«وقيل لأحد الأُباة: » ما فائدة سعيك غير جلب الشقاء على نفسك؟؟«، فقال: » ما أحلَى الشقاءِ في سبيل تنغيص عيش الظالمين».. «من كتاب: طبائع الاستبداد، للشهيد الشيخ المفكر، عبد الرحمن الكواكبي».. و إنا لنَرى رِجالاً يؤخذُون بشبهاتٍ، بل تقديراتٍ مزاجية، أمثال الأخ/ عثمان محمد أحمد فضل، الذي كان يشغل وظيفة »كبير ملاحظي الصحة بمحلية جبل الأولياء، الذي تجاهلت المحلية شهادة تقدير عمره التي تؤكد أنه من مواليد 1949م، ليأتيه خطابٌ يُفيدُ بإحالته إلى التقاعد الإجباري اعتباراً من 2004م أي بأثر رجعي لأربع سنوات »الخطاب جاءهُ في أبريل 2008م«، ونص الخطاب: «محلية جبل الأولياء وحدة الكلاكلات التاريخ 21/4/ 2008م السيد عثمان محمد أحمد فضل / بواسطة السيد: مدير صحة البيئة. بما أنك بلغت السن القانونية حسب تاريخ ميلادك الموجود ببيانات المرجعية من قسم »الكادكس« بديوان شؤون الخدمة والذي يوضح بأنك من مواليد 1944م، بهذا أخطرك بأنه قد تقرر تقاعدك بالمعاش الإجباري اعتباراً من 1/1/2004م، على أن تكون خارج القوة اعتباراً من 1/4/2008م. ولا تحسب الفترة من 1/1/2004م حتى 31/3/2008م خدمة فعلية. ويعتبر ما تقاضيته من راتب وبدلات تعويضاً عن مدة عملك. فعليك مقابلة شؤون العاملين لمتابعة استحقاقاتك من فوائد ما بعد الخدمة». وبما أن الرجُل لا يملك سوى شهادة تسنين واحدة، هي التي تم تعيينهُ بها منذ 42 عاماً «وليس أربع شهادات تسنين مختلفة زائداً شهادة ميلاد حقيقية مختلفة أيضاً، كما هُو الشأن مع السيد مدير تنفيذي محلية أم درمان»، وهي الشهادة التي اعتمدت عليها جميع أوراقه الثبوتية وسجله المدني، فإنهُ خاطب جميع الجهات المعنية بمظلمته التي لا تنتطحُ فيها عنزان، إذ تم بدون أي وجه حق ولا قانون حرمانهُ من استحقاقات خمس سنوات من خدمته، وتساءل الرجُلُ في كل خطاباته إلى الجهات المعنية: السيد معتمد محلية جبل الأولياء، ثم السيد والي ولاية الخرطوم، تساءل عن المرجعية التي استند إليها »قسم الكادكس« بديوان شؤون الخدمة في تقرير عمره، علماً بأن ملفه بديوان شؤون الخدمة لا يتضمن سوى شهادة تقدير العمر الحقيقية المُشار إليها أعلاه، وتحدى الديوان أن يبرز وثيقةً تثبت أنه من مواليد 1944م، ولكن الذي يثير القلق هُو أنه لم يُعر مسؤولُ مظلمة الرجُل اهتماماً، وذهبت خطاباتُهُ أدراج الرياح !!.. يقولُ لك بعض المشائخ: هل هذا شأنٌ يُكتبُ فيه عمودٌ صحفي؟ وهل هذا شأنٌ يستحقُّ أن يدع لهُ «الوالي» همومهُ الجسام، لينظُر في مسألةِ رجُلٍ يدَّعي أن لهُ على الحكومة دُريهمات؟؟ ومع أن الظُلم أياً كان مقداره يستحقُّ أن تُقام لأجله المآتم، إلا أن ما يعنينا حقاً من هذا الأمر هُو تعدُّدُ المكاييل، بل تناقضُها، في معاملة موظفي الخدمة العامَّة .. مديرٌ تنفيذي خاطبته وزارة العمل بالتقاعُد اعتباراً من عام 2007م، والخطاب صادر قبل ثلاثة أشهر في هذا العام 2011م، وما يزالُ سيادته يشغل موقعهُ مطمئناً، وموظف صغير قضى عمره في خدمة الدولة، يملك شهادة تقدير عمر واحدة هي التي التحق بوظيفته قبل اثنتين وأربعين عاماً بموجبها، يتم طرده من عمله بحجة أنهُ بلغ سن التقاعد قبل خمس سنوات من بلوغه هذه السن!! هل تظن يا مولانا أن هذين هُما الشاهدان الوحيدان على فوضى الخدمة العامة؟ ما يحملنا على الكتابة والإلحاح في الكتابة هُو أن هنالك بلا شك مئات النماذج الشبيهة بالمدير التنفيذي، ومئات النماذج الشبيهة بالسيد عثمان أحمد فضل.. أو لنقل: مئات الظالمين ومئات المظاليم.. هذه هي القضية التي تشهدُ على «فساد» الخدمة العامة. الأخ عثمان يجزمُ بأن سبب إحالته التعسفية وغير المبررة إلى التقاعد قبل خمس سنوات من بلوغه سن التقاعد، هو شيءٌ لا علاقة لهُ بمرجعية «الكادكس» ولا بأية إجراءات ديوانية سليمة، بل يؤكد أن »البير وغطاها« تتمثل في مواجهته وقائع فساد تصدى لها من موقعه «جاء يحملُ قائمةً بها، وضمنها خطابيه للمعتمد وللوالي » ليس لنا أن نتعرض لها، لأننا لا نملك وثائق عليها سوى روايته التي تحتمل التصديق والتكذيب.