تمشياً مع دعوات الاصلاح التي تم اطلاقها عقب الخطاب الشهير لرئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير، شرعت القوى الساسية والاحزاب وحتى المجموعات القبيلة في الدخول في المرحلة المقبلة وفق استراتيجية تنظيمية محددة، اذ نجد ان هنالك العديد من الدعوات التي انطلقت بولاية كسلا تحمل ذات المضامين، وان كانت تأتي تحت ستار ومسميات مختلفة، إذ نجد الدعوة التي نظمتها ابناء الرشايدة تحت مسمى ملتقى الباكور الثقافي الاجتماعي، ومن قبل مؤتمر أبناء السبدرات وغيرها من الواجهات، الا ان ما يهمنا ما خرج من سياق ذلك ان ارتفعت الاصوات الداعية والمطالبة بحقوقها كاملة في المشاركة والتنمية وغيرها من المطالب المشروعة، الا ان الملفت تلك التصريحات التي اطلقها الدكتور مبروك مبارك سيلم رئيس حزب الاسود الحرة ووزير الدولة بوزارة الثروة الحيوانية والسمكية والغابات، اذ يكرر ان هنالك الكثير من البنود التي تم التوافق عليها في اتفاق سلام الشرق لم ينفذ، ودعا الي ضرورة رفع الظلم وإحقاق الحق، واتهم جهات لم يسمها بالتزوير في التعداد السكاني، وقال ان اتفاق سلام الشرق نص على ضرورة قيام مجالس محلية للرحل الا انها لم تر النور، ودعا شباب الرشايدة الى انتزاع حقوقهم عبر الوسائل المشروعة، وقال ان منظمات المجتمع المدني تعد من الوسائل الفاعلة في انفاذ واحقاق تلك المطالب، وتطرق الى امتداد قبائل الرشايدة في ولايات السودان وحجمهم السكاني مقارنة مع حجم تمثيلهم في السلطة، وتطرق الى ضرورة العدالة في توزيع الفرص داخل مجتمع الرشايدة، مبيناً ان الرشايدة تمثل ثلاث قبائل، ومن الاهمية بمكان ان تكون هنالك عدالة في ما بينهم. واشار مبروك لدى مخاطبته احتفال تدشين الانطلاقة الاولى لملتقي الباكور الثقافي الاجتماعي والذي شهدته قيادات ورموز قبائل الرشايدة على رأسهم ناظر عموم قبائل الرشايدة الشيخ احمد حميد بركي معتمد محلية ريفي غرب كسلا عبد الله نافع بركات بجانب ممثلي الاجهزة الامنية والشرطية مع غياب تام لدستوري حكومة الولاية بمن فيهم والي كسلا، اشار الى انهم في جبهة الشرق شخصوا الازمة في الظلم الواضح الذي طال مجتمعات بعينها، وقال ان الدولة ملزمة باتاحة الفرص وتحقيق العدالة بين نسيج الاجتماعي للدولة، وطالب بضرورة اعادة النظر في امر تكوين مجلس للرحل، وعدد مبروك الازمات التي تواجه مجتمع الرشايدة المتمثلة في عدم التعليم وعدم المشاركة، وكال الاتهامات للجهات التي تقف امام تحقيق العدل وانصاف مجتمع الشرق بصورة عامة، ولم يبتعد رئيس الملتقى الشاب سليمان حامد عن حديث الدكتور كثيراً، اذ عدد جملة من المطالب ممثلة في التنمية والاعمار لمناطق الرشايدة، مبينا اهداف الملتقى الرامية الي اثراء الحراك الثقافي والاجتماعي في الولاية والتواصل مع باقي مكونات النسيج الاجتماعي بالولاية، ومؤكدا ان الملتقي يستهدف كل قبائل الرشايدة ولا يتوقف على ابناء فرع الزنيمات فقط، بل يمتد ليغطي ويشرك كل ابناء الولاية، وقال اننا من خلال هذا الملتقى سنعمل على فتح قنوات ونوافذ مع المجتمعات الاخرى بالولاية عبر التنسيق مع الفعاليات الموجودة بالولاية للوصول لاهداف وغايات الملتقى. وجاء خطاب ناظر عموم الرشايدة ومعتمد المحلية مغايراً لما اورده الدكتور مبروك ورئيس الملتقى، اذ ظلا يؤكدان على ان الامر يسير بصورة جيد وان عجلة التنمية ماضية في مناطق الرشايدة وليس هنالك تميز سالب في حقهم كمكون من مكونات مجتمع الولاية، كما انه ليس هنالك تميز سالب لابناء الزنيمات عن باقي فروع وبطون الرشايدة. وما يثير جملة من