لوزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم «خطة» لمناطق الولاية كافة يقوم تنفيذها على تحديد هذا العام 2014م لنهاية ما تسميه السكن العشوائي. ويوصف بالعشوائي لأنه يشيد في محيط المدن دون تخطيط رسمي من السلطات المختصة ودون دفع رسوم بناء للمحلية. مع أن المدن نفسها بدأت بسكن عمَّر الأرض لتكون مؤهلة لتصبح مدينة أو عاصمة للدولة، أي أن السكن قبل ميلاد المدينة أو العاصمة يكون تعميراً للأرض لكنه بعد ميلادها إذا كان دون خطة حكومية يكون عشوائياً. لكن اذا كان الامر كذلك فإن مكافحة السكن العشوائي في ولاية الخرطوم وغيرها لا تكفي وحدها فلابد أن ترفق بعمل إداري ذكي حتى لا تقع خطط الحكومة السكنية في مأزق الامطار والسيول كما حدث في خريف 2013م الماضي لمناطق سكنية ليست عشوائية، وانما كانت ادارة تخطيطها هي العشوائية. اذن يمكن أن يكون السكن العشوائي والآخر المخطط رسمياً بسوء إدارة كلاهما واحد من حيث النتيجة الكارثية.. ولا ينبغي أن تنظر الدولة إلى جانب تحصيل الارادات فقط في عملية تحويل السكن من عشوائي إلى مخطط بمعنى أن تفكر في تحويل المنطقة السكنية العشوائية إلى مكان آخر إذا دعت ضرورة الأمن المناخي، وهذا يحتاج إلى حنكة ادارية، وكانت وزيرة الاتصالات الدكتورة تهاني عبدالله قد اشارت وهي تشرِّف افتتاح المؤتمر الدولي الثاني في التنمية الادارية وإدارة المعرفة الذي ينظمه مركز لاند للتدريب والاستشارات اشارت الوزيرة تهاني إلى حتمية القيادة الادارية الذكية، ولعل اشارتها تبقى بمثابة لفت نظر إلى استمرار الاخطاء التي تقع في مختلف المجالات سواء في ادارة التخطيط السكني أو منح القروض المصرفية أو خصخصة بعض المؤسسات العامة ولو كانت لأسباب موضوعية. حتى إدارة الدولة في هذا الزمن لابد أن تكون بصورة تقلل وتحد من المشكلات الامنية والاقتصادية، فنحن في زمن غريب أصبحت فيه واشنطن بالنسبة لنا مثل العقيد الدكتور محجوب برير محمد نور بالنسبة للرئيس جعفر نميري، فقد حكى أن الرئيس السابق الراحل نميري قال له: «لو سألوني عن أكثر من أحبه سأقول محجوب برير ولو سألوني عن أكثر من أكرهه سأقول محجوب برير». واشنطن لا يمكن ان تكون محبوبة طبعاً وهي تنفذ البرنامج التآمري الصهيوني ضد السودان منذ العام 1997م حيث فرض العقوبات، لكنها صديق وعدو في وقت معاً. وبمناسبة سيرة واشنطن فإن البلاد تستضيف هذه الأيام الخبير الاداري الامريكي «جون جيرارد» المشارك في المؤتمر آنف الذكر، وهذا يعني أن واشنطن التي تحتجز أصولاً وأموالاً سودانية على أراضيها بقيمة أكثر من ثمانية وأربعين مليون دولار وتمنع «577» معاملة مصرفية بين امريكيين وسودانيين يمثلون جهات رسمية وغير رسمية بقيمة خمسة واربعين وسبعمائة مليون دولار، هي من ناحية أخرى تسمح لمواطنيها الخبراء في مختلف المجالات أن يسهموا في تطوير السودان في مختلف الأصعدة، وعلى السودان أن يختار هذا ويرفض هذا، أن يختار مثلاً الخبراء الاداريين مثل «جون جيرارد» ويرفض خبراء «الرقص». لكن ليس من الحكمة وليس من حسن إدارة مشكلة العقوبات أن يحظر تصدير الصمغ العربي حتى ولو طالب كل البرلمان وليس بعض البرلمانيين كما رشح في الأخبار، لأن هذا يفيد موقف السودان من العلاقات مع واشنطن حينما يرى المجتمع الدولي تناقضها بسبب «الأنانية» والسودان يمكنه أن يرفع السعر وأن يستقطب الاستثمار في صناعات يدخل فيها الصمغ. كل هذا من بباب حسن ادارة الاشياء.. وهنا تجدر الاشارة بالاستاذ حافظ احمد علي خلف الله مدير مركز لاند للتدريب والاستشارات. على الأقل يُحمد لمركزه أنه استنطق بعض المسؤولين الكبار بالدولة مثل الوزيرة تهاني التي اشارت إلى ضرورة عدم تجاوز مرحلة الدور الاداري في أمور البلاد والعباد. وحتى نشر التوعية الادارية وسط المواطنين تجعلهم يحاصرون مسؤولي الدولة وهم يقومون بما يكلفون به دون الاكتراث لاهمية فن الادارة. انظر الآن لافرازات سوء الادارة في امور كثيرة من بينها التخطيط السكني، فلو منعت الدولة أن تمتد الخطط السكانية لتشمل حتى المناطق المنخفضة وسط المرتفعة لما اضطرت لتنفق الآن على المتأثرين أكثر مما تحصلته منهم كرسوم لاستلام الاراضي السكنية.. ولما اضطرت الولاية لانشاء صندوق المتأثرين من الأمطار والسيول. فالقطاع الخدمي كان أولى بهذه الأموال التي تذهب لتعويض المتأثرين بسبب سوء إدارة التخطيط.