حوار: هادية قاسم المهدي تصوير: متوكل البيجاوي ظللنا نطرق قضايا المسرح وهمومه من فترة لأخرى على أمل أن ينصلح حاله باعتبار أن المسرح هو جزء كبير من ثقافة الأمة، فالمسرح السوداني أموره متعثرة ويعاني من منغصات تعيق أعماله، أجرينا حواراً مع الأستاذة عفاف الأمين الناقدة في مجال المسرح، فهي خريجة كلية الموسيقا والدراما قسم الراديو والتلفزيون، ونائب رئيس البرامج بالإذاعة الرياضية، وممثلة قدمت أعمالاً درامية حيث شاركت في فيلم (عبد الحي حي) إضافة لأعمال درامية إذاعية، وهي الآن مقدمة لبرنامج (ملامح درامية) بالإذاعة الرياضية.. لديها خبرة وشاركت في دورات تدريبية خارجية وداخلية في الإعداد والتقديم والإخراج. ٭٭ بداية.. كيف تقرأين واقع المسرح اليوم؟ واضح من خلال متابعاتي لحركة المسرح منذ سنوات أن الفعالية الوحيدة المنتظمة هي مهرجان البقعة وهي بقعة الضوء الوحيدة في المسرح وعلى مدى سنوات افتتاحه يكون هنالك مسؤول يتحدث عن أن هذا العام هو عام المسرح في السودان، ويمضي العام تلو الآخر ولا نرى مسرحاً ولا غيره، فيتكرر الحدث كل عام وتمضي الأعوام بلا مواسم مسرحية. ٭٭ أزمة الإنتاج لدينا ما زالت مستمرة.. كيف المخرج؟ توجد لدينا إمكانية نصوص وممثلين على درجة عالية من الكفاءة ومسارح يشهد لها التاريخ لكن مع كل ذلك نعاني من أزمة إنتاج قوية، فحتى المؤسسات أصبحت تتخوف من تمويل الأعمال الدرامية. ٭٭ لماذا؟ نسبة لابتعاد الجمهور عن المسرح وبالتالي يفشل العمل الدرامي وتخسر المؤسسة لذا نجد أن معظم المؤسسات لا تجازف في خوض مثل هذه التجارب. حيث إن المسرح الوحيد الذي يضمن جمهوره هو (فرقة الأصدقاء المسرحية) إلا أنها مؤخراً ابتعدت عن إنتاج أعمال جديدة. ٭٭ ما السبب وراء ذلك؟ ربما كان خوفاً من الفشل على الرغم من أن مسرحية (المهرّج) وجدت نجاحاً كبيرًا، والآن قد وجدت مسرحية (النظام يريد) قبولاً ونجاحاً كما استطاعت أن تعيد الجمهور إلى المسرح من جديد. ٭٭ ولماذا لا ينتج الممثل أعماله لوحده؟ حقيقة يعيش الدراميون واقعاً صعباً وأكثر فئة تعيش في فقر مدقع هي قبيلة الدراميين، وقليلون هم من يمولون أعمالهم بأنفسهم مثال جمال عبد الرحمن والفاضل سعيد رحمة الله عليه. ٭٭ حتى المواسم المسرحية لا تستمر لماذا؟ الأعمال التي تقوم عبر المسرح القومي إنما هي تجارب فردية ولم تجد نجاحاً يذكر، عكس مسرحية (النظام يريد) ولأن المسرح القومي لا يمتلك إنتاجاً ضخماً لم يتمكن من استقطاب الجمهور لذلك كثيرًا ما نجد أن مسرحياته لا تستمر. ٭٭ إلى أي مدى تؤثر قوة وضعف الإعلان عن المسرحيات؟ معلوم أن مسألة الإعلان تتدخل في نجاح العمل المسرحي، وإذا لم يتم الإعداد جيداً لإعلانات المسارح والترويج لها قبل فترة كافية فلن ينجح العمل على الإطلاق، وخير أنموذج لذلك الإعلان الضخم الذي سبق مسرحية (النظام يريد). بجانب ذلك فإن أسماء الدراميين الكبيرة التي لها وزنها هي التي تقف وراء نجاح العمل. ٭٭ نسبة مشاهدة الدراما السودانية ضعيفة وتكاد تنعدم، وربما كنا في ذيل الدراما على المستوى العربي والإفريقي؟ لأننا كسودانيين لا نقيّم ولا نحتفي بأشيائنا عموماً ونضع أنفسنا في مقارنات لا جدوى منها. برغم المعيقات التي تقف أمام العمل المسرحي في السودان إلا أن لدينا أعمال تجد المتابعة فمثلاً برنامج (حكايات سودانية) الذي تقدمه قناة الشروق وهو من إخراج أبو بكر الشيخ حيث ناقش البرنامج قضايا اجتماعية مهمة. لكن كل هذا لا يعفي ضعف إنتاجنا وأننا ما زلنا في ذيل الدراما على المستوى العربي والإفريقي. ٭٭ الدراما الخارجية تفرض وجودها بقوة عندنا؟ يدخل في ذلك الإنتاج الضخم الذي تتمتع به الدول الأخرى وفي المقابل أننا نعاني من ضعف الإمكانات بل أننا نكتفي حتى بالديكور المتاح ونتحايل على الميزانية تقليلاً للنفقات وبالتالي يؤثر الأمر على العمل المُنتَج. ٭٭ البيئة المسرحية طاردة، هل هذا صحيح؟ كل ذلك مرده لعدم اهتمام الدولة والتي يجب عليها أن تقوم برعاية المسرح والممثل حيث لا توجد محفزات للممثل وبالتالي نجد أن البيئة المسرحية طاردة. ٭٭ لهذا السبب تهاجر الكوادر الدرامية؟ نعم، فالمسرحيون يعانون من ضيق ذات اليد فيعزمون الهجرة لوجود فرص عملية أفضل، كما أن بسبب ضيق ذات اليد هنالك من فقد حياته. ٭٭ مقاطعة لها: مثل من؟ الممثل القدير عثمان رمضان الذي أُصيب بداء السكر وعلى إثره تم بتر رجله فأصبح مقعداً واضطرته ظروفه للعمل في مهنة هامشية حتى توفي ودون أن تهتم لأمره جهة ما. ٭٭ إذن دراسة الدراما والموسيقا ليست بها ثمرة طالما الأوضاع العملية في المجال متردية؟ كلية الدراما والموسيقا تخرِّج كل عام المئات، ولكن تتفرق بهم السبل من أجل لقمة العيش. ٭٭ هل تضيق عليهم فرص العمل في المجال؟ إننا في المسرح نعاني من مسألة (الشللية) وهذا ما يضيق الفرص العملية على أهل الدراما المتخصصين. ٭٭ أين قضايا مسرح الطفل وسط هذه المنغصات؟ أولاً دعيني أُحيّي كل من يعمل في مجال مسرح الطفل لأن العمل فيه يحتاج لاجتهادات خاصة، فمسرح الطفل نفسه يعاني مثل معاناة المسرح القومي، ولأن مسرح الطفل يعتبر أخطر من المسرح العادي نسبة لأن المخاطبة فيه تكون للأطفال؛ لذا نجده يحتاج لإمكانات أكبر من غيره لأن الطفل يحتاج للوسيلة الجاذبة من أزياء وديكور وغيرها من المعينات، لكن معظم هذه الأشياء لا تتوفر في مسرح الطفل بل لا توجد لديه خشبة مسرح خاصة به وإنما تنطلق أعماله من خشبة مسرح الفنون الشعبية، وهذا ما يجعل عروضه غير مستقرة. ٭٭ كيف تمارسين العملية النقدية الآن؟ أمارس عملية النقد من خلال برنامج (ملامح درامية) حيث أستضيف فيه عدد من المختصين في النقد ونقوم فيه بنقد تجارب مسرحية ودرامية. أضف لذلك مشاركاتي بكتابات نقدية في الصحف. ٭٭ ما هو دور المرأة في النقد عموماً، وهل ثمة حركة نقدية نسوية فاعلة؟ تكاد أسماء الناقدات لدينا أن تُعد على أصابع اليد الواحدة، وأذكر منهن الأستاذة هبة حسن صالح والتي تكاد تكون موجودة في كل المحاضرات والمهرجانات التي تهتم بالنقد، فكلية الموسيقا والدراما تخرِّج جزء بسيط جدًا من الناقدات في كل عام. ٭٭ لماذا؟ نسبة لأن النقد لا يعتبر وظيفة ولأن المرأة تبحث عن العمل نجدها بعيدة من دراسة النقد وبالتالي نجدها في اقسام الاخراج والتمثيل ،عموما نتمنى ان تزدهر الحركه النقدية النسوية. ٭٭ ختاماً ماذا تقول أستاذة عفاف الأمين؟ أتمنى أن تعود للمسرح هيبته وألقه ومواسمه المسرحية التي كانت تجذب الناس، وتعود إليه الأسماء الكبيرة مثل مكي سنادة وبلقيس عوض وتحيه زروق، ونتمنى أن ينال الممثل حقوقه كاملة ويعامل كموظف له امتيازات تضمن له الحياة المستقرة، وأن تهتم الدولة والمؤسسات بالمسرح بوجه عام.