الحزب الاتحادي الديموقراطي هو من الأحزاب السياسية القديمة في السودان، وله خلفية تاريخية راسخة، إذ أنه اتحاد من حزبين سياسيين هما الوطني الاتحادي والشعب الديموقراطي. كان إسماعيل الأزهري أول رئيس وزراء لجمهورية السودان بعد الاستقلال ورئس الحزب عندما كان باسم الحزب الوطني الاتحادي قاد به معركة الاستقلال. تكون الوطني الاتحادى بعد ائتلاف أحزاب الأشقاء وحزب الشعب والحزب الوطني وأحزاب أخرى ليندمج مع حزب الشعب الديمقراطي فتؤخذ كلمة «الاتحادي» من الحزب الوطني الاتحادي وكلمة «الديمقراطي» من حزب الشعب الديمقراطي، فيصبح اسم الحزب الجديد الاتحادي الديمقراطي حينها أعلن الزعيم الأزهري مولد الحزب الجديد، وقال مقولته الشهيرة «اليوم حزبان قبرا الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي» معلناً وحدة الحزب الاتحادي الديمقراطي في نوفمبر 1967م ووقف الحزب الاتحادي الديمقراطي موقفاً معارضاً لكل الأنظمة العسكرية التي تولت حكم السودان وظل الحزب الوحيد الذي لم يشارك في أي انقلاب على الحكم الديمقراطي في السودان. يشتهر الحزب الاتحادي الديمقراطي بأنه حزب الحركة الوطنية السودانية ويعبر عن الطبقة الوسطى في السودان، وكانت لديه أعلى أصوات للناخبين في آخر عهد ديمقراطي في السودان. الحزب الاتحادي الموحد الوحيد الذى ظل متمسكاً بقيم الراحل الأزهري، صمد أمام الطوفان والأميبيا الانشطارية التي أصابت باقي الأحزاب رغم لقاء الرئيس البشير بقواعد الحزب إلا أن التمسك بالرفض كانت السمة السائدة. «الإنتباهة» التقت الأمين العام للحزب الأستاذ عصام أبو حسبو الذي أجاب بكل رحابة صدر. فإلى حصيلة ما ورد في الحوار: هذا يعني أنك لا تؤيد مبدأ«الغاية تبرر الوسيلة»؟ هذا المبدأ موجود سواء آمنت به أم لا، أنا أؤمن به كأخلاق للسياسة، هناك مبادئ يجب أن تسود، وهناك ظواهر تصنعها أحداث معينة وأقرب مثال هو الحركة الشعبية وهي مسلحة أتت وحكمت في القصر الجمهوري بعد ما حملت السلاح، وفي سبيل الحكم قتلوا ما يقدر بمليونين من الجنوب والشمال، وهذا أكبر مأساة يكشفها التاريخ وكانت النتيجة هو انفصال الجنوب. على ذكر الجنوب برأيك ما هو انعكاس الحرب الدائرة في الجنوب على الشمال؟ الحرب الدائرة في الجنوب مأساة بكل المقاييس وبالتأكيد له تأثير سلبي على الشمال سيما النظام الحاكم خاصة أن الإنقاذ أصبحت منتجة للحروب والأزمات، عند مجيئها كانت هناك حرب في بور وصغيرة بالجنوب توسعت إلى أن شملت كل الجنوب وتعمقت الحرب إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور والشرق مروراً بالمناصير إلى أن وصلت الخرطوم ضرب الشباب المحتجين بالرصاص الحي في سبتمبر الماضي كان أكبر حرب، ينبغي على سلفا كير ومشار أن يثبتا للعالم قدرتهما على حل المشكلات الداخلية داخل الوطن وليس في نيفاشا أو أديس أبابا أو كمبالا. الجنوب حمل جرثومة الشر والانشطار والحروب معه عندما انفصل لأنه قام على هذه الفكرة لأنه لم يحقق استقلاله مثلما فعل السودان. إسماعيل الأزهري عندما تحدث في مذكرة «42» كان يتفاوض على حدود السودان الواحد من حلفا إلى نمولي وليس من الحدود الصفرية وهذا من سلبيات الاستعمار. الحديث الذاتي مقاطعة: لكن الجنوب تم انفصاله منذ حقبة الاستعمار الذي خلق سياسة «المناطق المقفلة»؟ أنا لا أوافق هذا الرأي هو جزء أساس لكن أس المشكلة وقانون «المناطق المقفولة» قصد في وقته تسهيل عملية الاستعمار نفسه وحتى الإدارة الأهلية التي جاءت لصالح الناس استخدمه الاستعمار في تسهيل عملية امتداد الدولة وجعل الظل يحكم بدل الأصل، ذلك القانون كان جزءاً من الأزمة. المشكلة الحقيقية هي الهوية السودانية التي ظلت وستظل أزمة الحكم في السودان ليس بالضرورة التميز بالألوان يجب أن تكون الثقافة المسيطرة على كوننا «آدميين»، لا بد من وجود وحدة وطنية مبنية على الهوية السودانية التخلي عن الفوارق الطبقية القائمة على الجهوية والقبلية، إن لم تحل تلك المشكلة لو امتلكنا ذهب الأرض وبترولها لن يتقدم السودان. نما إلى علمنا أن الفصائل الاتحادية المعارضة اتهمت في احتفال الاستقلال بمنزل الزعيم الأزهري الحزب الاتحادي المشارك بأنهم «ترلة» للمؤتمر الوطني ما صحة ذلك؟ البيان الرسمي الملقُى في الاحتفال و«الإنتباهة» أول جريدة تم تمليكها له، نحن قصدنا ألا تُذاع إعلامياً أصبح لدينا رأي في مصداقية ومُحايدة الإعلام وأبداً لم نتناول من قريب أو بعيد اتهامنا للمعارضة لكن في اليوم الثاني تفاجأنا في مانشيتات الصحف الآتي: «جلاء الأزهري تفتح النار على الميرغني والدقير» وقطعاً هذا لم يحدث البتة وما قيل تحديداً هو واحدة من أزمات البلد استمرار ما أسميناهم المدعين بالمشاركين في حكومة الإنقاذ هو الذي يعطيهم جدوى إضافية ولذلك عبر استنادهم إلى قاعدة عريضة لحكم السودان، وقلنا هذا نوع من التزييف الباطل الذي يمد من الإنقاذ، ووجهنا اللوم خاصة إلى أشقائنا الاتحاديين المشاركين المؤتمر الوطني، استخدمنا عبارات مهذبة جداً في الخطاب. كما نشرت صحيفة «الحرة» عن انهيار الوحدة الاتحادية، ود. يوسف زين يتمسك بشروطه، في حين ذكر د. يوسف الذي انتخب رئيساً لإكمال الوحدة، وفي فحوى الحوار ذكر أن اكتمال الوحدة الاتحادية يسير على قدم وساق بناء على طلب الجمعية العمومية للمؤتمر العام ولم يتناول قط عبارة انهيار، هذا ما أعنيه بالشفافية والمهنية العالية للإعلام. إذاً أين تقف محطة الوحدة الاندماجية بين الأحزاب الاتحادية؟ استخلاصاً لكل التجارب السابقة في شأن الوحدة الاتحادية، وتأكيداً على تجدد العزيمة الصادقة لأهمية مشروع الوحدة والقناعة بحتمية استعادة الدور الوطني والتاريخي للحزب الذي قاد الكفاح الوطني منذ ثلاثينيات القرن الماضي وذلك بعزيمة رجالات الحركة الوطنية في مقدمتهم الزعيم إسماعيل الأزهري، واستجابة لأشواق الجماهير الاتحادية الحرة ونسبة لإقرار التاريخ الذي يؤكد أن الاتحاديين هم المولود الشرعي للحركة الوطنية وانطلاقاً من هذه القناعات قررنا الآتي باسم الجماهير الاتحادية الثلاثة «الوطني الاتحادي برئاسة د. يوسف محمد زين والاتحادي الديمقراطي الموحد برئاسة الأستاذة جلاء إسماعيل الأزهري والحركة الاتحادية برئاسة الشريف صديق الهندي» قررنا وتواثقنا على إنجاز الوحدة الاندماجية الكاملة سياسياً وتنظيمياً بمسمى ودستور وهيكل واحد وراية واحدة، ووضعنا خريطة طريق تحدد الشكل الإجرائي المعني بالجوانب القانونية لإكمال إجراءات تسجيل الحزب المدمج من الثلاثة. أستاذ عصام بماذا تفسر مطالبة مولانا الميرغني بتنفيذ اتفاقيات قديمة مثل «اتفاق القاهرة الإطاري واتفاقية الطائف»؟ أنا لا أجد تفسيراً للرجوع إلى الدفاتر القديمة وقد جُبَّت، نحن الآن بصدد أزمة حكم مستحكمة تتفوق على أي اتفاق سابق حتى اتفاقية نيفاشا نفسها الحكومة مزقتها، فلماذا العودة للقاهرة وغيرها من الاتفاقيات السابقة، وفي تقديري مولانا محمد عثمان الميرغني أنا ليس معه تنظيمياً وسياسياً لكن التاريخ تاريخ الحزب الاتحادي ذي الخلفية التاريخية الكبيرة والقوي الذي أتى باستقلال السودان يجب على الميرغني المحافظة عليه متماسكاً خاصة بعد الزعيم إسماعيل الأزهري، والأولى له ترتيب البيت الاتحادي من الداخل أولاً ومن ثم يعمل على ترتيب البيت السوداني الكبير. مقاطعة: هل تعتقد أن ما يفعله الميرغني له علاقة بالمشاركة في الحكومة؟ إطلاقاً، لأن المشاركة جاءت لمصلحة قد يعلمها هو أو لمصلحة حزبه الأصل، ولو قامت المشاركة على أساس قوي وأتت أكُلها وجاءت بإحداث مُصالحة ووحدة وطنية حقيقية لوقفنا جميعاً معه بصفتنا سودانيين ولسنا اتحاديين، لكن منهج وأسلوب اقتطاع واقتسام «الكيكة» بالنسبة لنا مرفوض وفي غاية الصعوبة خاصة من أجل مصلحة خاصة أو استوزار، المشاركة عُرضت علينا، لكن القضية ليست قضية حُكم بقدر ما هي مبادئ أساسية نؤمن بها لأن الحكم مسؤولية جماعية كاملة بدون وحدة وطنية يصبح لعباً بمصير الشعوب. في ختام الحوار أستاذ أبو حسبو هل من إضافة أخيرة؟ إن طالت أمد الأزمة «لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر والصبح دائماً بيطلع»، والأحكام الشمولية الظالمة عمرها قصير وسينهار مثلما انهارت مبادئ كل من عبود ونميري، لكن مبادئ الأزهري والسيد عبد الرحمن المهدي لم ولن تنهار، وهذا النظام لو بقي مائة عام هو واقع، مفروض والأكرم له مصالحة نفسه ومن ثم يصالح الشعب السوداني، والدعوة التي يتبناها النظام هذه الأيام يجب على كل السودانيين حكومة ومعارضة الجلوس لاتفاق على مصالحة وطنية تمهيداً للمرحلة القادمة، وذلك بالاتفاق حول دستور دائم وقيام الانتخابات في 2015م بعد إعادة صياغة قانون جديد وشفاف ونزيه وصالح للوصول للحكم باختصار، وكيفية تنزيل مبدأ الديمقراطية الشاملة.