فيما يتعلق بدارفور، ووفقاً لما جرى الإعلان عنه حتى الآن بشأن لقاء بيت الضيافة مساء الجمعة المنصرمة بين شقي الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة، والمؤسسة للسلطة الحاكمة الراهنة، والمنقسمة بين كل من المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير والمؤتمر الشعبي المعارض بقيادة د. حسن الترابي الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية السودانية المشار إليها وملهمها ومرشدها، فقد تم الاتفاق على تبني الدعوة لإنشاء لجنة فرعية تابعة لآلية الحوار الوطني المحايدة لدى تكوينها بناء على المبادرة المطروحة وفقاً لما جاء بشأنها في ما يسمى خطاب «الوثبة» المزمعة كما ورد في ذلك الخطاب من جانب السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم الذي أدلى بها في قاعة الصداقة بالخرطوم أواخر يناير الماضي في حضور زعماء القوى الوطنية المعارضة والمشاركة في الحكومة القائمة. فهل يعني هذا أن الأوضاع التآمرية والمأسوية المتفاقمة والمتصاعدة في دارفور، التي ظلت مستعصية على التسوية، ربما قد تجد أخيراً تسوية ناجعة لها وشافية منها، تحقق الاحتواء المطلوب لها بقدرة وطنية جامعة ونابعة مما تم الاتفاق عليه في لقاء بيت الضيافة على النحو المشار إليه؟ للمساهمة في الإجابة عن هذا السؤال، أو المساعدة في ذلك بالأحرى، تجدر الإشارة إلى ما أورده رئيس تحرير جريدة «الصحافة» الأستاذ عبدالمحمود الكرنكي في عصف ذهني بعددها الصادر أمس، حيث ذكر تحت عنوان «النوم سلطان» أن وزارة الخارجية السودانية غابت عن اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي يوم الإثنين الموافق للعاشر من مارس الجاري، والذي حضرته إلى جانب الأفارقة الدول الغربية الكبرى بلا استثناء ممثلة في الأممالمتحدة والولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي، بينما غابت عنه روسيا والصين والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. وقد كان الاجتماع في انتظار وزارة الخارجية السودانية ليستمع إلى تقريرها حول الأوضاع في دارفور ودورالقوات الأممية المشتركة المنتشرة هناك والمعروفة اختصاراً ب «اليوناميد»، فلماذا غابت الوزارة عن ذلك الاجتماع المهم؟ وهل غابت لأن النوم سلطان؟! ويضيف الأستاذ الكرنكي في عصفه الذهني أن وزارة الخارجية السودانية غابت عن اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي لتقديم تقرير السودان عن دارفور واليوناميد، لكن ممثل البعثة الأممية المشتركة والتابعة للأمم المتحدة في دارفور السيد محمد بن شنباس لم يغب، وإنما تحدث وأشار إلى ما أسماه أخباراً سيئة وأخرى حسنة. وقال إن الأخبار السيئة هي تشريد «150» ألف مواطن في دارفور بسبب هجوم المليشيات، أما الأخبار الحسنة فهي مبادرة الرئيس البشير الأخيرة الداعية للإجماع الوطني في السودان كما أدلى بها في خطاب «الوثبة» بقاعة الصداقة يوم 27 يناير 2014م، وقد أوضح بن شنباس أن اليوناميد خلال «12» شهراً ستكون قوية وفعالة وتؤدى عملياتها بكفاءة. وقد ألمح أيضاً إلى آفاق جديدة وطموحة لليوناميد، لكنه لم يفصل في تلك الآفاق الجديدة!!. وقد أثنى السفير البريطاني الذي مثل بلاده في اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي على دور اليوناميد في دارفور ممتدحاً دورها في ما أسماه حماية المدنيين، وحماية الإغاثة، ورعاية الحلول السلمية بين القبائل المتقاتلة. وتجدر الإشارة إضافة لذلك إلى رفض القائم بالأعمال بالإنابة في بعثة السودان الدائمة بالأممالمتحدة حسن حامد لبيان مندوبة أمريكا في مجلس الأمن بشأن دارفور، كما ورد في الصحف الصادرة بالخرطوم أمس الإثنين، حيث أكد المندوب السوداني أن المندوبة الأمريكية أرادت تضليل المجلس بمعلومات خاطئة ليظل صامتاً تجاه الانتهاكات التي قام بها المتمردون في دارفور. وقال حامد في بيان أصدره الأحد الماضي إن بيان المندوبة الأمريكية سمانتا باور بشأن دارفور متحامل، ويعكس الموقف السالب للإدارة الأمريكية تجاه السلام في دارفور. وأشار حامد إلى أن الحركات المسلحة الرافضة للسلام في دارفور صعدت اعتداءاتها على المدن والقرى الآمنة، واستهدفت المدنيين، وارتكبت الفظائع، بما في ذلك تصفية قيادات محلية. ونوه حامد إلى أن البيان الأمريكي في مجلس الأمن الدولي يحوي معلومات كاذبة، مؤكداً أن واشنطن تعطي الضوء الأخضر للحركات المسلحة لتستمر في إعاقة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام، وإعاقة العملية السياسية في دارفور. وتبقى ضرورة الإشارة في هذا الصدد وبهذا الخصوص إلى أن المندوبة الأمريكية في اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي الأخير والمشار إليه أعلاه، كانت قد زعمت أن اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور قد عفا عليها الزمن.