بالقرب من ميدان العالم في إثيوبيا الذي يضم أكبر كنيسة في إفريقيا يقع مقر إقامة وفد مشار المفاوض بفندق سار مارينو بقيادة تعبان دينق. وعند الوصول للمكان تلاحظ الإجراءات الأمنية المشددة عند الدخول. رئيس الوفد المفاوض تعبان دينق ظل قبل وبعد إجراء المقابلة معه يسأل عن أحوال السودان والسوق والأجواء المناخية وكان ينصت للإجابات باهتمام متعاظم،«الإنتباهة» وكعادتها في تحقيق السبق الصحفي التقت السيد تعبان دينق رئيس الوفد المفاوض بأديس أبابا في أول مقابلة صحفية له مع صحيفة سودانية أو إفريقية. الحوار الذي ينشر بالأسفل حمل في طياته معلومات غاية في الأهمية حول الأزمة السياسية التي تعانيها الحركة الشعبية عقب موت د. جون قرنق مروراً بالفترة الانتقالية وذهاباً إلى آخر التطورات السياسية والميدانية بدولة جنوب السودان: السيد تعبان وقعت أحداث مفاجئة في منتصف ديسمبر الماضي بدولة الجنوب ولا بد مبدئياً من الوقوف على الخلفيات التي أدت إليها قبل الخوض في تفاصيلها؟ بالتاكيد اتفق معك، أساس الخلاف هو مشكلة سياسية ومشكلة الحكم في جنوب السودان حتى السودانيين في السودان وفي جنوب السودان يعلمون أن الموت المفاجئ للدكتور جون قرنق كان مشكلة بالنسبة لقيادة الحركة الشعبية، وهي مشكلة لأنها خلقت فراغاً واسعاً جداً. فقائد سياسي مثل قرنق صعب للغاية بعده أن تجد قائداً بمواصفاته وبديلاً يملأ الفراغ، لذلك كانت هناك مشكلة كبيرة جداً. من ناحية النظم وبعد موت جون قرنق كان لا بد من اختيار بديل له؟ سلفا كير معروف بكفاءته المحدودة جداً في العمل السياسي وعلاقاته الدولية والقيادية، لكن احتراماً للنظم الداخلية بالحركة الشعبية كان لا بد أن يكون هو البديل لقرنق. ما أسباب الأزمة التي تعتري الحركة الشعبية؟ الجميع وكما قلت سابقاً يعلمون تماماً أن هناك مشكلة داخل الحركة الشعبية. والمشكلة تكمن أن هناك قيادات بالحركة قومية وبارزة غادرت السودان بعد موت قرنق مثل الرفيق نيال دينق نيال الذي يمثل الآن رئيس الوفد المفاوض معنا، ورفض في ذلك الوقت منصب وزير الشؤون الخارجية، وهناك قيادات كثيرة جداً رحلت بعد موت قرنق عن السودان وانتقلت للإقامة في الخارج مما أثر على فاعلية أداء الحركة الشعبية، وقمنا باحتواء جزء من رحيل تلك القيادات عبر العمل السياسي الدؤوب. إذاً المشكلة في المقام الأول تتمثل في ماذا؟ مشكلة سياسية في الحكم باختصار. كيف توسعت الأزمة؟ بعد موت قرنق وخلافة سلفا كير ظهرت مسميات داخل الحركة الشعبية مثل أولاد قرنق ومجموعة ال«19» ومجموعة الخرطوم. لكن الأهم أن سلفا كير حاول الاستعانة بمجموعات من قبيلته ولم يكونوا قيادات فاعلة أثناء التحرير، وهذه خلقت مشكلة كبيرة جداً بالحركة الشعبية وأطاحت بالثقة تماماً، ولم يصبح سلفا كير يثق في قيادات أمثال رياك مشار وتعبان دينق ويعتبر أن لديهم أجندة مع الخرطوم وهي دائماً ما كان يذكر أن لدينا تاريخاً يسميه تاريخ «19» وتوقيع اتفاقية مع الخرطوم ومجموعة أخرى يعمل ضدها أمثال باقان أموم ودينق ألور وماما ربيكا كأبناء قرنق. هل قمتم بأية محاولات لوأد الأزمة؟ نعم احتوينا هذه المشكلة وأثرنا في الرئيس سلفا كير أنه من الأفضل والأحسن التمسك بقيادات الحركة لأن هناك قضية كبيرة أمامنا وهي الاستفتاء والانتخابات، وفعلاً سلفا كير رجع للقيادات لكن ليس بقلبه كله أو مثل ما يقولون «ما بالنية الكاملة» حتى تعمل الناس. هل استجابت القيادات لنداء المرحلة في ذلك الوقت؟ بعد ذلك عقدنا اجتماعات في ياي لمناقشة القضايا الداخلية في الحركة الشعبية والجميع توافق على ضرورة التماسك حتى نعبر بالاستفتاء ونستطيع تنفيذه، لذلك عادت القيادات التي غادرت بعد وفاة قرنق أمثال نيال دينق وتم إسناد بعض المسؤوليات لهم في الحركة الشعبية والحكومة واستمرينا إلى أن تم تنفيذ الاستفتاء وإجراء الانتخابات وقمنا بترشيح سلفا كير. مقاطعة.. لماذا اخترتم سلفا كير في تلك الانتخابات وأنت تقول إن الرئيس لم يعد للقيادات بنية كاملة؟ في الانتخابات اخترنا سلفا كير كما قلت لك بحسب النظم الداخلية بالحركة لكن بعدها مباشرة أعاد ذات المشكلات للسطح مجدداً خاصة عقب قيام دولة جنوب السودان وظهرت هذه المشكلات بصورة ثانية مختلفة. كيف؟ سلفا كير استطاع إزاحة عدد من القيادات النافذة داخل الحركة وبعض المسؤولين الحكوميين واعتمد تماماً على قبيلته في ملء تلك الأماكن مما أدى إلى بروز مشكلات في الحكم ومشكلات في الحركة الشعبية مما أدى إلى مشكلة كبيرة في الحكم والحركة لأن الحركة هي الحزب الحاكم وأية مشكلات تعتريها تؤثر على الحكم، وهذا شيء معروف، مثل انفراد سلفا كير بالقرارات تماماً ويعمل لوحده ولا يشاور أجهزة الحزب أو أي مستشار أو قيادي بالحركة. الحزب بات سلفا كير والحكم بات سلفا كير مما أخرج الحركة الشعبية من مسارها تماماً وأثر هذا على الحكم «وبقت في لخبطة شديدة في الحكم» لذلك ظهر فساد متفشٍ جداً وتفشت القبلية ومشكلات أمنية وعدم استقرار وأصبح هناك فساد في الحكم والمال وبقي ما في توزيع متوازن للسلطة والثروة لذلك بقي في قبائل متضررة وأقليات مظلومة جداً مثل قبيلة المورلي التي حملت السلاح جراء الظلم، وقامت القبيلة بحمل السلام ومشكلات أخرى مثل مشكلة الشهيد جورج أطور ومشكلات قبلية على مناطق التماس بين الدينكا والنوير، وهذاكله كان تعبيراً عن سياسيات سلفا كير الظالمة والفشل في إدارة البلاد والسلطة والحكم. أقالك الرئيس سلفا كير في وقت كان يعتقد فيه الكثيرون أنك من المقربين إليه، ما هي دواعي الإقالة وهل قابلت الرئيس بعد عزلك من منصبك حاكماً لولاية الوحدة؟ كيف تقيل حاكماً منتخباً.. كيف هذا أعتقد أن الرئيس فقد الثقة في نفسه وفي زملائه وفي الحزب، يجب أن تتم أية إقالة أو إعفاء من منصب لشخص منتخب عبر أجهزة الحكم. هناك قوانين تحكم ذلك. وسلفا كير كما قلت لك سابقاً أصبح ينفرد بالقرارات ونسي تماماً أن هناك حزباً وأن هناك أجهزة يديرها هو. إذاً تمت تصفيات للمناصب على أساس الشكوك وتصفية الحسابات والتصفيات المنصبية؟ نعم هو أقال شول تونق حاكم البحيرات وأقال تعبان دينق. ما هي الأسباب التي أدت لإقالتك؟ شخصياً نقل لي أسباباً، وقال إنه أقالني لأنني زول رياك مشار، وذكر لي بالنص«أنا أقلتك لأنك زول مشار وأمشي انتظرني أنت ومشار في الانتاخبات القادمة»!! وهذه صورة من صور فشل الحكم بدولة جنوب السودان وصورة للفشل في إدارة البلد عبر مؤسسات الحزب. راج حديث إبان عزلكم بحل أجهزة الحزب وبعد فترة نفت رئاسة الحزب ذلك؟ نعم سلفا كير حل أجهزة الحزب تماماً بحل هيئة المؤتمر العام للحزب وحل مجلس التحرير وحل المكتب القيادي للحركة. والحزب لم يعقد مؤتمره الثالث في ذاك الوقت وأبقى على مكتب رئيس الحزب لكن كيف ذلك والرئيس يعلم أنه رئيس على تلك الأجهزة وإن تم حلها لن يكون هناك رئيس، ولماذا أبقى على مكتب الرئيس ليدير به ماذا؟ ومن البدهيات إن لم يكن هناك مكتب قيادي ومجلس تحرير ومؤتمر عام لن يكون هناك رئيس في الأصل، وهذا يذكرني بحديث لزوجة ملك فرنسا عندما قامت الثورة الفرنسية ونظرت عبر نافذتها للاحتجاجات بالشارع وتساءلت ما هذا؟وعند إجابتها بأن هؤلاء يعانون من الجوع، أجابت «أعطوهم بسكويت»، ويجب عند وقوع الحاكم في أخطاء أن يتم عزله أو محاسبته بواسطة أجهزة الحزب، هو مثلاً قام بتجريد مشار من صلاحياته ومن ثم قام بعزله. بعد إقالتك ماذا فعلت؟ بعد إقالتي ذهبت إلى جوبا مباشرة وسألت الرئيس لماذا قمت بإقالتي؟ فأجابني مثل ما حدثتك سابقاً بأني «زول منحاز لمشار وهو مترشح في الانتخابات القادمة» لكني قلت له سيدي الرئيس أنا حاكم منتخب؟ وهذا مخالفة للدستور. لكنك لم تعترض على إقالتك في أي مكان ولم تذكر شيئاً عنها؟ هذا صحيح أنا فضلت الصمت، وسلفا كير يمثل رئيسي وأعرف قدراته وأعرف أن هناك ظروفاً، وعملت معه لفترة طويلة جداً واتخذت مبدأ الصمت ورأيت أن هذا الأمر مثل المطبات التي تعرضنا لها إبان موت قرنق وأن هذه فترة ستمر وسنجلس إلى سلفا كير لاحقاً ونعالج هذه المسائل حتى يعود الرئيس للخط العام والمعروف، لكن هذا لم يحدث وقام بإقالة رياك مشار وتعيين مسؤولين ليسوا من قيادات الحركة الشعبية وليسوا من الصف الأول أو الثاني أو الثالث إنما أشخاص لا وجود معروف لهم وقام بتسليم الحركة لأشخاص لم يكونوا من القيادات. هل طالبتم بمصالحة داخلية وإجراء نقاش للخروج من هذه الأزمة إبان تلك الفترة؟ بالتأكيد نحن طالبنا بمصالحة داخلية ونقاش لتقييم مسار الحركة الشعبية وكيف ندير البلد خاصة وأن هناك أسئلة مهمة للغاية أن الحزب فشل في إدارة البلاد ومحاربة الفساد والقبلية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين وتوفير الأمن ومعالجة العلاقات الخارجية التي تدهورت جداً خاصة مع الخرطوم التي وصلت العلاقة معها إلى مرحلة الهاوية في ذاك الوقت والخرطوم حليف إستراتيجي ودخلنا حرباً لكنها وبحمد الله كانت محدودة نسبة لأخطاء سلفا كير... مقاطعة.. أنت متهم بإدارة تلك الحرب والهجوم على هجليج؟ نعم سمعت بهذا لكن هذه سياسة سلفا كير ولأسبابه هو هاجم ودخل في حرب وفقدنا بذلك حلفاءنا والناس الذين منحونا الاستقلال ودولة، وفقدنا أيضاً العلاقة مع الأممالمتحدة. سلفا كير في ذلك الوقت قام بجولات أوربية وللأمم المتحدة هل كانت لإصلاح العلاقات أم أنها اتهامات خلافية منك؟ سلفا كير أصبح سلطاناً وليس رئيساً للبلد وبات يعمل من أجل عشيرته ويقوم بتعيين أبناء عشيرته وملَّكهم الثروة والسلطة وما في رأي آخر والحريات منعدمة ولم يقم بالزيارت للإصلاح إنما لأسباب تخصه. مرحلة مؤتمر مشار شكلت أخطر المراحل التي يرى البعض أن بسببها وقعت الأحداث؟ عندما شعرنا بأن سلفا كير لن يسمح بمناقشة مطالبات كثيرة للحركة الشعبية واجهزتها مثل عقد المكتب السياسي لمناقشة قضايا البلاد ومناقشة قضايا الحزب والحكم، واستمر في منع انعقاد المكتب لسنتين الذي انعقد خلالها مرة واحدة فقط ولم يكتمل ذلك الاجتماع، وعندما شعرنا بأن سلفا كير لا يسمع كلام احد ولا ينصت لأية نصحية كما ذكرت سلفاً ولا يسمح لقيادة الحزب بالتقرير في شأن الحزب والبلد، قمنا يوم 6 ديسمبر 2013م باقامة مؤتمر صحفي بوجود القيادات النافذة في الحركة الشعبية وجزء من قيادات في المكتب القيادي ومجلس التحرير ومنهم «11» تم اعتقالهم. هل طالبتم الرئيس بعقد أية اجتماعات؟ في المؤتمر الصحفي حديثنا كان بسيطاً بأننا نطالب رئيسنا بالنظر في حال البلاد التي تنحدر للهاوية وانهيار كل المجالات والسخط الشعبي الواسع وانعدام الخدمات، وطالبنا بعقد اجتماع عاجل للمكتب القيادي حتى نضع اجندة لاجتماع مجلس التحرير ونكمل النقاش حول الوسائل الاساسية للدستور والقوانين المنظمة للحركة الشعبية، وقلنا إن الرئيس ان لم يقم باقامة الاجتماع يوم 14 ديسمبر سنقوم بعمل لقاء جماهيري حتى نشرح للشعب الجنوبي، خاصة ان المواطنين اصبحوا يقولون ان الحركة الشعبية حزب فاسد ولا يعمل للبلد ولا برامج لها، لذلك حتى نشرح للشعب الجنوبي ان فشل الدولة ليس فشل الحزب وانما يتحمله شخص واحد هو سلفا كير الذي تسبب في هذا الفشل القائم. كيف قابل مطالبتكم هذه؟ يوم 6 ديسمبر الرئيس كان موجوداً في فرنسا، واصدر من هناك توجيهات باعتقال مشار وربيكا، لكن لأسباب يعرفها وزير الدفاع ووزير الشؤون الداخلية ومسؤول الامن لم يتم تنفيذ تلك التوجيهات، وعند عودته من فرنسا كان غاضباً ورفض الدعوة إلى اجتماع المكتب القيادي وقام بالدعوة الى اجتماع عاجل لمجلس التحرير، ومجلس التحرير لا يمكن أن ينعقد قبل انعقاد المكتب القيادي الذي يضع اجندة اجتماع مجلس التحرير حسب الدستور، وكانت هناك تدخلات من قادة الكنائس وقادة المساجد ورجال الدين وكبار أعيان الدينكا، وطلبوا التأجيل منا ومن سلفا كير، وراوا ان الفريقين يتجهان للتصادم، وطلبوا من الطرفين تأجيل اللقاء الجماهيري يوم 14 ديسمبر، وتأجيل انعقاد مجلس التحرير، وقمنا بالانصياع للدعوة وتأجيل اللقاء الجماهيري، لكن سلفا كير لم يمتثل للمناشدة ورفضها وقام بعقد اجتماع مجلس التحرير. هل ذهبتم إلى اجتماع مجلس التحرير القومي رغم كل تلك المجريات الساخنة؟ نعم ذهبنا.. ومشار نائب رئيس الحزب ونحن اعضاء في المكتب القيادي.. ورأينا ان ذهابنا يمكن ان يتيح فرصة للنقاش للمشكلات التي تعاني منها البلاد ويعاني منها الحزب، وبالفعل ذهبنا للاجتماع، وفي الافتتاح ايضا قادة المساجد والكنائس طالبوا بذات المناشدة، وطالبوا بوضع استقرار في البلد وحل مشكلات الحركة الشعبية، وفي كلمة سلفا كير سيئة الاخراج شن هجوماً عنيفاً وأطلق شتائم عليناً وأكثر من ذكر الماضي، وقال ان مشار قتل الناس في عام 1991م، وانه لن يسمح بتكرار هذه المشكلات مرة اخرى، وانه استعد وسوف يواجه اي شخص يحاول النيل من سلطته بحسم. دارت أحاديث بأن سلفا كير أثناء الخطاب طالب بفصل وعزل باقان من الاجتماع.. هل هذا الحديث صحيح؟ نعم صحيح.. وهو في خطابه طلب رسمياً من مجلس التحرير عزل وفصل باقان أموم من الأمانة العامة للحركة الشعبية ومن الحركة الشعبية، وعندما جاءت فرصة التداول والنقاش للأعضاء رفض منح فرصة لأحد، وقال ان آراءه تقدمية ولا توجد فرص للنقاش. وماذا فعلتم بعد الخطاب؟ مساء ذات اليوم اجتمعنا وناقشنا تطورات الاجتماع ومساره، وقمنا بتقييمه وتوصلنا إلى ان لا جدوي من الاجتماع ومن المطالبة بالنقاش. كنت شاهداً على وقوع الأحداث في جوبا يوم 15 ديسمبر.. ماذا جرى بدقة؟ يوم 15 ديسمبر لم نحضر الاجتماع، والرئيس عندما حضر ولم يجدنا وجه فوراً اللواء مريال شنول بتجريد وحدات الحرس الجمهوري جميعاً، وبالفعل قام مريال بالأمر لكنه عاد وسلح كتيبة من أبناء الدينكا فقط، لتتوالى الأحداث ويعترض ضباط النوير على ذلك بعد استفسارهم عن الخطوة، مما أوقع فوراً تمرداً داخل وحداتهم، ووقعت الأحداث ليلاً، واندلعت الاشتباكات الداخلية بالحرس الجمهوري المعروفة في جوبا. أين كنتم عندما وقعت تلك الاشتباكات؟ كنا موجودين بمنازلنا بما فينا مشار، وجميع المعتقلين السياسيين كلهم كانوا في منازلهم، واعتقد الجميع ان الاشتباكات نتيجة تمرد داخلي بالجيش الشعبي سيتم التعامل معه، لأن هذا لم يكن اول تمرد ولا أول ضرب نار داخل جوبا. صباح 16 ديمسبر أذاع الرئيس حديثاً قال فيه انكم خططتم لانقلاب فاشل وان ملاحقتكم جارية الآن؟ قضينا يوم 15 ديسمبر بمنازلنا، وفوجئنا يوم 16 بوحدات الحرس الجمهوري، خاصة ان سلفا كير احضر ثلاثة آلاف جندي من منطقته وقام بنشرهم في وحدات الحرس الجمهوري الرسمي، وقام بتدريبهم دون علم رئيس هيئة الأركان بالجيش الشعبي الذي اعترض لاحقاً عليهم، ووقعت مجازر قبلية ضد النوير. متى غادرت عندما علمت أن الأمر سوف يتجه للأسوأ؟ غادرت منزلي يوم 16ديسمبر في تمام الساعة «12» ظهراً، وتم إبلاغي بأن هناك قوات متجهة إلى منزلي لاعتقالي، ولا بد من مغادرتي أنا ورياك مشار جوبا. خاصة أن هناك تصفية كبيرة للنوير، وهناك مخطط لتصفيتنا انا ومشار، وان من الضرورة العاجلة مغادرة جوبا فوراً، في وقت تم فيه سجن الرفيق قير شونق. هل غادرتم لمقر إحدى البعثات الأممية كما رشح أم كيف كانت عملية خروجكم؟ بعد «15» دقيقة بالضبط من مغادرتي تمت مداهمة منزلي والهجوم عليه، ووصلت لملاذ آمن داخل جوبا، وغادرت بعد ذلك للغابة والتحقت بمشار الذي كان قد سبقني بالخروج، وعقب ذلك فوجئنا بأن سلفا كير ارتدى الزي الرسمي العسكري، وقال في تصريحات مباشرة إن هناك محاولة انقلابية يقودها مشار، وانه تم إخمادها، وذكر في ذلك الوقت كان فيه مشار قد احتمى بالسفارة ومقر بعثة، وهناك الكثير من التاويلات غير الصحيحة، والحقيقة هي أن مشار خرج من جوبا واتجه مباشرة للغابة ولم يحتم أو يذهب لأحد، وبقية الرفقاء عندما سمعوا أسماءهم قاموا بتسليم أنفسهم مثل جون لوك الذي سلم نفسه ولم يكن هناك أي انقلاب. ما تقييمك لاتفاق وقف إطلاق النار؟ الاتفاق يشتمل على شقين، الأول إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والثاني وقف العدائيات، وأهمية الاتفاق تتمثل في خلق روح النقاش ومواصلتها وخلق جو من التهدئة للاستمرار في نقاش القضايا المعقدة، ونحن في اتفاق وقف العدائيات طالبنا بانسحاب القوات اليوغندية من بلادنا لأنها هي التي تقوم بالاعتداء، وهي قوة تتكون من عشرة آلاف جندي موزعة في بور وملكال وواو والوحدة، وهذه مشكلة كبيرة جداً في تنفيذ اتفاق العدائيات، لأن يوغندا تزيد من حجم قواتها وتزيد من الهجمات علينا، لذلك من الصعب تنفيذ الاتفاق، وهناك ايضاً إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وهو مهم للغاية حتى يلتحقوا بالجولات التفاوضية المقبلة، وإذا لم يتم إطلاق سراحهم من الصعب المضي في ذلك قدماً، ولا بد من سحب القوات اليوغندية كل هذا الحديث يبرهن على أن الاتفاق ولد ميتاً هل تتفق معي على ذلك؟ بالتأكيد الاتفاق الموقع ولد ميتاً في ظل الوجود العسكري اليوغندي، ولازم ينسحبوا، وهذا يولد ايضاً معضلة في التنفيذ، والاتفاق لن يمضي للأمام. هل تم اعتداء يوغندي عليكم بعد توقيع الاتفاق؟ نعم وقع اعتداء في محور بور وملكال ودوليب فيل والوحدة بمناطق النفط ومنطقة نيو بانتيووجنوببانتيو، وقاموا باحتلال حقول سارجاس الوحدة a5 وفي طريقهم إلى اللير، وهم يتقدمون كثيراً الآن على الارض ويديرون معارك ضدنا ويتوغلون أيضاً، وهذه صورة سلبية لمنبر التفاوض. هل أنتم موافقون على التفاوض يوم «7» فبراير بحسب ما أعلن أن هناك جولة جديدة؟ أولاً ستكون هناك زيارات لترتيب الأجندة، وما لم يتم إطلاق المعتقلين جميعاً لن تكون هناك جولة من التفاوض هؤلاء، وهناك جزء أصيل من المناقشين حول الأزمة السياسية بالحركة الشعبية، وعلى سلفا كير الاختيار بين المصالحة داخل الحزب أو الحرب، وإن اختار الأخيرة لن يطلق سراح بقية المعتقلين، والصورة المقبلة قاتمة، وموسفيني يقول على الملأ سوف يعتقل مشار أو يقتله، مما يعكس صورة قاتمة كما قلت.