الشيخ الفقيه التقي الورع محمد أحمد البدوي «ود البدوي» ولد في مدينة الأبيض عام 1259ه الموافق 1911م بالغاً من العمر سبعين عاماً.ونشأ في الأبيض وحفظ القرآن الكريم وتلقى علوم التوحيد والفقه وأدب اللغة العربية على مشاهير عُلمائها. وقد عُرف «ود البدوي» منذ صغره بحب العلم، وكان كثير التردُد على كبار العُلماء في ذلك الحين، من أمثال السيد أحمد الكُردفاني وأبناء القاضي عربي وغيرهم.. من العلماء، مما حرّك طموحه للاستزادة من مناهل العلم في الأزهر بالقاهرة، فهاجر إليه حوالى سنة 1270ه الموافق 1862م. وفي الأزهر أدرك مدى ذكائه وعُلو همته مشايخُ الإسلام محمد عليش والعدوي وغيرهما من فحول العلماء.. وقد تأثرّ «ود البدوي» في الأزهر بأستاذه الشيخ عليش الذي كان معروفاً بالجرأة على نصرة الحق بسعة علمه وفهمه للإسلام.. وعندما أدرك علماءُ الأزهر مدى تفوّق ونبوغ محمد أحمد البدوي في العلوم الدينية، اختاروهُ شيخاً على أترابه في الأزهر.. وعند انتهاء دراسته بالأزهر نال شهادة الإجازة العلمية بأعلى الدرجات.. وفيما يلي نُصُ الإجازة العلمية التي حصل عليها: «بسم الله الرحمن الرحينم والحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المُرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وأما بعد فقد استجازني الأخ الفاضل الهُمام الكامل بركة الوقت وصالح الزمان الحقيقي بأن يُشارُ إليه بأطراف البنان، وأرجو من الله أن يُنفّعني ببركته وشريف همته، الممنوح من العطايا بإمداد المولى للشيخ العالم الفاضل محمد أحمد البدوي بن محمد بن عيسى بن بشارة بما أجازني به مشايخي الكرام.. وبالله التوفيق، وقد أجزتُهُ بما تجوزُ لي وعنه روايتُهُ، وأدام اللهُ لهُ السُرور والقُبول، راجياً أن لا ينساني من الدعوات في الخلوات والجلوات، والناجي يأخذُ بيد أخيه يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون، وصلى اللهُ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم» وكتب هذه الإجازة العلمية بخط يده للشيخ محمد أحمد «ود البدوي» الشيخ علي المصري المعروف بالمحلاني الشافعي مذهباً الأحمدي طريقة. ويجدرُ بالذكر أن أصول هذه الإجازات العلمية محفوظة بمكتبة جامعة الخرطوم. وبعد أن تزوّد الشيخ محمد أحمد البدوي بالعلم والمعرفة في الأزهر بالقاهرة، عاد إلى السودان عن طريق الأربعين واستقرّ في الفاشر، وأخذ ينشرُ علوم الدين، وبقي فيها نحو ست سنوات.. وفي عام 1882م كتب إليه الإمام المهدي بعد تحرير مدينة الأبيض من الاستعمار، فسارع إليه «ود البدوي» في الأبيض، وبقي معه حتى افتتاح الخرطوم، وتم تعيينه في عهد الإمام المهدي قاضياً بمنطقة سنار، وتولى مهام القضاء في بربر في عهد الخليفة عبدالله - رحمه الله -. المصدر: مُعجم أدباء السودان صادر عن الهيئة القومية للثقافة والفنون بالخرطوم.. وكتاب «تُراث الشعر السوداني» تأليف البروفسور عز الدين الأمين.