قلت بالأمس إن مسألة إزالة المخالفات والظواهر السالبة بأسواق المحليات الكبرى للعاصمة المثلثة ليست بالأمر السهل والذي يمكن القضاء عليه خلال ثلاثة أشهر، وأعود اليوم لأقول إن القرار الذي أصدره معتمد محلية الخرطوم والقاضي بتوفيق أوضاع الأكشاك وضبط جميع المتسولين والمعتوهين والمتشردين وإيداعهم بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية في الدور الإيوائية وترحيل الأجانب منهم إلى بلادهم هو قرار أكبر من إمكانات اللجنة العليا لإنفاذ قرار ولاية الخرطوم والسبب ببساطة أن إجراء ترحيل الأجانب المتسولين أو المتشردين إلى بلادهم يصطدم بتعارض بعض القوانين لأن التشريعات الموجودة حالياً والمعنية بتنظيم وضبط العمل الهجري والوجود الأجنبي صدرت في أزمان لم يكن فيها الوجود الأجنبي بالبلاد بهذا الحجم الكبير والذي حدث نتيجة للمتغيرات التي تشهدها بلادنا أو دول محيطنا الإقليمي لذلك تحتاج هذه القوانين للمراجعة والتعديل حتى تتوافق مع الواقع الحالي ومن هذه التشريعات 1/ قانون جوازات السفر والهجرة (1944م). 2/ لائحة جوازات السفر والهجرة لسنة (1944م) تعديل (2005م). 3/ لائحة شؤون الأجانب تعديل (2005م). 4/ قانون تشجيع الاستثمار لسنة (1999م). 5/ قانون العمل لسنة (1997م). 6/ قانون الحكم المحلي تعديل (2005م). 7/ بعض التشريعات الولائية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قانون الحكم المحلي منح سلطات منح الرخص التجارية للمحليات وقد نتجت عن ذلك سلبيات كثيرة حيث هناك العديد من الأجانب ممن يمارسون العمل التجاري بموجب هذه التراخيص المحلية دون أن تتأكد المحليات التي منحتهم تلك التراخيص من سلامة وضعهم الهجري كما يجب أن يتأكد المسجل التجاري من سلامة الوضع الهجري لأي أجنبي قبل منحه شهادة تسجيل لأعماله التجارية ولفائدة اللجنة الولائية التي شكلتها حكومة وزراء ولاية الخرطوم نشير إلى أن الجهة ذات الصلة بالوجود الأجنبي في البلاد هي المجلس الأعلى لشؤون الهجرة وهو جهة تنسيقية للجهات ذات الصلة بهذا الموضوع ويترأسه النائب الأول لرئيس الجمهورية وعضوية وزراء الداخلية والخارجية والعدل والصحة والعمل والاستثمار ومدير عام جهاز الأمن والمخابرات وجهاز تنظيم شؤون السُّودانيين العاملين بالخارج ومدير عام قوات الشرطة ومعتمد شؤون اللاجئين، هذا هو المجلس الأعلى لشؤون الهجرة وهو المعني بإبعاد الأجانب الذين دخلوا إلى البلاد بطريقة غير مشروعة ولا نحسب أن هذا الأمر من اختصاص اللجنة الولائية ولكنها يمكن أن تساهم فيه ببعض التوصيات والتي عبرها تريد إبعاد الأجانب ممن دخلوا إلى ولاية الخرطوم بطريقة غير مشروعة لأن هذا المجلس هو الجهة التنسيقية لكل الجهات ذات الصلة بموضوع الأجانب، ولا نود عبر هذه الإشارة القول أن اللجنة قد (شطحت) خارج صلاحياتها الولائية فنحن لا نعيب عليها هذا المسلك لأنه صادر عن روح وطنية موجوعة من الحال الذي وصلت إليه العاصمة القومية من تردٍ مريع في صحة الإنسان والبيئة وبخاصة في محليات العاصمة الكبرى وهي محليات الخرطوم وبحري وأم درمان، وقد رأيت الأخيرة بالأمس الأول وهي تئن من ضجيج عربات (الكارو) ومن الزحام بينما لا يكترث الباعة المتجولون وما أكثرهم بأي توجيه أو التزام بالذوق والنظام العام فهذا يحمل ملابساً على أكتافه ويريد بيعها للمارة بإلحاح وصفاقة، أما (الدرداقات) فقد تيقنت أنها أضحت (ماركة) مسجلة باسم محلية أم درمان الكبرى وهناك (الرقشات) وهذه حدث عنها ولا حرج وعنها يقول بعض المشتغلين بالسوق إن المشكلة ليست في كثرة أعدادها وإنما في إسهامها الكبير في الزحام وضرورة ضبطها عبر سلطات المحلية وذلك بتخصيص لون معين لكل محلية يتم به طلاء (الرقشة) حتى يتمكن المواطن الذي يستغل هذه الوسيلة من وسائل النقل تحديد المحلية التي تتبع لها وهذا يسهل من مهمة الحصول على المفقودات لأن الكثير من المواطنين ونتيجة للربكة الناتجة من الزحام ينسون بعض أمتعتهم أو مشترياتهم من السوق بداخل هذه (الرقشات) وبسبب من هذا نخلص إلى القول أن سوق محلية أم درمان الكبرى به العديد من المخالفات والظواهر السالبة بل يعد هذا السوق أكبر جاذب للزحام الذي تود اللجنة الولائية محاربته ورغم هذا الزحام لاحظت خلو السوق من أي وجود لإدارة المرور حتى أضحت مسألة الدخول والخروج من هذا السوق مشكلة وبسببها طلب مني بعض المشتغلين بالسوق إيرادها ها هنا فربما التفتت إدارة المرور لهذا الأمر الناتج من وجود كم هائل من (الرقشات) و(الكاروهات) بجانب عربات نقل البضائع الأُخرى مثل (البكاسي) و(الدفارات) وعربات (الأمجاد)!. خلاصة الكلام أن كل أسواق العاصمة المثلثة تتشابه من حيث الفوضى والزحام وكثرة الظواهر السالبة والمخالفات وها هي (أم درمان) تلحق بأُختها بحري!.