٭ انتشرت هذه الأيام قصة أن يذهب أهل العريس لبيت العروس المرتقبة بغرض التعارف فيما بينهما... لكن سرعان ما يتحول التعارف لزواج رسمي يتم بالعقد الغليظ الذي يجعل العروس في عصمة زوجها دون النظر الى ما بعد ذلك الالتزام القوي الذي يجعل المرأة تصبح ملكاً وفق العقد للرجل أن يذهب بها حيث شاء دون إعداد العدة.. حتى أخذ المجتمع ينظر لمرحلة العقد كمرحلة الخطوبة وكثيراً ما يحدث انفصال قبل إتمام الزواج. ٭ تقول القصة إن جماعة مشوا عشان يتعارفوا على أهل خطيبة ابنهم، وكانت في إحدى القرى البعيدة من الخرطوم.. ولم يكن الوفد مكتملاً من بقية الأسرة... وبعد التعارف طرح والد البنت رأياً على أهل الخطيب بأن يعقدوا لأن المسافة بعيدة «وكده يعني»... فقال شقيق الخطيب كدي نشاور الخال لأنه كبير العائلة وكده... وعند مشاورة الخال وافق.. قال ليه على الأقل نحسم الموضوع ده... فذهب الشقيق لوالد الخطيبة وأخبره بموافقة الخال.. فما كان من والد العروس إلا مد يده أسفل المقعد الذي يجلس فيه وجذب المأذون... يعني قاعد أصلاً لزوم التعارف. ٭ وتقول أخرى إنهم ذهبوا لذات الغرض أعلاه وأثناء التعارف ظهر واحد مهندم عمة وشال وجلابية... واعتقد الحضور أنه والد العروس.. فقام والد العروس بتعريف نفسه وعندما سألوه عن الشخص المهندم قال ليهم طبعاً ده المأذون!! ٭ قبل فترة كان العقد هذا أمراً جللاً له ما قبله وما بعده... من إخطار للأهل والأعمام والخيلان للعريس أو العروس... الآن تذهب مجموعة إن شاء الله من الجيران.. ويمكن أن تعقد وترجع ويقولوا ليك والله فاجأونا ولقيناهم جاهزين... ناس عقد ساي. ٭ لسنا ضد أن يكون هناك عقد طالما حدث الرضاء بين العريس والعروس... المصيبة أهل الاثنين يكونوا لأول مرة إتقابلوا ولم يسبق لهم أن تعارفوا حتى على عجل. ٭ هذه الظاهرة غير كريمة وفيها تقليل من شأن البنت... هذا بالطبع في بعدها الاجتماعي والنفسي... حتى على بعدها الشرعي «فاظفر بذات الدين...» كيف يتسنى لك هذا والمدة الزمنية لا تسمح حتى بمعرفة الأسماء... لذا فترة الخطوبة فترة مهمة حتى يتسنى للعريس معرفة أخلاق وسلوك الفتاة التي ستكون شريكة حياته... لكن العقد يجعل المسألة محسومة بشرها أو خيرها. ٭ هذا بالطبع لا يعني أننا نحبذ الخطوبة وطول مدتها لا... قطعاً، بل نريدها ولكن بشرط أن تكون قصيرة المدة مليئة بالمعاني والأهداف التي تسوق للتي هي أقوم وأنفع وهو الزواج. ٭ الآن بعض الأسر زهجت من معاناة التربية والمراقبة والتكاليف المالية للبنات وتريد أن تسرع لسعدهن وتزويجهن. ٭ الزواج حقيقي سترة واستقرار إذا أحسن الزوجان الاختيار فيما بينهما، وحدث التوافق والتكافؤ بين الأسرتين والزوجين. ٭ لا تحسسوا بناتكم بأنكم تريدون مخارجتهن... فبعض البنات العاقلات يطلبن الزواج ولكن على نار هادئة حتى تستقيم أمورهن لاحقاً... لا تجبروهن على الموافقة دون التريث... ودعوهن يخترن بفهم يعرفنه أكثر منكم.. وأجلوا فكرة التعجل بالعقد ظناً منكم أنه حل ناجع لمخارجة البنت... وتذكروا الطلاق فإنه يحدث رغم أنف العقودات... والمكتوب على الجبين لا بد تراه العين. ٭ مسألة الزواج مسألة حساسة تحتاج لفطنة وتريث وتعمق وسؤال ومعرفة.. ولا تنسوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم... «إياكم وخضراء الدمن، قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله، قال الحسناء في منبت السوء» ولا تنسوا أن العرق دساس. ٭ الزواج قسمة ونصيب، وكل إنسان سيأخذ نصيبه من هذه الدنيا ولن يموت إلا ويناله فيها... اذاً من ماذا الخوف والهلع؟! ٭ أصبحت ظاهرة الذهاب للتعارف تتحول لعقد زواج مباشر في كثير من الأسر.. قبل أن تكتمل درجات التعارف بينهما. ٭ السؤال الذي يطرح نفسه... ما سر العجلة على العقد عند التعارف؟ هل التخلص من الفتاة؟ هل لضمان حظها من الزواج وخروجها من دائرة العنوسة؟ ٭ بعض أهلنا في بعض الأسر لا يستريحون لمثل هذه المسألة.. ويشكون في السرعة والتعجل.. ويظنون أن في الأمر «سراً دفيناً» يجعلهم يتباطأون وربما يرفضون.. وتصبح المسألة قبيحة في حق أهل العروس.. أو ربما في سمعتها.. تصافحوا... تعارفوا ثم تمهلوا برهة ثم تعاقدوا يرحمكم الله.