دعت ورقة قدمتها الحركة الشعبية بقيادة د. رياك مشار إلى وساطة إيقاد، لعقد مؤتمر سلام وطني بدولة جنوب السودان، الدعوة نفسها أعلن عنها سيوم مسفن كبير مفاوضي إيقاد عبر خطابه في اجتماعات مجلس السلم والأمن الإفريقي. ورقة مشار التي حوت تفاصيل مثيرة ردّ عليها نائب رئيس دولة جنوب السودان جيمس واني إيقا في كلمة له أيضاً باجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي المنعقد في أديس أبابا الأسبوع المنصرم. وما يُثار حول الورقة التي حملت شواهد تصفيات بشرية حرك بركة الخلاف والدفوعات بين الطرفين، فتارة تقول جوبا إن الورقة حملتها أعمال لا علاقة لها بها، وتارة أخرى تجزم مجموعة مشار بأن تلك التصفيات مقصودة تجاه مجتمعات بعينها، ومن هنا في الخرطوم وهناك في أديس أبابا وفي جوبا كذلك جابت الورقة ردهات متفرقة وناقشتها لجان مختلفة، توصلت في جوبا إلى إجراء تحقيق عاجل وفوري حولها، وحتى الرئيس سلفا كير وجه فوراً بتشكيل لجنة للتحقيق في تلك الأحداث التي حملتها الورقة. ومن جهته قدم وفد مشار الورقة مثار الخلاف إلى الوسطاء، ورأى ضرورة تضمينها ضمن أجندة التفاوض لمحاسبة مرتكبيها. (الإنتباهة) صوبت طريق نشرها عبر طريقين، حكومي ومعارض، بغية بسط جناح الحقيقة للطرفين. جوبا تدافع دافعت جوبا عن موقفها بشأن الأحداث الدموية التي شهدتها العاصمة إبان اندلاع الأحداث في منتصف ديسمبر الماضي، ورأت أن ما يُثار حول وقوع أعمال تصفية على هذا الأساس غير صحيحة، وقال الرئيس سلفا كير في كلمة الأسبوع قبل الماضي: (إن كل من يقوم بقتل أحد من أجله أو تحت اسمه لن يقبل هو بذلك وسيقوم بمحاسبته)!. وفي الوقت الذي نفى فيه مسؤول حكومي كبير قيام القوات الحكومية بتلك التصفيات، وذكر أن العملية الانتقامية لا أساس لها داخل الصراع الدائر بدولته، في مقابل ذلك قال وزير الخارجية بدولة جنوب السودان برنابا بنجامين إن بلاده حريصة على تنفيذ اتفاق وقف العدائيات، ونوَّه بأهمية التمسك بالاتفاق. الطريق إلى الأمام حذر وفد مشار من مغبة تصاعد الخلافات وانتقالها إلى مرحلة الحرب القبلية عقب عرضه لوثائق وصور تظهر مقتل مئات من النوير، واتهم سلفا كير بما سماه إغراق البلاد في انتفاضة مسلحة شاملة، ورأى أن حل الأزمة الراهنة يتمثل في نقطتين أوليتين الأولى: تشمل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. والثانية: تشمل وقف العدائيات وإقامة مؤتمر السلام الوطني، وحدد جملة من النقاط لإيقاف نزيف الدماء تحتوي على: 1 إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومنحهم حرية الحركة ومساحة سياسية للانضمام إلى محادثات السلام الحالية. 2 انسحاب القوات العسكرية اليوغندية من جنوب السودان. 3 رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد. 4 توفير وصول المساعدات الإنسانية للمشردين داخلياً في جميع أنحاء البلاد. 