معادلات علي يس [email protected] بمحلية أم درمان: فسادٌ من نوع جديد!! ظللنا وسوف نظلُّ نرى أن أحد أعظم صور الفساد، إسناد شؤون العباد إلى رجُلٍ جُرِّبَ عليه الكذب!!.. فما بالك إذا كانت مؤسسات الخدمة العامَّة نفسها، وقد انهار نظامُها، أضحت مُعيناً وناصراً على الكذب؟؟ خُذ القومسيون الطبي مثلاً، الذي من بعض وظائفه إصدار شهادات تقدير العمر «التسنين».. البداهة تفترضُ أن التصدي لوظيفةٍ كهذه حتى قبل ظهُور تقنيات الأرشفة وتقعيد المعلومات حاسوبياً يستوجب الاستناد إلى نظامٍ مُحكمٍ ودقيق، وقاعدة معلومات ونظم أرشفةٍ تحُولُ دُون إصدار شهادتي تقدير عُمُرٍ مختلفتين لشخصٍ واحد، وقد كان الأمرُ كذلك بالفعل، قبل أن يعرِف موظفو القومسيون الطبي أو غيرهم شيئاً اسمُهُ الحاسوب، ولهذا وحدهُ كانت شهادات «التسنين» محل ثقةٍ من الجميع، وكانت جميع مؤسسات الخدمة العامَّة، بما فيها المؤسسات التعليمية والمؤسسات الصحية والقوات النظامية، تعتبرُ شهادات التسنين العائدة إلى منسوبيها وثائق لا يتسلل الشكُّ إلى صحتها.. أما ما أظنه اليوم، فهو أن على جميع المذكورين أعلاهُ أن يُعيدُوا النظر في قناعاتهم تلك. هل يُعتبَرُ حُصول شخصٍ ما، على شهادة تقدير عُمر جديدة ومختلفة عن شهادة سابقة له، أمراً «عادياً»؟؟ أنت تعلم يا مولانا أن هذا أمرٌ شائعٌ جداً، فكثيرون ممن تستوجبُ «مصالحهم» الحصول على شهادة تسنين جديدة يحصلون عليها !! ولا أحد يسألُ: كيف؟؟ وأين قواعد المعلومات اللازمة لدى القومسيون الطبي، التي من شأنها بداهةً أن تكشف ما إذا كان فلان بن فلان هذا، والحاملُ «شهادة عدم قيد في سجل المواليد» بالرقم كذا، لم يحدث أن حصل على شهادة تقدير عمر سابقة من هذه الجهة المسؤولة حصراً عن هذه الخدمة، بأيٍّ من أفرعها!!.. أمامنا الآن ما يُثبِتُ أن الحصول على أكثر من شهادة تقدير عُمُر، هو شيءٌ مثل تناوُل كوبٍ من العصير!!.. ويُزعِجُنا جداً هذا، لأن آثارهُ يُمكِنُ أن تبلغ مدىً وخيماً، أدناها حُصُولُ بعضهم على مزايا لا يستحقها، بمجرد «كذبةٍ» مصحوبةٍ بشهادة تسنين!!.. بين يديَّ الآن أربع شهادات مختلفة، بعُمر موظف بالخدمة العامَّة، هو الأخ المدير التنفيذي بمحلية أم درمان، والذي هُو ضابطٌ متقاعد بالقوات المسلحة، الخطاب الأول والموجه من وزارة الدفاع إلى السيد الأمين العام لوزارة الحكم الاتحادي بالنمرة ر.أ.ق.ب/ضباط/معاشات/12 ، بتاريخ الثالث من فبراير 2008م يقرر أن العقيد «م» جلال الدين أبو القاسم من مواليد 1/1/1949م ، «وعليه فإن التاريخ المفترض لتقاعده الإجباري كان هو 1/1/2009م» ، ولكن إدارة شؤون العاملين بوزارة الحكم المحلي والعمل اعتمدت تاريخاً آخر، فبعثت إلى الأخ المدير التنفيذي بمحلية أمدرمان بخطابٍ صادرٍ بتاريخ 8/11/2010م ، بالنمرة «و.