عندما نتوقف للحديث عن نساء بلادي أخشى أن التاريخ يتحرك ببطء من ثقل الوزن الذي هبط عليه.. رائدات وصاحبات بصمة فتحن الطريق لحواء السودانية لتتقدم وتصل إلى الصف الأول في كل المجالات.. وبالحديث عن الإعلامية الرائدة المثقفة لا يمكن أن نغفل عن الأستاذة نفيسة كامل تلك الأم الرائدة والقائدة مثالاً للمرأة السودانية التي كافحت بقلمها وصوتها لتوصل كل مالا يمكن أن يصل الى أعلى مكان توقفنا عندها عبر ذكريات باحثين عن سيرتها العطرة برفقة الدكتورة آمنة بدري.. ولدت بمدينة سنار عام 1916 كان والدها الأستاذ محمود كامل يعمل رئيساً للحسابات بالمالية، والدتها هي السيدة حميدة الديمياطي ثم انتقلت أسرتها إلى الدويم. تنقلت بصحبة أسرتها في معظم أقاليم السودان بحكم عمل والدها درست بالمدرسة الانجلكانية ببورتسودان ومكثت هناك مع جدها بعد نقل والدها إلى زالنجي. وكانت قد تلقت دروساً في اللغة العربية والتربية الإسلامية قبل دخولها المدرسة وذلك على يد الشيخ الجزولي بمدينة مروي. بعد انتقال أسرتها إلى مدينة الأبيض كان عمرها 13 عاماً ولم يكن بها مدرسة سوى الكُتاب لذا انقطعت عن الدراسة ثم تزوجت هي في العام 1930 من الأستاذ حسن علي كرار الذي تخرج في كلية غردون عام 1929م، وكان يعمل بالتعليم، وقد دعمها لمواصلة تعليمها في فصول المدرسة الوسطى وكان معلمها الحقيقي ومن دعمها لتقرأ وتتثقف أكثر في مجال الأدب خصوصاً مجلة الرسالة. عملت على رفع مستواها الفكري بالتثقيف الذاتي، راسلت عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين مما كان له دوراً أساسياً في تثقيفها ورفع مستواها العلمي وذلك عن طريق المراسلة.. إذ أرسلت له خطاب (إثر قراءتها لمقال كتبه عميد الأدب العربي د. طه حسين في مجلة الرسالة يوضح فيه استعداده لمساعدة كل من يريد أن يتثقف ويتشبّع بالأدب العربي واللغة العربية) تطلب منه مساعدتها في ذلك وقد كان. فأرسل لها عناوين لإصدارات مزجت بين القديم والحديث من التراث العربي والإسلامي والأوربي، واصلت تثقيف نفسها بمطالعات في التاريخ والأدب السوداني. برزت لها مهارات باكرة في فنون واقتصاديات الأسرة، لاسيما أشغال الإبرة والتطريز والحياكة والتدبير المنزلي، بجانب دعوتها لتعليم البنات. بدأ النشاط الملموس في مجال العمل التطوعي عام 1940 حيث كانت تشارك في مؤتمر الخريجين. في أربعينيات القرن الماضي بدأت بكتابة مقالات اجتماعية إصلاحية بمجلة كردفان تحت توقيع (ن. كامل)، وتطورت فيما بعد إلى تحرير صفحة نسائية متخصصة تعتبر أول صفحة نسائية في إصدارة سودانية منذ إنشائها حتى 1958م حررت صفحة المرأة في جريدة النيل منذ تكوين حزب الأمة حتى حظر نشاط الأحزاب 1969، في عام 1951 دعت إلى تأسيس أول جمعية نسائية خيرية في كردفان وهي الجمعية النسائية الخيرية بالأبيض التي كانت نواة للحركة النسائية في كردفان وظلت رئيستها حتى عام 1956، بعد ثورة أكتوبر تكونت الهيئة النسوية للأحزاب فكانت عضواً في هيئة نساء حزب الأمة وكانت عضوًا في رابطة المرأة الناصرية وعضواً في لجنة الميثاق الوطني وعضواً في رابطة الصحفيات السودانيات. هي أم لاثني عشر بنتاً وثلاثة أبناء تخصصوا في مختلف التخصصات. خمس من بناتها تخرجن في كلية المعلمات.. تقول عنها الدكتورة آمنة بدري: (نفيسة كامل اسم على مسمى فهي نفيسة وهي كاملة (والكمال لله). دائماً يحلو لي الحديث عن السيدة الكريمة نفيسة كامل فهي امرأه ناهضة بمعنى الكلمة، نهضت وهي متمسكة بالقيم والتعاليم الدينية وبالتقاليد الحميدة ونهضتها نابعة من نفسها، فبالرغم من أنها لم تنل من التعليم إلا القليل إلا أنها مزجته بقدراتها ونظرتها الثاقبة وحبها للآخرين ووظفته لخدمة المجتمع بتأسيس جمعيات العمل الطوعي أو ما يسمى حديثاً بمنظمات المجتمع المدني. وبذلك تكون قد أدت دورها الاجتماعي الطوعي على أكمل وجه. لم يشغلها عملها في تلك الجمعيات من إدارة بيتها وأداء دورها الأسري. فهي أم لثلاثة عشر من البنات والأبناء، وقد أطلق عليها المرحوم الإعلامي أبو العزائم لقب (أمنا حواء). لقد كانت نعم الزوجة المحبة والآم الحنون وسيدة المجتمع الأنيقة المهتمة بمظهرها مثل اهتمامها بجوهرها. ست نفيسة كامل كانت ست بيت ممتازة تجيد كل أنواع الطبخ. منزلها جنة في الأرض تود أن تمضي فيه كل حياتك. كانت مرشدة اجتماعية في شؤون الحياة الزوجية وأنا شخصياً استفدت كثيراً من نصائحها وأسلوبها في التعامل الأسري. ست نفيسة كامل كانت امرأة جميلة وزانت جمال المظهر بدماثة الأخلاق وحسن المعاملة). منحت درجة البكالريوس الفخري في مجال التربية ورياض الأطفال من جامعة الأحفاد للبنات (أبريل 1993). كتبت في عدد من الإصدارات الصحفية ( الأيام الصحافة السودان الجديد الرأي العام) كما ترأست تحرير إصدارة «المرأة الجديدة» وأصدرت كتاباً توثيقياً للعصر التي عاشت فيه بعنوان (المرأة السودانية بين الماضي والحاضر) نشر عام 1997م. توفيت في عام 2005.