أثار التقارب بين مكونات الحركة الإسلامية التاريخية بالسودان -والممثلة في أحزاب »المؤتمر الشعبي« و«حركة الإصلاح الآن« و«المؤتمر الوطني« الحاكم- تساؤلات عما إذا كانت مدخلا لإعادة لحمة الإسلاميين السودانيين الذين تفرقوا بين الكيانات الثلاثة لاختلافات في تطبيق تجربتهم بالبلاد؟ ففي حين توقع متابعون أن التقارب قادر على إذابة خلافات الماضي وإعادة الصف الإسلامي إلى سيرته الأولى، يشكك متشائمون بنوايا المؤتمر الوطني »في ثنايا مبادرته للحوار«. ويرون أنها لم تعد سوى محاولة لقطع الطريق أمام تحالف محتمل بين المؤتمر الشعبي بزعامة الشيخ حسن الترابي وحزب الإصلاح الآن بقيادة غازي صلاح الدين المستشار السابق لرئيس الجمهورية. فأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين يقول إن مبادرة الرئيس عمر حسن البشير -رئيس حزب المؤتمر الوطني- لم تحمل التغيير الجذري الذي يطالب به الجميع بمن فيهم المؤتمر الشعبي ومجموعة غازي الإصلاحية، مما لا يترك مجالا للتكهن والاستنتاج بقدرته على إذابة الخلافات بينهم. مناورة حزبية ويرى الأمين أن خطاب البشير الأخير كان »مناورة من المؤتمر الوطني لإيقاف تيار الإصلاحيين الذي يجذب الكوادر العليا والوسطى والقواعد الدنيا في الحزب والحركة الإسلامية عموما«، مشيرا إلى أن ذلك يفسر التقارب الحالي بين الشعبي والإصلاح. لكن المحلل السياسي بدر الدين يونس يؤكد قدرة البشير على رأب الصدع في الجسم الإسلامي لوجود علاقات ودية مع الأطراف المعنية، بجانب »حرصه على لم شمل الإسلاميين من خلال أكثر من مبادرة قادها بنفسه«. ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن خطاب الرئيس الداعي إلى الحوار بين كل السودانيين حمل رسائل إلى الإسلاميين بشكل خاص »لأنهم الأقرب إليه من بقية القوى السياسية«. وأضاف »من باب أولى أن يتم التوافق بين الإسلاميين حول خلافاتهم، لأنها ليست كبيرة، قبل إدارة حوار مع القوى السياسية الأخرى، وأعتقد أن هذا ما يحدث الآن بشكل ما«. عدم إقصاء لكن القيادي في حركة الإصلاح الآن أسامة توفيق يشير إلى أن حزبه يستهدف كل القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، معتبرا أن المرحلة لا تسمح بأي إقصاء لطرف موجود بالساحة. وقال في حديثه للجزيرة نت إن الهدف المحدد هو انعقاد ورشة عمل يشارك فيها الجميع خلال أسبوعين للاتفاق على المطالب الشعبية وتحديد آليات تنفيذها والجدول الزمني لذلك. وأضاف أن الوقت غير مناسب للتكتلات، »ومن الأجدى إدارة حوارات ثنائية مع الأطراف المختلفة لا تستثني المؤتمر الوطني نفسه«، مؤكدا أن خطوة الحركة وجدت ترحيبا من كل القوى السياسية. بحث عن مخرج بينما اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية عبده مختار موسى أن الإحباط الناجم عن خطاب البشير الأخير »وحد القوى السياسية حول ضرورة البحث عن مخرج وحل للأزمة الوطنية بعيدا عن التسويف وتضييع الوقت، »ما قد يفتح الطريق أمام تحالفات سياسية جديدة«. ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى وجود قواسم مشتركة بين بعض الأحزاب تدعم التقارب بينها وتعزز من فرص نجاح العمل المشترك، مشيرا إلى عدم وجود اختلافات أيدلوجية أو تناقضات بين أطروحات بعضها. ويرى أن هذه الخطوة مطلوبة في المرحلة التي يعيشها السودان »التي عجز فيها من بقي من قادة المؤتمر الوطني على التوافق للخروج من الأزمة«.