في الخامس من أبريل عام 2004. أي قبل يوم واحد من الذّكرى التّاسعة عشرة لثورة أبريل 1985م وقعت اتفاقية الحريات الاربعة بين السودان ومصر والتي قضى بموجبها الغاء كافة القيود الهجرية الخاصة بالحق في حرية الدخول والخروج والتنقل والامتلاك واصدر وزير الداخلية وقتها قراراً وزارياً بتطبيق القرار على ارض الواقع وبالجانب الآخر تعاملت مصر مع القرار بشيء من اللامبالاة وعدم الاهتمام حيث لم ينفذوا ما عليهم بالقدر المطلوب و افادوا بأنهم سيطبقوا الاتفاق بشكل ممرحل ومدروس من خلال الواقع العملي و ظهر ذلك جلياً من خلال النهج البطيء الذي أنتهجته السلطات المصرية في التطبيق الفعلي للاتفاق على عكس الاهتمام الكامل لحكومة السودان واعلانها المبكر للتنفيذ الكامل.وقد لاحت في الأفق ملامح أزمة دبلوماسية بين القاهرةوالخرطوم كثييراً على خلفية مماطلة مصر في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين و بحسب تصريحات سابقة لمدير إدارة ملف مصر بوزارة الخارجية السودانية فأن مصر تلكأت في التوقيع على اتفاقية الحريات الأربع لاعتراضها على حرية التملك والتنقل للفئات العمرية ما بين 18 و49 من الرجال تخوفا من أن تشكل تلك الفئة مشكلة أمنية وبعد أجتمعات عديدة مع الجانب المصري وافق الاخوة المصريين على منح السودانيين تاشيرة دخول متعددة لستة أشهر والاستجابة لطلبات التجديد وتمديد مدة التاشيرة لعام ورفع سن الاطفال من 16عاما بدلاعن 14 عاما والمؤسف ان حتي هذه القرارت لم تجد طريقها للتفيذ ولم تتم معالجة اقامات السودانيين الذين يحملون اقامات مؤقته بل حتي تاشيرة الدخول والخروج للمستثمرين السودانيين لم تحظ بالاهتمام .وظل هذا الوضع الضبابي سيد الموقف برغم مناداة ومطالبة مسؤليين سودانيين بضرورة تفعيل هذه الاتفاقية وبحسب رأي مراقبين للوضع فإن هذا الوضع المتأرجح لمصر هو نتاج لمطالبة مصر بتعديل الاتفاقية بحيث توفر للمصريين حق التملك بدون قيود. بينما نجد أن ملكية الأراضي للسودانيين في مصر تتم فقط وفق قانون (الحكرة )وهو ما يحدد فترة انتفاع السودانيين بالأراضي المصرية في فترة لا تتجاوز10 سنوات حتى يصلوا إلى حق التملك وبذلك تضمن مصر استثمار أراضيها أولا قبل تمليكها و وفقاً للاتفاقية الموقعة يحق للمصريين الانتفاع بالأراضي السودانية عن طريق التملك مباشرة أما فيما يتعلق ببند التنقل بين مواطني البلدين فإنّ مصر ترغب في تعديل الاتفاقية لمنع دخول السودانيين إلى الأراضي المصرية للذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 49 عاماً إلا بتأشيرة مسبقة تخوفاً من أن تشكّل هذه الفئة مشكلة أمنية بينما تسمح السلطات السودانية للمصريين من كافة الأعمار بالدخول إلى السودان دون تأشيرة. ونجد من اهم واخطر البنود والتي تعتبر مخالفة للعقود والمواثيق الدولية اصرار مصر علي ان حلايب وشلاتين مصرية ففي إطار اتفاقية الحريات الأربع كان لا بد من ترسيم الحدود الدولية حتى يتسنى نقل الأفراد والبضائع عبر المنافذ الحدودية من الجهتين ولكن قيام مصر بإدراج منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين الدولتين ضمن حدودها الدولية مما أثار اعتراض السودان عقد الوضع اكثر فضلا عن أنّ المنطقة محل نزاع وهو صراع يمس سيادة الدولة حتى يتم الفصل فيه أو التوافق على حلّه. واشار المستشار الإعلامي لسفارة الخرطوم في تصريحات سابقة إلى أن حرية التملك مقيدة حيث لا يمكن تملك كل شيء وهناك بعض المحافظات غير مسموح فيها سوى بتملك المرافق السكنية وليس الأراضي والمشروعات موضحا أن التأشيرات مطلوبة من أي سوداني يدخل مصر ماعدا الدبلوماسيين لافتا إلى أن الآلاف من العمالة السودانية بمصر يعملون بطريقة غير مقننة وغير مستقرة واشترطت الخرطوم على القاهرة خلال اجتماع المنافذ المشتركة بين الدولتين لفتح الطريق التزام مصر بتنفيذ اتفاقية الحريات الأربع للمواطنين السودانيين في مصر وتطمح مصر إلى أنّ يصبح هذا الطريق مدخلاً لتصدير منتجاتها إلى تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان ومن ثم إلى بقية الدولة الواقعة جنوبًا حتى جنوب أفريقيا. وقال الخبير عبده موسي مختار (للانتباهة) ان علي الحكومة السودانية مراجعة موقفها من هذه الاتفاقية مشيرا الي ان الاوضاع في مصر غير واضحة مؤكدا ان عدم وجود حكومة شرعية يتطلب من الحكومة السودانية ضرورة تجميد هذه الاتفاقية لحين اتضاح الرؤية مشيرا الي افتقاد الاتفاقية الي الالتزام القانوني من الطرفين مؤكدا بانه من غير المنطقي اندفاع الحكومة نحو التطبيق في ظل تخاذل القاهرة مضيفا بان السودانيين لم يستفيدوا منها برغم التدفق الملحوظ للمصريين علي السودان حتي في المهن البسيطة التي يسترزق منها المواطن البسيط وطالب البرلمان بضرورة التدخل السريع لايقاف هذه الاتفاقية. اخيرا إذا لم يكن لدى مصرالرغبة الجادة في إبرام الاتفاقية فكان عليها التحفظ علي بنودها قبل التوقيع .