ملاسنات وتبادل تصريحات واتهامات يتبادلها حزبا الأمة القومي والحزب الشيوعي، وإن تطورت في الآونة الأخيرة بسبب تكريم الإمام المهدي من قبل رئاسة الجمهورية لتبرز مجدداً الخلافات بين الحزبين وتخرج قضايا وإن أصابها غبار الزمن بسنواته الطويلة كأحداث الجزيرة أبا التي ظل ينادي بها أنصار الحزب لأخذ القصاص ممن شاركوا في هذه المجزرة على حد وصفهم وهم الشيوعيون. فقد قفزت أحداث الجزيرة أبا على سطح الأحداث مجدداً بعد مرور «44» عاماً على تلك الأحداث، لكنها ظلت قضية ينادي بها الأنصار في كل محفل، وبعد الملاسنات الأخيرة التي حدثت بين حزبي الأمة والشيوعي فقد هاجم الأخير زعيم الأمة الصادق المهدي منتقداً تكريمه من قبل رئيس الجمهورية لتتوالى ردود الفعل والملاسنات من قبل الحزبين، وبحسب عضو المكتب السياسي بحزب الأمة عبد الحميد الفضل في حوار مع الزميلة«الأهرام اليوم» قال إن الحديث عن محاكمة الحزب الشيوعي في هذا الوقت بسبب أن الحزب الشيوعي تجيء على الإمام المهدي وبالتحديد بعد تكريمه من قبل الرئيس، فقد تحدث الشيوعيون بصورة ساخرة دون احترام أو تقدير لشخصية الإمام، وقد أكد الحزب الشيوعي على لسان صديق يوسف أنهم مستعدون للمحاكمة في أي زمان ومكان، مضيفاً بعد أن يرفع حزب الأمة الدعوى «نحن بنعرف نقول شنو». إلا أن مراقبين يرون أن قضية شهداء الجزيرة أبا قضية طويلة ومعقدة تاريخياً ويحتاج العمل فيها إلى زمن طويل، لكن يبرر الأنصار أنهم لن يتنازلوا عن شهدائهم الذين بلغ عددهم «340» شخصاً و«40» شخصاً في ودنوباوي، مؤكدين في ذات الوقت تمسكهم بمحاسبة الشيوعيين مما يجعل القضية أكثر تعقيداً خاصة وأن معظم قادة الحزب الشيوعي قد رحلوا إلا أن هنالك أشخاصاً مازالوا على قيد الحياة وهم أبو القاسم محمد إبراهيم وخالد حسن عباس وفاروق أبوعيسى، وذلك وفق إفادات عضو المكتب السياسي بحزب الأمة عبد الحميد فضل في حوار الزميلة «الأهرام اليوم»، مضيفاً أنهم اتهموا الإمام الهادي بعصيان الرئيس السابق جعفر نميري ودبروا للمجزرة. الهجوم العنيف الذي شُن من قبل كيان الأنصار بحزب الأمة القومي على قادة الحزب الشيوعي ووصفهم بأذرع اليسار في السودان، يراه مراقبون أنه خلاف قديم متجدد بين الحزبين طالما قضية ضحايا الجزيرة أبا لم تحسم بعد، فكانت التحذيرات من خطورة السعي للنيل من كيان الأنصار وزعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي واستفزاز الكيان، والتحذيرات أطلقت من رئيس هيئة شؤون الأنصار آدم أحمد سبيل نايل الذي حذر من الخطوة، واعتبرها بمثابة اللعب بالنار، وقال: «نقول لهؤلاء موتوا بغيظكم، فالإمام الصادق عشق وحب كيان الأنصار»، متهم في ذات الوقت الشيوعيين بالوقوف وراء أحداث القتل التي راح ضحيتها الآلاف من طائفة الأنصار بالجزيرة أبا في العام 1970م. وقطع مولانا آدم أحمد سبيل نايل رئيس هيئة شؤون الأنصار بوجود جهات تحرض أعضاء الكيان لأخذ الثأر من كل شيوعي رداً على ما حدث في الجزيرة أبا، لكنهم قطعوا «أي الأنصار»، بأنهم ليسوا كذلك، مؤكدين أنهم في انتظار القضاء ليقول كلمته. موضحاً أن أعداء الديمقراطية من الحزب الشيوعي وهم أتباع نظام الرئيس الراحل جعفر نميري، كانوا وراء أحداث الجزيرة أبا، مبيناً أن الكيان لا يتاجر بدماء شهداء أحداث الجزيرة أبا من أجل مكاسب سياسية أو مادية، واصفاً تلك الدعاوى بالإفك والزور، مؤكداً أنهم ما زالوا يطالبون بمحاكمة المجرمين المسؤولين في أحداث أبا لكنه أشار إلى تقديمهم لمذكرة إلى الأممالمتحدة ومكتبها بالخرطوم في ذات الشأن، منوهاً إلى أن المسؤولين بالمنظمة أخطروهم بأن القضية تاريخية ومعقدة ويحتاج العمل فيها إلى زمن طويل، مؤكداً أن المنظمة تتعامل مع القضايا الساخنة، وأضاف «ما زلنا نطالب بالمحاكمة كل عام وأعتقد أن أي زول يقول أنا شيوعي ده ناقص عقل، وكان المهدي قد أكد في حوار سابق مع «الأهرام اليوم» أن فاروق أبو عيسى أحد الذين يتحمّلون المسؤولية في أحداث الجزيرة أبا وود نوباوي التي جرت في العام 1970م. لكن القيادى بحزب الأمة صديق مساعد انتقد موقف الحزبين على حد سواء، وقال خلال حديثه للصحيفة إن ما يحدث من ملاسنات بين هذه الأحزاب يعكس مستوى التدني المريع الذي وصلت إليه الحركة السياسية في السودان. فبدل أن تبحث هذه الأحزاب في القضايا المهمة وقضايا حقوق الإنسان وقضية الدستور الدائم للبلاد وقضية الحرب والسلام والبحث لإيجاد سياسة خارجية مع دول الجوار وغيرها من القضايا التي تهم الوطن، ذهبت هذه الأحزاب لقضايا انصرافية، وهذا يدل على مستوى الانحطاط الفكري والسياسي لهذه الأحزاب، ويمضي مساعد بالحديث قائلاً حتى قضية الجزيرة أبا كان يمكن أن تحل عبر حوار وطني لكن أن يستخدم الحزب القضية كأجندة سياسية فهذا تردٍ مؤسف يؤكد تراجع الحركة السياسية في البلاد.