أولي هونيس رئيس نادي بايرن ميونخ المستقيل، أمر المحامين بعدم السير قدماً في إجراءات الاستئناف ضد الحكم الصادر بسجنه لتورطه في قضايا تهرب ضريبي، وقال «هذا يتوافق مع مفهومي للياقة والسلوك الشخصي والمسؤولية». وهي حالة أخرى من حالات التجاوز في أكبر المؤسسات الرياضية في العالم بعد فضيحة روسيل رئيس نادي برشلونة في سباق كسب اللاعب البرازيلي نيمار والقاسم المشترك بين الحالتين الاستقالة الفورية لرئيسي الناديين. والموقف هذا ربما يفسر سر نجاح العملاقين الكاتلوني والبافاري في تحقيق النجاح تلو النجاح. فحينما يتعارض سلوكك بوصفك شخصاً مع مسؤليتك كرأس رمح لمؤسسة، ينتظر أن تتحلى بهذا القدر من اللياقة والشفافية وتعترف، ومن ثم فإن الاستقالة هي أولى مفاتيح احترام الجمهور لك. كثيرة هي حالات الفشل المتكرر في اتحاداتنا الرياضية وأنديتنا، ورغم أن المتسبب فيها يكون معلوماً إلا أنه لا يجد محاسبة من الجهات المسؤولة ولا يجد في نفسه أثراً لأدب الكبار أعلاه. يسقط منتخبنا نتيجة خطأ إداري ساذج وتسقط أنديتنا نتيجة أخطاء مكرورة في أساليب إداراتنا المتشبثة بالكرسي أكثر من أي شيء آخر ولا نسمع هنا أو هناك بمستقيل أو مُقال. لو نظرنا لحالة هونيس وبايرن ميونخ فسنجد فيها من العبر ما يلجم هتيفة الرجل الواحد، فهونيس صاحب أكبر مصانع «السجق» في ألمانيا حقق أكبر طفرة للنادي بقدراته الإدارية الجبارة في استقطاب رعاية مالية ضخمة للنادي رفعته من مصاف الأندية صاحبة الإيرادات المحدودة إلى أغنى فرق أوروبا، وتقلد رئاسة النادي لأربع سنوات فقط حقق خلالها نجاحاً غير مسبوق، ورغم ذلك تنحى لخطأ كان في مقدوره المكابرة تجاهه وانتظار سنوات من المحاكم والاستئنافات. كلما تحدث الناس هنا عن حقبة ما بعد الوالي، ظهرت بعض الأقلام واللافتات لتؤكد أنه لا بديل للوالي إلا الوالي، وحينما تستفسر أحدهم لماذا؟يكون الرد كما جاء على لسان أحد قادة المريخ السابقين فقيري عدلان «لا نوالي غير الوالي»، وان من يطالبون الوالي بالرحيل لا يستطيعون توفير وجبة للاعبي الفريق. نعجب لمثل هذا الحديث المخذل، ومصدر تعجبنا أنه صدر عن رجل عمل في مجلس مريخي لم يكن فيه جمال الوالي، فهل كان لاعبي المريخ في عهد محمد الياس محجوب يشتكون من عدم توفر وجباتهم خلال معسكرات الفريق؟ المريخ لم ولن يكون رهينة لجيوب الأفراد، فطالما أن للمريخ جمهوراً يسد عين الشمس ويفيض، فسيأتي صبح وإن طال انتظاره يتحمل فيه أبناؤه مسؤوليتهم تجاه ناديهم لتحريره من «كسر عين» أصحاب المال إلى سماوات أصحاب العقول. مازلت عند رأيي بأن مهاجم المريخ تراوري وإن حصد جائزة الأفضل في مباراة الاتحاد، فهو أقل بكثير من سلفه كليتشي، ويكثر من اللعب الفردي ولا يلعب لصالح المجموعة. آخر اللمسات من الأقوال الملهمة «في الحياة قد تخسر حلماً وقد تفقد أملاً وقد تتنازل عن أمنية.. لكن كن حريصاً على ألا تخسر نفسك أبداً».