5 منح جميع منظمات حقوق الإنسان الدولية تحت قيادة مجلس الأممالمتحدة، حق الإنسان بحرية الوصول للتحقيق في الفظائع وغيرها من القضايا المهمة ذات الصلة لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية. 6 عقد مؤتمر السلام الوطني لحل الأزمة المستمرة ورسم مسار سياسي جديد يؤدي إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على السياسة الوطنية والسلام والمصالحة. التفاصيل الكاملة بدأت الأزمة الحالية في العام الماضي عندما أعلن الدكتور رياك مشار نائب رئيس الحركة الشعبية، عن نيته المنافسة على رئاسة الحركة الشعبية الذي هو حقه الديمقراطي، وسرعان ما انضم إليه باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، وربيكا نياندنج دي مابيور، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية. وبدلاً من اتخاذ المسؤول عن الوضع بالحركة خطوات منطقية باعتباره رئيس الحركة الشعبية، قام سلفا كير بإصدار مرسوم رئاسي سحب بموجبها الصلاحيات المفوضة للدكتور رياك مشار. ثم اتبعه بمراسيم رئاسية أكثر وأقال الدكتور رياك مشار نائب الرئيس، وحل مجلس الوزراء وتعليق صلاحيات الأمين العام للحركة الشعبية وإخضاعه للتحقيق الجنائي بسبب اتهامات بالفساد. ردود فعل في الفترة الماضية، ظهر اتجاهان للمعارضة في الحركة الشعبية. وقدمت الجماعة في الحكومة التي تشمل وزيرين واثنين من المحافظين، ورقة رافضة لمراسيم سلفا كير باعتبارها أمراً غير دستوري خاصة إقالة محافظ البحيرات ومحافظ الوحدة على التوالي. وظهرت في تلك الفترة جهود للتوفيق بين الاتجاهات المختلفة لكنها لم تصل لشيء. دعوة للتصالح وعقب ذلك دعا الدكتور رياك مشار ومجموعة أخرى في مؤتمر صحفي بمنزله في «6» ديسمبر الماضي، إلى حل الخلافات الرئيسة مع الرئيس سلفا كير في إطار حزبي تحت ظل شجرة الحركة الشعبية، ودعا رئيس الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت إلى عقد اجتماع للمكتب السياسي من أجل تعيين جدول أعمال مجلس التحرير القومي. وأعلن الدكتور رياك مشار ومجموعته عقد مخاطبة للجمهور والشعب الجنوبي يوم «14» ديسمبر لإطلاعه على الخلافات والحقائق بشأن الأزمة الداخلية بالحركة الشعبية، وأوضحت الورقة أنه في تلك الأثناء كان من المقرر أن تعقد الأمانة العامة للحركة الشعبية في ذلك اليوم فاتحة دورة مجلس التحرير الوطني بحسب رؤية الرئيس. وذكرت «وخوفاً من التصادم دفع شيوخ الدينكا» وقادة الكنيسة مناشدة للجانبين لتأجيل كل من التجمع الخاص بمشار ومجموعته والاجتماع العام (NLC) وإعطاء الحوار بين الاثنين فرصة من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الخلافية. محاولة السيطرة يرى نائب رئيس دولة جنوب السودان جيمس واني إيقا، أن مشار يحاول السيطرة على الحكم عبر العملية العسكرية، ويجزم أن مشار يقود عملاً لا أساس له بالأزمة السياسية. وأبان في كلمته أمام اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي الأسبوع الماضي بأديس أبابا، أن مشار قاد صراعاً من أجل الوصول للحكم عبر قيادة عمل عسكري ضد الحكومة المنتخبة شرعياً، داعياً الاتحاد الإفريقي لإدانة العملية. إذعان للدعوة الدكتور رياك مشار وآخرون أذعنوا للمناشدة وأصدروا بياناً في هذا الشأن، ومع ذلك بدأت اجتماعات مجلس التحرير