التساؤلات تلك الدعوات التي بدأت تنطلق في مجتمع ولاية كسلا تحت غطاء القبلية، فقد شهدت ولاية كسلا في الآونة الأخيرة جملة من الاحداث ذات الطابع القبلي، فلم تمض كثيراً في نفرة ابناء قبائل الحلنقة ومسيرتهم الهادرة لاثبات حقهم في منطقة ما بكسلا، وبعدها جاء مؤتمر السبدرات واليوم ابناء الرشايدة وغداً سيكون ابناء قبيلة اخرى، كل هذا عقب خطاب فضفاض ينادي بتجسيد الهوية السودانية، فما هو دور حكومة الولاية في لملمة تلك الدعوات وتخفيف تلك النعرات التي ستعود بالوبال على الولاية وعلي الوطن بأسره؟ محمد أحمد عابدين كسلا السوق عامر.. مروءة في الزمن الغابر عامر هذا أحد سكان حب ابو روف العريق بأم درمان وجميع سكان الحي يعرفونه، وهو ذلك الأسمر النحيف الطويل القامة الذي كثيراً ما يرونه عند المساء وهو جالس على اريكته امام منزله الكائن عند نهاية خط الترماي القديم وهو يتأمل جمال طبيعة جزيرة توتي المقابلة له من الناحية الشرقية علي ضفة نهر النيل. هذا الرجل يحكي عنه انه أستأجر ذات يوم شاحنة لوري من مدينه شندي وحمل عليها بضاعة متوجهاً بها الي إحدي مدن ولاية نهر النيل وبما ان سائق الشاحنة حديث عهد بالطريق فقد تاه به بين مدينة شندي وكبوشية وضل طريقه حتى جن عليهم الليل، وبينما هو في حالة توهان شاهد على البعد بصيص ضوء بعيد توجه نحوه حتى وصله، وقد كان رجل مسن يحمل فانوساًَ يلوح به، وقبل ان يترجل عامر من الشاحنة بادره الرجل قائلاً يا ولدي عندنا امرأة حامل حالتها صعبة جداً ممكن توصلوها لينا المستشفي، وعرف منه أنهم على بعد مسيرة ساعتين تقريباً من مدينة كبوشية، ووافق عامر بدون تردد رغم ان وجهته لم تكن كبوشية، وبما أن الشاحنة لا تستطيع الدخول لبيوت الفريق الذي اشار اليه الرجل بسبب الكثبان الرملية التي تحيط بالمساكن ترجل عامر وتبع الرجل الذي اخذ يعود أمامه مسرعاً نحو القرية حتى دخل الرجل إحدى قطاطي الحى التي لا يتعدي عددها اصابع اليد الواحدة، ودخل عامر مع الرجل وهاله ما رأى فتاة قاصرة لا يتعدي عمرها السادسة عشرة تتلوي من الالم علي عنقريب بالٍ وعليه برش قديم وحولها امرأتان عجوزان لا تعدو الواحدة منهن على حمل نفسها ناهيك ان تحمل معها الطفلة الحامل الي حيث تقف الشاحنة، وما كان منه الا ان شمر عن ساعده وبمساندة ذلك الرجل المسن حملا الطفلة الحامل الى حيث تقف الشاحنة والعجوزان تعدوان خلفهما وتوجهوا لمستشفي كبوشية الذي لم يجدوا فيه دكتوراً، وقال لهم الممرض الموجود لا بد أن ترجعوا لمستشفى شندي لخطورة حالة الطفلة الحامل، ولم يتردد عامر بل أمر سائق الشاحنة بالتوجه الي شندي إلا ان صاحب الشاحنة طالبه بقيمة المشوار، ووافق عامر على المبلغ الذي طلبه سائق الشاحنة، ولما وصلوا مدينة شندي دخلوا المستشفى وادخلوا الطفلة في العملية، وبعد قليل خرجت احدى الممرضات تحمل في يدها ورقة كتبت عليها لوازم مستعجلة من الاجزخانة وناولتها عامر ظناً منها انه زوج الحامل، ولم يتردد أخونا بسرعة ومن اقرب اجزخانة ناولها ما طلبت، وفي الصباح ايقظته الممرضة من نومه علي كومة الرمال الموجودة داخل المستشفى لتقول له مبروك جابولك ولد، وما تردد عامر وأدخل يده في جيبه ونفحها البشارة، وأخيراً اخذ الطفلة ومولودها والمرأتين والرجل الى قريتهم، وما بين شندي وكبوشية حيث وجد زوج الطفلة وأهل القرية مجتمعين للحاق بهم، وعمتهم الفرحة حيث رأوا ابنتهم وطفلها وبذلوا أقصي جهدهم لإكرام عامر لكنه شكرهم وواصل رحلته، لكنه سمع انهم سمور ابنهم عامر محمد زين.. ونحن كده سعدوك خشم القربة ابو القاسم عبد الله سعدوك