قرار جديد أصدرته الحكومة بتجميد نشاط بعثة الصليب الاحمر فى السودان، ويبرز احد اسباب تعليق نشاط بعثة الصليب الاحمر بالسودان بالآليات التى يتم بها تنفيذ نشاط البعثة، حيث اعتبرت الحكومة ان توصيل المساعدات لن يتم الا عبر وسيط سودانى، لكن تتمسك البعثة بايصال المساعدات بنفس آلياتها، الأمر الذى دفع الحكومة إلى تعليق نشاطها الى حين التزامها بشروط وقوانين الدولة. وبحسب مفوض العون الانسانى سليمان عبد الرحمن فى افادته للزميلة «المجهر السياسي» الذى فصل اسباب هذا التعليق، فإنه أكد انه بناءً على موجهات الدولة للعمل الطوعى لعام 2006م تمت مخاطبة اللجنة الدولية للصليب الاحمر عدة مرات منذ العام الماضى للايفاء بما يليها من التزامات تجاه الموجهات والقانون، ومن ضمنها توقيع الاتفاقية القطرية المعدلة التى اعدتها وزارة الخارجية ومراجعة خططتهم السنوية لعام 2013م مع الشريك الوطنى «الهلال الاحمر السودانى». وأكد سليمان ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر لم تلتزم بموجهات وقوانين الدولة للعمل الانسانى لعام 2013م، لذلك اشترطت المفوضية ان تقوم اللجنة الدولية للصليب الاحمر باستيفاء مطلوبات وموجهات العمل الانسانى، ويمضى سليمان قائلاً ان اللجنة مازالت تطلب التشاور والتفاوض مع الجهات الحكومية ذات الصلة «المفوضية الخارجية» للوصول الى صيغة مقبولة متفق عليها حتى تواصل انشطتها فى السودان. وبحسب المتابع لشؤون المنظمات عبد المنعم عبد الله فقد اكد خلال افادته للصحيفة أن السودان من اكثر الدول وجوداً فيه المنظمات الانسانية، وقد اتت تحذيرات كثيرة من قبل الحكومة تحذر من نشاطات اخرى غير التى دخلت من اجلها، وهى المساعدات الانسانية، واتت مطالبات من الحكومة والاجهزة المختصة بضرورة ضبط عمل المنظمات الاجنبية وعدم السماح لها بالعمل الا من خلال بوابة الدولة، كما حثت المنظمات الوطنية على سد الفجوة بالداخل للحيلولة دون تدخل المنظمات الأجنبية، وانتقد دور منظمة حقوق الإنسان الدولية وسلبية دورها تجاه السودان والتعامل معه بازدواجية، بالاضافة الى ضرورة تنشيط عمل المنظمات الوطنية لإخراج السودان من اية محاولات للوصاية. وذكرت مصادر ان ثمة تجاوزات وباشكال مختلفة من بعض المنظمات وصلت الى حد نقل بعض المنظمات جرحى من المتمردين واخلائهم جوياً او عبر وسائل نقل مملوكة للمنظمات الى مناطق التمرد، وهو عين ما حدث اثناء الهجوم على معسكر «كلمة»، حيث وضح ان هناك منظمات تعمدت اخفاء ومساعدة بعض المتمردين من الجرحى والمطلوبين، كما تقوم بعض المنظمات بممارسة التحريض لبعض النازحين لمنعهم من العودة الى ديارهم فى اطار برنامج العودة الطوعية، بمهاجمة برامج الحكومة والصمت على تجاوزات المتمردين والذين اختطفوا من قبل مجموعة من العاملين بمنظمة انقاذ الطفولة، وهو المسلك الذى لم يجد ادانة لا من جانب الحكومات التى تحمل تلك المنظمات جنسيتها ولا من المكاتب الرئيسة لتلك المنظمات او الاقليمية، الى ان تم اطلاق سراح المختطفين بجهود ومتابعة من الحكومة المركزية بالخرطوم وحكومة ولاية شمال دارفور. مما جعل الحكومة تتخذ إجراءات حاسمة في مواجهة بعض المنظمات العاملة في الشأن الإنساني، اذا ثبت عدم التزامها بالعمل في حدود التفويض الإنساني الممنوح لها فقط. وما أثير أخيراً حول ما سمته بعض المنظمات الوضع الذي يوشك على الانفجار بولايات شرق السودان في ما يتعلق بالجانب الإنساني «عار تماماً عن الصحة». واتهمت الحكومة هذه المنظمات بانها قامت بفبركة مثل هذه المعلومات وبثتها على الإعلام الخارجي، وأن ذلك يطعن كثيراً في مصداقية ومهنية المنظمة أو الجهة التي أطلقتها. وأكدت المصادر أن الدولة لن تتهاون مطلقا في اتخاذ أية إجراءات صارمة تجاه أية منظمة إنسانية تعمل في الشرق أو غيره إذا تأكد أن هذه المنظمة أو غيرها تتعمد اطلاق معلومات غير صحيحة لخلق نوع من البلبلة وسط قطاعات الرأي العام السوداني والتأليب على البلاد. وكانت الحكومة قد امرت مدير منظمة «كير» الامريكية العاملة في المجال الانساني بول باركر بمغادرة البلاد خلال فترة اقصاها «72» ساعة ليصبح ثالث شخصية غربية قرر طردها من البلاد خلال اسبوع. وقالت مصادر في وزارة الشؤون الانسانية ان بول طُرد لانه تجاوز القوانين في البلاد، مؤكدة انه تسلم بصفة رسمية امس خطاب المغادرة. وافادت المصادر ان السلطات رأت أنه شخص غير مرغوب فيه لتجاوزات عدة رفضت الخوض في تفاصيلها، وأوضحت ان فترة الرجل المصرحة له للعمل في البلاد انتهت، وابلغ بعد تقدمه بطلب آخر للتجديد أن السلطات رفضت الاستجابة للطلب، وبالتالي عليه مغادرة السودان في فترة اقصاها ثلاثة ايام. وعلى كل يبقى أمر المنظمات والبعثات الإنسانية ملفاً شائكاً، وتسعى الحكومة إلى أن تضع سيطرتها على نشاطاتها وفق قوانين تضعها، إلا أن عقبات تقف عائقاً تنفيذها أمام الحكومة.