خ/ و.ح.م.أ/ أ.ش.ع» يُخطِرُهُ بالإحالة إلى المعاش الإجباري اعتباراً من 1/1/2011م، وذلك بناءً على خطاب من وزارة الدفاع بالنمرة(و.د.و.أ.ع/1/أ/33، بتاريخ العاشر من مايو 2009م، يؤكد أن المذكور من مواليد 1/1/1951م.. ولكن الأخ المدير التنفيذي بمحلية أم درمان لم تتم إحالتهُ إلى التقاعد حسب ما تقتضيه لائحة الخدمة المدنية المعمول بها بل يواصل العمل بموقعه دون أن يسأل أحد عن السر.. والآن بيدينا شهادةٌ تقدير عُمر صادرة عن القومسيون الطبي بوزارة الصحة الاتحادية، بالرقم المتسلسل «36186» وبالنمرة »2ه /9«52583»، واستناداً إلى شهادة عدم القيد بالرقم «316330» بتاريخ/2008م، تؤكد أن السيد جلال الدين أبو القاسم محمد الماحي هو من مواليد 1/1/1954م .. والراجح أن الشهادة الأخيرة هذه سوف تُودع في ملف الموظف المذكور، وتُنزع عنها شهادات تقدير العمر السابقة «نسينا أن نذكر خطاباً ثالثاً من وزارة الدفاع يؤكد أن تاريخ ميلاد المذكور هُو 1/1/1953م ، ويبدُو واضحاً احتمال أن تكون لدى المذكور شهادتا تقدير عمر أُخريان، فالعامان 1950م و1952م لم يرد ذكرهما ضمن ما رأينا من شهادات!!».. والسيد معتمد محلية أمدرمان لم يلتفت إلى خطاب المستشار القانوني لمحليته، الذي تضمن فتوى قانونية تؤكد بطلان استمرار المدير التنفيذي في وظيفته!!. الذي يعنينا حقاً من كل هذا ونحنُ نعرِفُ الدقَّة والصرامة التي تتعاملُ بها وزارة الدفاع بشأن ملفات منسوبيها الذي يعنينا ويُحيِّرُنا هُو: كيف أمكن أن تصدُر ثلاثة خطابات عن وزارة الدفاع، ببيانات عن ضباط متقاعدين، يحمِلُ كلٌّ منها تاريخ ميلاد مختلفاً، في ما يخصُّ ضابطاً واحداً على الأقل؟؟.. والذي نعرِفُهُ، يقيناً، أن كل طالبٍ يتقدم إلى الكلية الحربية، إذا لم تكن لديه شهادة ميلاد، تُطلب منهُ شهادة تسنين صادرة قبل ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ تقدُّمِهِ، وتظلُّ بملفِّهِ حتّى تاريخ تقاعُده عن الخدمة.. والذي يُحيِّرُنا أكثر بافتراض وجُودِ خطأٍ ما أدى إلى اختلاف تاريخ ميلاد ضابط ثلاث مرات في ثلاثة خطابات صادرة عن وزارة الدفاع، تاريخٌ واحدٌ منها هُو الصحيح والمستند إلى شهادة تسنين صادرة عن القومسيون الطبي هُو كيف عادَ القومسيون الطبي فأصدر شهادةً جديدة مختلفة لذات الشخص ، هي المذكورة تفاصيلُها أعلاه؟؟.. ألا يكفي تورُّط مسؤولٍ بموقع تنفيذي مهم، ألا يكفي تورُّطُهُ بالكذب في ما يخص عمره، لإعفائه من موقعٍ لا يصلُحُ لهُ إلا صادقٌ أمين؟؟؟