وسط إجراءات أمنية مشددة أصدرت محكمة الجنايات الخاصة بسنجة حاضرة ولاية سنار برئاسة مولانا عبد المنعم يونس قاضي المحكمة أمس قرارها القاضي بإدانة المتهمين المقدمين للمحكمة غيابياً «17 متهماً» وحضورياً «78 متهماً» في قضية أحداث النيل الأزرق التي وقعت في الثاني من سبتمبر من عام 2011م، وتم توقيع العقوبات المنصوص عليها بنص المواد المدانين بموجبها. حيث تم الحكم غيابياً بالإعدام شنقاً حتى الموت على «17» متهماً تعزيراً بموجب المادة «134» من قانون الإجراءات الجنائية وعلى رأسهم المتهم الأول مالك عقار إير والي ولاية النيل الأزرق المعزول وياسر سعيد عرمان الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال وعلي بندر السيسي نائب والي النيل الأزرق المعزول، بجانب قيادات في الجيش الشعبي من بينهم العميد ركن/ الجندي سليمان، وهؤلاء تمت إدانتهم تحت المواد «21، 25، 50، 51، 52، 58، 65، 69، 191»، وذلك وفقاً للبينات التي توفرت من إفادة شهود من القوات النظامية والشركات الاستثمارية ومستندات مصورة ومعروضات وقرائن أحوال وظروف وملابسات. فيما أصدرت المحكمة حكمها حضورياً بالإعدام شنقاً حتى الموت تعزيراً على المتهم الأول من بين «78» متهماً تمت محاكمتهم وهو من الله حسين هدي الذي اتهم بقتل «7» من أعضاء المؤتمر الوطني العزل بمنطقة مقنزا بالنيل الأزرق، وسجل بذلك اعترافاً قضائياً، مؤكداً قتلهم معصوبي العين ومكتفي الأيدي والأرجل رمياً بالرصاص من بندقية كلاشنكوف أخذها من قسم شرطة مقنزا الذي كان محتلاً وقتها وأرداهم قتلى جميعاً، حيث تمت إدانته تحت المواد «21، 50، 51» من القانون الجنائي، والمواد «5، 6» من قانون الإرهاب، والمادة «26» من قانون الأسلحة. فيما أوقعت المحكمة حكمها بالسجن المؤبد على «46» متهماً بعد إدانتهم بالمواد «21، 50، 51» بالبينات المتوفرة في حقهم من إقرار قضائي وإفادة شهود وقرائن أحوال ومستندات ومعروضات. وقد برأت المحكمة «31» متهماً لعدم كفاية الأدلة في حقهم، وأعلنت عن إطلاق سراحهم فوراً. وقال كبير مستشاري وزارة العدل رئيس هيئة الاتهام مولانا محمد فريد حسن في تصريح صحفي عقب جلسة المحكمة، إن حكم المحكمة كان جيداً لاستماعها بصدر رحب وسماحة وعدالة لكل تفاصيل القضية والمستندات من هيئتي الاتهام والدفاع، ولم تختصر أي إجراء وإن كان من حقها، وقال فريد إن دلَّ هذا على شيء إنما يدل على أن قاضي المحكمة درس المحضر دراسة جيدة وقرأه بإمعان، وأضاف قائلاً: «إن في رأينا من أُدين يستحق الإدانة ومن تمت تبرئتهم فإن الاتهام سيجلس في اجتماع لمناقشة إمكانية تقديم استئناف ضد قرار براءتهم من عدمه، وذلك لقناعة الاتهام بأن جميع المتهمين مشاركون في الحرب بأدوار مختلفة». ومن جانبه قال رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين عبد الله عبد القادر آدم ود عجيب إن لائحة أو قواعد إجراءات محاكمة الإرهاب لسنة 2008م التي تمت محاكمة المتهمين وفقاً لها مخالفة للقانون والدستور، لأنها أُعدت بواسطة رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل، وقال: «هؤلاء هم الذين يقبضون وهم الذين يُحاكِمون». وأضاف ود عجيب في تصريح صحفي أن هذه اللائحة أُخذت بحيث أنه في حال تعارض اللائحة مع أي قانون حتى ولو كان الدستور تسود أحكام اللائحة، وهو ما يخالف الترتيب الطبيعي لسمو القوانين، كما أن هذه اللائحة جعلت من السلطة القضائية ووزير العدل مشرعين للقانون ومنفذين له. وقال ود عجيب: «أما رأينا في قرار المحكمة فإننا نرى أن الحكم فيه جزء من المعقولية إذا رجعنا للائحة التي هي في الأصل معيبة حسب قوله». وقال: «كنا نتوقع أن كثيراً ممن تمت إدانتهم تتم تبرئتهم لأن أغلبهم كان يقوم بتنفيذ أوامر صادرة إليه من قيادته العليا، خاصة إذا علمنا أنهم كانوا جنوداً» مشيراً إلى أن هيئة الدفاع ستتقدم بالاستئناف لمن تمت إدانتهم. ونبّه ود عجيب إلى أنهم مكلفون بتمثيل المتهمين حضورياً في المحكمة ولا علاقة لهم بالمحاكمين غيابياً. ورصدت «الإنتباهة» الفرحة التي ارتسمت على وجوه من تمت تبرئتهم حينما كان التلاقي مع أسرهم أمام بوابة الجهاز القضائي بسنجة محل الحكم، حيث ذُرفت الدموع عند عناقهم لأهلهم وعلت التكبيرات.