ما بال نساء وفتيات السودان أقبلن زرافات «من زرافة» ووحدانا «من وحيد القرن» على ما يسمي «دنيا الأعشاب» لا يلوين على شيء؟ وذلك لعمري، مجال يكثر فيه الأدعياء، ويستغفل فيه الأغبياء ويقل فيه الحياء، إذ أنهم تبعوا مقولة تقول لا حياء في الجمال فأخذت تنهمر علينا إعلانات لم ينزل الله بها من سلطان، ولم نسمع بها في الملة الأولى من نساء وفتيات السودان من لدن مملكة كوش إلى مملكة «ديانا يا غبيانة». وتوقف معي برهة لتقرأ هذا الإعلان الذي حمل عنواناً: «بالأعشاب الطبية» يقول الإعلان: «شيرين: للتسمين العام.. ريحانا: لتسمين الساقين. هيفاء: للتخسيس العام. تيسير: لتطويل الشعر وتغزيره وللفرد والتطويل، كما يوجد تخسيس موضعي وتسمين موضعي لكل الجسم بالأبر الصينية». فتصور أن تكون البنت «أرق من السبيبة ، وأحد من السيف» وهذه تحتاج إلى شيرين للتسمين العام ثم بعد ذلك تنظر إلى ساقيها فتجدهما لم تسمنا بما فيه الكفاية التي تحقق الموازنة الكلية للجسم فتهرع نحو ريحانا لتسمين الساقين. وعندما تنظر في المرآة تجد أن هناك مواضع لم يشملها التسمين العام وخارج شبكة شيرين فتلجأ إلى الإبر الصينية لتستعدل ما غفلت عنه شيرين.. ولكن الأمر لن يقف عند هذا الحد لأن الزيادة في موضع قد تكون أكثر من المطلوب ولا تتماشى مع الخريطة الكونتورية للجسم المطلوب، وهنا تتدخل هيفاء لتقوم بذلك العمل المطلوب الذي يعيد الأمور إلى نصابها. قبل سنوات قابلت شخصاً في لندن جاء لاستعدال رجله التي انكسرت ثم جبصت ثم فكت فكانت أقصر من أختها. ونصحه الأطباء الإنجليز بأن تصنع له فردة حذاء لها نعل كبير يوازن طول رجله الأخرى ولكنه أصر على أن تجرى له عملية وتقطع «حتة» من الساق الطويلة ليحدث التوازن. وجعله الأطباء يوقع على طلب يرفع عنهم المسؤولية في حالة حدوث أمر غير متوقع. وفعل ما طلب منه. وعندما قابلته كان قد عبر من المحنة الأولى إلى محنة جديدة وهي أن الرجل «المشطوفة» جاءت أقصر من المكسورة. فقلت له: - إنت يا خوي خليك في عملية القطع دي لحدي ما تلقى نفسك بقيت «بعيو». وإلى زمن قريب كان عندنا مشروع لتسمين الماشية ولم يكن لنا مشروع لتسمين الساقين.. أو التسمين الموضعي بالإبر الصينية، ولو كنا نملك تلك التقنية لما احتجنا لتسمين كل الخروف ولركزنا على مواضع اللحم الذي نحتاجه ونأكله ولقمنا بتسمينه فربما كان ذلك أجدى لنا وأنفع لثروتنا الحيوانية، ولأصبحت لها ميزة في أسواق اللحوم العالمية. ونكون قد استفدنا من ذلك الإعلان والتجارب التي تجريها حواء السودانية على جسمها.