تصعيد الجيش الشعبي لعملياته العسكرية في جنوب كردفان خلال الأيام الفائتة ويوم أمس في تلودي بعد معركة خاضتها القوات المسلحة وردت العدوان عن المدينة، كلها جاءت في توقيت يستحق قراءته بدقة وتعمق، ومقاربته بالتطورات الجارية على الأرض في الجنوب وحالة الانتعاش المفاجئ للأمانة العامة للحركة الشعبية التي تريد الضغط على حكومة جنوب السودان لدعم قطاع الشمال بالحركة وتكثيف المساندة لعملائهم في النيل الأزرق وجنوب كردفان وتخفيف الضغط على قوات الجيش الشعبي في هاتين الولايتين المتاخمتين للجنوب، وصرف الأنظار عن تقدم تحالف المعارضة المسلحة لجورج أطور وجيمس قاي في ولاية الوحدة بعد تقدم قواتهما نحو عاصمة الولاية بانتيو. وما حدث في جنوب كردفان في الهجوم على أم حيطان والحمراء جنوب وجنوب غرب كادقلي نهاية الأسبوع الماضي، والهجوم الغادر من ثلاثة محاور على مدينة تلودي الصامدة يوم أمس، أرادت به الحركة الشعبية في دولة الجنوب وعملاؤها في بلدنا، تسخين الأجواء ومحاولة تحقيق نصر عاجل يرفع الروح المعنوية لحالة الانهزام في النيل الأزرق، بعد فرار عقار وجنوده من الكرمك وما حولها، التي بات دخول الجيش لها مسألة وقت وتأمين وتنظيف وتمشيط. أرادت الحركة الشعبية في جنوب كردفان، أن تحقق شيئاً على الأرض، مع نهاية فصل الخريف قبل بدء القوات المسلحة عملياتها الهجومية بعد أن كانت طوال الفترة الماضية تنفذ خطة تأمين في جنوب كردفان للقرى الآمنة والمدن والحواضر وحصار جيش الحركة في أضيق نطاق في المناطق التي يوجد فيها في المحليات الأربع الواقعة في جنوب الولاية. كما مثلت التحركات الأخيرة لهم، تدشيناً عملياً لتحالف كاودا الذي يضم قوات الجيش الشعبي المطعم بقوات من دولة الجنوب وحركات دارفور خاصة حركة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة، وأقدمت قوات هذا التحالف على هذه الهجمات لاختبار قدراتها العسكرية والهجومية، وكانت تظن أنها ستحقق اكتساحاً كبيراً في جنوب كردفان وتتقدم نحو المدن الرئيسية لاحتلالها، وتنفيذ السيناريو الذي حاولت تنفيذه عن بداية التمرد في كادقلي بعد الانتخابات. لكن هذا المخطط مني بفشل ذريع وهزيمة مروعة وخسائر كبيرة في الأرواح والعتاد الحربي، وفقدت الحركة عدداً من كبيراً من قواتها وآلياتها العسكرية، وتم أسر عناصر من قواتها التي حاولت دخول تلودي، هذا فوق خسارتها السياسية وفقدان أي نصير من أهل الولاية الذين عانوا قسوة هذه الحرب المجنونة. وحقيقة هذه الحرب في جنوب كردفان كانت واضحة منذ البداية، أنها لا تعني أهل هذه الولاية ولا تمثل هدفاً من أهدافهم ولا تحقق أياً من تطلعاتهم، فهي حرب بالوكالة عن الحركة الشعبية في دولة الجنوب التي هي نفسها وكيل خارجي يقوم بدور مرسوم بدقة في استهداف السودان ومحاولة فرض مشروع سياسي مدعوم من الغرب، خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها الأوروبيين، بغرض تحويل وجهة السودان وهويته وإنتمائه. مشاركة حركات دارفور في هذا المخطط، هو أيضاً دليل على أن هذه الحركات مجرد أدوات لا علاقة لها بقضية دارفور، ومعروف أن مني أركو مناوي وعبد الواحد محمد نور وغيرهم من قيادات هذه الحركات ما هم إلا صنائع الحركة الشعبية ويرقات من بيضها المبثوث في ماء التآمر الآسن، وتمثل حركة العدل والمساواة حالة من الانتهازية السياسية، وهي تريد اعتلاء موجة المؤامرة والمشاركة في محاولات إسقاط نظام الخرطوم بالقوة وتحقيق ما تهوى وتشتهي. ولذلك لا بد من النظر لما حدث من تصعيدات وتسخين وتوتير للوضع في جنوب كردفان من عدة زوايا لبلوغ هدف واحد يسعى له ركام المعارضة المسلحة التي تظن أن معارضة الداخل التي عقدت اجتماعها أمس الأول ونطق بعض أبواقها «كمال عمر» بالتحرك لإسقاط النظام، وهو تحرك سياسي داخل الخرطوم، أرسلت رسالة لعبد العزيز الحلو وقواته بضرورة التحرك في اليوم التالي، لكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.. لقد طاش السهم وخاب المسعى.