كثر الحديث في ما يختص بتقرير المراجع العام حول ميزانية بطولة الأمم الإفريقية للاعبين المحليين (الشان) التي استضافها السودان في يناير (2011م) بناءً على قرار مجلس الوزراء وذلك إبان تولي الوزير محمد يوسف عبد الله لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، وقد وافق السودان على استضافة البطولة بناءً على طلب من الاتحاد العام لكرة القدم.. والمحير في القضية ذلك التقاطع ما بين الوزارة واللجنة والمراجع وما يشاع باستدعاء الوزير حاج ماجد سوار وهو الوزير الذي استلم الملف من سابقه محمد يوسف ورأس اللجنة العليا تم استدعاؤه أمام النيابة بخصوص التجاوزات وهو أمر نفاه حاج ماجد في جريدة (المجهر السياسي) بتاريخ (7/2/4102م) وقال بالحرف ليس هناك جهة استدعته وإنه جاهز لذلك في أي وقت، إذن الأمر تحته علامات استفهام وتساؤلات عديدة حول إشارة تقرير المراجع العام للعام (2102) الذي قدمه أمام المجلس الوطني بوجود مخالفات في ميزانية البطولة وأن مبلغاً جملته «ثمانية ملايين» جنيه تم صرفه من غير مستندات. وما هي الجهات التي تحرك الملف في الوقت الأجدر بالتحريك ملفات مخالفات وزارة المالية نفسها التي أشارت إليها ذات التقرير لكن يبدو ان القصة خلفها هدف مقصود به الوزير نفسه، ومعلوم أن حاج ماجد استلم مهامه في اكتوبر (2010م)، وأصدر قرارات فورية بإعادة تشكيل اللجنة العليا لتنظيم البطولة التي جاءت في توقيت سياسي مهم للسودان، ويشهد فيه العالم حولنا غليان ما سمي بالربيع العربي غير أن البطولة أظهرت شكل الاستقرار الذي يعيشه السودان من خلال احتشاد الآلاف داخل إستاد الخرطوم دون أدنى احتكاكات أمنية جاء ذلك في تاريخ كانت فيه الشعوب من حولنا تهدر ضد حكوماتها.. يبدو أن هناك شيئاً في نفس يعقوب حوّل هذا الإنجاز إلى حديث تجاوزات مالية لمبلغ تم توفيره من التبرعات؛ لأن البطولة جاءت في نهاية العام المالي ولم ترصد لها ميزانية ضمن موازنة الدولة لكن رئاسة الجمهورية ولأهمية الحدث وجهت وزارة المالية بتوفير الميزانية التقديرية للبطولة والتي بلغت وقتها (14) (أربعة عشر مليون جنيه) ووفق معلومات موثقة أن المالية أوفت بتوفير (8) مليون على دفعات، وكما هو معلوم في النظم المالية أن تتم التصفية للدفعة الأولى ثم تدفع التي تليها وهكذا وكان المبلغ المدفوع من وزارة المالية يدفع عبر وزارة الثقافة والشباب والرياضة ومنها للحساب الخاص باللجنة المالية للبطولة وهي لجنة مستقلة، وبناءً على توجيه من الوزير كلف وكيل الوزارة المراجع الداخلي للوزارة (الشباب والرياضة) بمراجعة أعمال اللجنة المالية والذي أصدر تقريراً للوزير بطرفي نسخة منه أكد خلاله سلامة عمل اللجنة المالية وإدارتها للحسابات مذيلاً تقريره بإشادة كمان!! من أين أتى تقرير المراجع العام بالمخالفات وعلى ماذا استند؟ إذا كان هذا المراجع الداخلي الذي هو جزء منه يشيد، هل بحث السيد المراجع العام وهو يراجع ميزانية اللجنة ولم يجد من المستندات ولذلك أصدر قراره؟.. هل نستطيع أن نقول ان مندوب المراجع العام لم يراجع ميزانية البطولة مطلقاً بل اكتفى بمراجعة ميزانية وزارة الشباب والرياضة ناسباً إليها مبلغ (الثمانية مليون) وهو مبلغ يخص البطولة ولا يخص الوزارة في المقام الأول؟؟ ثم سؤال للسيد المراجع المحترم أين تقرير اللجنة الثلاثية للمراجعين التي كونتها وزارة المالية لمراجعة الميزانية، وما هي النتائج التي أبرزتها؟؟ وهل لم تجد من المستندات ما يؤيد صرف تلك الميزانية؟ إذا كان المبلغ الذي دفعته المالية في الأساس قد اختلس حسب التقرير فلماذا واصلت المالية نفسها في سداد ما تبقى من مديونيات تخص بطولة الشان؟ أليس هذا يعتبر قناعة من وزارة المالية بأن هذه المبالغ صحيحة واجبة السداد من واقع ما توفر لها من مستندات ووقائع؟ حقاً على الوزير حاج ماجد سوار أن يفخر ويزهو برئاسة اللجنة التي نظمت هذه البطولة الكبيرة والناجحة ولولا إرادة أعضاء اللجنة الموقرين وخبرتهم في العمل العام لما كان لهذا الأمر أن يتم بذلك الشكل البهي والبديع ومن المسؤولية الأخلاقية والأدبية أن نكرم مثل هؤلاء المتميزين والناجحين بدلاً من خذلانهم بنبش ملفات غير موجودة في الأصل فهذا يجعلهم يحسون بالضيم وقصم الظهر في مشروع عملوا له بصدق ولا أستبعد نظرية المؤامرة في قضية مثل ملف الشان وهو مشروع حقق مكاسب سياسية ورياضية وثقافية كبيرة من خلال استضافة الوفود الفنية واجتماعات اتحاد كرة القدم الإفريقي (الكاف) الذي شاركت فيه وفود مثلت «ثلاثة وخمسون» دولة وبذل فيها جهداً مقدراً لكنني أخشى أن تكون التقاطعات الشخصية والتنافس السياسي والكيد والمؤامرات خلف هذه القضية التي أُثيرت بشكل متواتر وفيها تضليل وتشويه على شاكلة الخبر المفخخ حول استدعاء الوزير وهو لم يستدعِ في الأصل.. أخيراً على الحكومة أن تحمي مؤسساتها وقياداتها وإذا كان هناك فساد فليقدم للقانون والقضاء ويفصل فيه وأن لا يكون ملف الفساد سيفاً مسلطاً على رقاب البعض أو راية تهديد لكل صاحب رأي جهير وجريء فإن المسؤولية والأمانة تقتضي العدالة ومحاسبة الجميع بأعمالهم بعيداً عن الصراعات الشخصية والأهواء.