب لحكم الجنوب». وقف إطلاق النار وقالت وساطة إيقاد إن هذه المحادثات ستتناول في مرحلة أولى طريقة تنفيذ وقف إطلاق النار، ثم طريقة حل الخلافات السياسية التي قادت إلى المواجهة الحالية. بينما عبر الاتحاد الإفريقي عن «حزن إفريقيا وخيبة أملها لرؤية أحدث دولة في القارة تنحدر بسرعة كبيرة إلى أتون النزاعات الداخلية». وحذر من «حرب أهلية شاملة تكون عواقبها وخيمة على السلام والأمن والاستقرار الإقليمي». تفاقم الوضع الإنساني وتزايدت التحذيرات من المنظمات الإنسانية من تفاقم أوضاع المدنيين. وقال رئيس البعثة الإنسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر إن سكان بور باتوا يواجهون «وضعاً يزداد كارثية. المياه والطعام والأدوية بدأت تنفد، والظروف الصحية تتدهور». هوث ينفي تمرده نفى رئيس هيئة الأركان في الجيش الشعبي جيمس هوث أنباء عن تمرده عن جيش الدولة، مؤكداً تقدم قواته نحو مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي التي تشهد كراً وفراً بين قوات الطرفين. وقال إنه لا يزال يباشر مهامه، وأنه أجرى لقاءً صباح أمس مع كير. وأشار إلى أن الأنباء التي يرددها البعض لا أساس لها من الصحة، ومحاولة للنيل من وحدة وتماسك الجيش الشعبي. وقال هوث للصحافيين، إن الجيش الحكومي يتقدم نحو مدينة «بور» عاصمة ولاية جونقلي شرق البلاد، التي سيطرت عليها قوات التمرد خلال الأيام الماضية. لجنة للتحقيق وأوضح هوث، أن قيادة الجيش والحكومة شكلتا لجنتين، الأولى معنية بالتحقيق مع الذين قاموا بالتورط في قتل مدنيين من أفراد القوات النظامية في الأحداث الأخيرة في مدينة جوبا، مضيفاً: «ألقينا القبض على أعداد كبيرة منهم». وأضاف أن اللجنة الثانية مختصة بالتحقيق حول طبيعة وملابسات الاشتباكات التي وقعت داخل قيادة الحرس الجمهوري بالقيادة الجنوبية للجيش في «15» ديسمبر الماضي. وشدد هوث على أن الأوضاع هادئة تماماً في مدينة جوبا، لكنه قال إن «هناك بعض المجرمين أرادوا استغلال هذه الأوضاع لنهب المواطنين وترويعهم».