أصبحت مسألة السلامة المرورية وآفة حوادث السير هاجساً لكل دول العالم، خاصة دول العالم العربي والإفريقي ولعل هذا الهم عبرت عنه الدول العربية خلال احتفالها بأسبوع المرور العربي الذي تنطلق فعالياته في الأسبوع الأول من شهر مايو، بغرض الارتقاء بالعمل المروري بكل جوانبه الخدمية والتشغيلية والبرامجية والتأهيلية والتدريبية والبشرية حتى تتحقق السلامة المرورية في أعلى درجاتها ومطلوباتها. وأسبوع المرور يعد فرصة للوقوف والمراجعة ووضع الخطط الكفيلة بتحقيق مقاصد السلامة، والثابت في هذا الأسبوع هو طرح شعار يتناسب مع كل دولة حسب احتياجاتها المرورية خاصة وأن حوادث السير صارت تشكل قلقاً لكل أفراد المجتمع، كونها تستنزفه في أهم مقوماته ومكوناته الفاعلة، إضافة إلى ما تخلفه من تأثيرات ومشكلات اجتماعية وخسائر مادية ضخمة. انطلاق فعاليات أسبوع المرور في كل العالم العربي يُحظى باهتمام كبير من أعلى مستويات الدولة إلى كل فئات المجتمع وتسخر له إمكانيات كبيرة وآلة إعلامية مؤثرة وذكية، وعادة ما يشرفها رأس الدولة باعتبار أن قضية السلامة المرورية قضية شراكة تسهم فيها جهات عديدة، على رأسها مجلس السلامة المرورية الذي يرأسه وزير الداخلية، أقول ذلك وفي الذاكرة ما تم من احتفال بالسودان في العام الماضي، حيث جاء الاهتمام الرسمي بنسبة «صفر كبير»، اكتفى مدير عام الشرطة بتسجيل بيان مسائي باهت بكاميرا ساهرون من مكتبه، وغاب وزير الداخلية تماماً عن الاحتفال بالساحة الخضراء، وكذلك رئاسة الشرطة كانت غائبة ولم يشرف الافتتاح أي ممثل لرئاسة الشرطة. يأتي أسبوع المرور هذا العام تحت شعار «نحو بيئة مرورية آمنة» وهو شعار فيه ذكاء حاد فالبيئة المرورية هي مسؤولية تضامنية تقع في المقام الأول على عاتق المجلس الأعلى للسلامة المرورية، وفيه كل الاختصاصات التي تحتاجها مطلوبات السلامة من وزارة الصحة والطرق والإعلام والمالية وغيرها، وهناك شركاء ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات اقتصادية لو قامت بدورها تجاه توفير البيئة المرورية الآمنة فإنها ستحقق مكاسب لمواردها قبل القيام بواجبها المجتمعي وأعني تحديداً شركات التأمين بصورة عامة فإنها وبعملية حسابية بسيطة لو سخرت جزءاً بسيطاً من دعمها لتقليل الحوادث فإنها ستوفر لخزينتها الكثير من قيمة الديات الكاملة وفواتير الصيانة والتعويض والعلاج. ولو بادرت شركات الاتصالات بالمساهمة من خلال بث حزم رسائل توعوية للجمهور خلال الأسبوع، فإنها بالتأكيد ستقدم خدمة يحترمها الجميع. * أفق قبل الأخير تشريف رئاسة الجمهورية لأسبوع المرور سيحيل الشعار إلى واقع عملي، وتشريف الوزارة ولو بوزير الدولة سيظهر هيبة الدولة، وتشريف رئاسة الشرطة للأسبوع سيحيل الاحتفال إلى كرنفال بهيج يتفاعل معه الجميع. * أفق أخير المرور يبحث عن البيئة ولو من ذوي القربى.