القومي للحركة الشعبية كما كان مقرراً صباح السبت. من جهته كرر باولينو لورو، رئيس أساقفة الكاثوليك في جوبا كرر النداء ودعا إلى الهدوء والانسجام. في كلمته الافتتاحية وفي الاجتماع أدلى رئيس الحركة الشعبية بإشارة إلى التناقضات الداخلية التي أعاقت وظائف الحزب منذ مارس، وكيفية حلها ودياً. وبدا خطابه أكثر عدوانية، وتجاهل النداء الذي وجهه رئيس الأساقفة عمداً وأشار إلى انقسام داخل الحركة الشعبية 1991 / الجيش الشعبي انشقاق الناصر الشهير. اقتبست الورقة ما يلي: «في ضوء التطورات الأخيرة قام بعض الرفاق بتحدي قرارات تنفيذية في بلدي، لا بد لي من تحذير أن هذا السلوك هو بمثابة عدم الانضباط، والذي سوف يعيدنا إلى أيام الانقسام عام 1991م». بداية الأحداث بعد ظهر يوم الأحد واجتماع المؤتمر اختتم الرئيس سلفا كير ميارديت المؤتمر بتعليمات للقائد العام للجيش الشعبي، حيث أمر اللواء ماريال كيوينغ قائد فرقة النمر «الحرس الرئاسي التايغر» بمغادرة مكان الاجتماع في (Nyakuron) والعودة إلى وحدته (H / QS) ونزع سلاح قواته. ذهب ماريال لتنفيذ الأوامر لكنه اصطدم بتمرد قواته التي انقسمت بين موافق للنزع ورافض له، ووقع الاشتباك الدامي، وتشتت القوات عقب تلاوة قرار الرئيس بنزع السلاح من أبناء النوير دون الدينكا، ولفت الأمر انتباه بعض الجنود النوير الذين تصادف وجودهم في مكان قريب. تلى ذلك عراك بالأيدي بين أمين مخزن السلاح بالوحدة وبعض الجنود من النوير مما أوقع مزيداً من الارتباك، وكسر الجنود النوير مخزن السلاح وسلحوا أنفسهم. وبدأت عملية القتال بمشكلة داخلية بالحرس الرئاسي واستمرت من ليلة الأحد وحتى بعد ظهر يوم الإثنين. قصة خرقاء ربط القتال بين الحرس الرئاسي ومحاولة انقلاب ضد الدولة التي حمَّلها في مؤتمر صحفي سلفا كير، لمشار يوضح أن القصة الخرقاء بشكل لا يصدق. وعبثية قصة الانقلاب لم تخرج بشكل واضح، خاصة مع نشر مليشيات رئاسية أساسها من واراب وشمال بحر الغزال، لقتل العزل والمدنيين والنساء والأطفال في جوبا بحجة ملاحقة متورطين في الانقلاب على افتراض أنهم كانوا أنصار مشار. صيد قبلي اتهمت الورقة الرئيس سلفا كير باتباع نظرية الصيد القبلي لتصفية خصومه، وقالت إن سلفا كير يدفع البلاد إلى حافة الهاوية ويقتل المدنيين من النساء والشباب والطلاب وأشخاص من عرقيات أخرى، وتم تنفيذ عمليات تصفية عرقية وصيد قبلي أمام منازل السكان بجانب اعتقال المئات دون أسباب إنما لدواعي قبلية ونقلهم للمعتقلات بواسطة عناصر الأمن الوطني والمخابرات في المدينة. بجانب دفن جثث آخرين في مقابر جماعية سراً في الليل. تبييت النية هناك صلة مباشرة بين الأحداث التي تتكشف الآن وتصورات الصراع، حيث قام سلفا كير بجولة في أربع ولايات في سبتمبر الماضي، أدلى سلفا كير فيها بخطابات الكراهية ضد فريق الدكتور رياك مشار نائبه وعدد من الوزراء السابقين. وفي «أيكون» مسقط رأسه، قال في خطاب بثته (SSTV): «هذه السلطة التي لدي ملك لكم، لقد قاتلتم ومات منكم آخرون، الآن بعض الناس يريدون أن ينتزع مني هذه السلطة لكن لن نقبل ذلك». نواصل.