تعجبني الثقة الكبيرة والشجاعة المفرطة التي يتمتع بها الدكتور نافع علي نافع القيادي بالمؤتمر الوطني.. ورغم أن الدكتور نافع سبق له أن ترجل عن مقعده بوصفه مساعداً لرئيس الجمهورية ونائباً للرئيس لشؤون الحزب، إلا أن الرجل مازال يتعاطى مفردات السياسة والتخطيط للحزب في كل شؤونه بفكر سياسي «مُتزن» وقوة في الكلمة تجعلك تحترم الرجل وتقدره أشدما تقدير، خاصة أننا نعلم أن بعض الوزراء الذين أحيلوا عن مقاعدهم ذهبوا دون أن نسمع لهم صوتاً ولا تصريحاً، وكأن الأمر ما عاد يعنيهم كثيراً وكأنهم غرباء عن الحزب الذي أكرمهم وجعلهم وزراء لسنوات طويلة جعلت بعضهم عبئاً ثقيلاً على الشعب السوداني، وظل يطالب بتغييرهم حتى تحقق له المراد بذهابهم.. صحيح فقدنا شخصيتين مهمتين كان لهما تأثير ووزن كبير في مسار الحركة السياسية السودانية والإقليمية والدولية.. الأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور نافع علي نافع.. وهذا التأثير مهما فعلنا لنخرجه عن التكوين الفكري لقطاع كبير من الشعب السوداني ما استطعنا، ولكنهما مازالا محل احترام ونفاذ للكلمة والرأي. ومهما اجتهدت الصحافة السودانية أن تنقل مباشرة للرأي العام رأي الشعب في إخفاق بعض الولاة بولاياتهم، إلا أن الحزب الذي سبق أن رشحهم وقبلهم المواطن يرى غير ذلك، ويبدو أن للحزب رؤية دقيقة ومفاهيم إستراتيجية للولاة، فهو يرى فيهم أشياء وأدواراً يتوقع أن يقوموا بها في بقية مهامهم بتلك الولايات وما يتزامن وضرورة وحتمية بقائهم لحين مقدم الانتخابات المقامة في عام (2015م). سألت الأخ الدكتور نافع مباشرة وقلت له يا دكتور كثرت الأحاديث حول بقاء وذهاب الولاة.. وتكهنت بعض الصحف بذهاب هذا وبقاء ذلك وصدقت في كثير حين بررت ذلك بإخفاقات بعضهم وضعفهم في تقديم الخدمات، وأشارت وعضدت فكرة بقاء بعضهم لحسن صنيعهم.. وهذا الجو المتقلب والتصريحات من بعض السادة المسؤولين جعلت هؤلاء الولاة المعنيين بالتغيير في حالة عدم استقرار، وعدم الاستقرار تكون نتيجته تعطيل العملية الإنتاجية في دواوين الحكم من المكاتب التنفيذية وهم ينتظرون هذا التغيير.. فهل يا دكتور هناك تغيير أم أنهم سيبقون في مقاعدهم؟ قال الدكتور نافع: نحن نحترم رأي الشعب ولا نُكذَّب فيما تذهب إليه الصحافة في عكس نشاط الولاة أو تمجيدهم كل حسب أدائه أو عدمه.. لكنا في ذات الوقت نحترم الفكرة أن هؤلاء الولاة في غالبيتهم جاءوا بالانتخاب الحر بواسطة الشعب، وهذه هي رغبته ولا بد أن نحترم الدستور الذي يقر ذلك.. والحزب لو أراد ذلك لكان سهلاً أن يطلب منهم تقديم استقالاتهم، وبالطبع لن يمانعوا إذا صدرت لهم تعليمات بذلك، وبذات الفكرة يمكن أن يمنع الحزب ترشحهم مرة أخرى للذين قال شعبهم فيهم رأياً سالباً ونقلت الصحافة عنهم ذلك. وقال إن الولاة يريد الحزب أن يكملوا المدة المقررة التي أراها قد شارفت على النهاية، بانعقاد الانتخابات. وبنهاية حديث الدكتور نافع تذكرت حديث للأستاذ عثمان محمد يوسف كبر والي ولاية شمال دارفور.. حين قال إنه زاهد في المقعد بمعنى أنه شبع حكماً، وجاء الوقت للترجل، لكن أفضل للولاية أن يَدَعُوه يكمل المدة حتى الانتخابات. وبحكم متابعتنا لفترة حكم (المعلم) للولاية فهو جدير بأن يظل فيها لضمان الاستقرار الذي تشهده ولايته، فللرجل مقدرة فائقة وخبرة جعلت منه حاكماً وملكاً وسلطاناً، وهذا ما صرح به الدكتور نافع عندما زار ذات الولاية في زيارته الأخيرة، فسألته كيف وجدت الفاشر يا دكتور؟ قال لي هذه الولاية يحكمها (سلطان) ولم يزد، ففهمت أن كبر باقٍ في ولايته قبل أن تتزعزع أوضاع الولاة أخيراً بين البقاء والذهاب.