ندى محمد أحمد: ربما لا يبدو سفر القيادي ب «حركة الإصلاح الآن» غازي صلاح الدين العتباني إلى أديس أبابا غريباً، إذا عدنا للوراء قليلاً عندما هاتفه أحد أعضاء الوساطة بطلب من رئيس الآلية الرفيعة ثامبو أمبيكي للحصول على البيان المشترك الذي أصدرته الحركة وتحالف قوى المعارضة لدى اجتماع الطرفين في الفترة الماضية، مما يشير إلى اهتمام الوساطة بنشاطه السياسي، وربما استشعر غازي نفسه، ما أثارته زيارته لأديس من استفاهمات لدى الإعلاميين، وكانت ضمن أسئلتهم الكثيفة التي أرسلوها في فضاء المؤتمر الصحفي الذي عقده غازي ظهيرة الأمس في دار الحركة لتسليط الضوء على زيارته، موضحاً أن زيارته التي جاءت بدعوة من أمبيكي تأتي من خلال صلته التي توثقت به إبان معرفته به في عامي «2009 و2011» خلال توليه أمر التفاوض، وقال إنه ذهب بصفته صديقاً، ووصلاً بما سبق قال إن أمبيكي في زياراته للخرطوم يحرص على لقائه، ونفى غازي الأحاديث التي راجت عن تفسير زيارته، التي دارت في فلك المتناقضات، فبينما ذهبت رواية إلى أنه ذهب كموفد غير مباشر للوطني، أشارت الرواية الثانية إلى أن الهدف من الزيارة هو تنسيق حركته مع قطاع الشمال. ولفت إلى أن اهتمامهم بملف المفاوضات يأتي من منطلق أنها طريق السلامة والمخلص من العقبات الوطنية التي تواجه البلاد، لأن مجريات التفاوض بأديس ستحدد مصير الحوار الوطني بالداخل الذي بادر به رئيس الجمهورية عمر البشير في نهاية يناير الفائت، وذلك بحسبان أن أهدافنا ترمي لأن يكون الحوار شاملاً، من حيث القوى السياسية المشاركة فيه والقضايا التي ستطرح فيه، استناداً إلى هذه الخلفية، طلبنا من طرفي التفاوض التعامل بجدية مع الحوار، وأبدى رجاءه في أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق إطاري شامل يطلق الحوار الذي يضم كل القوى السياسية. وفي السياق نفسه أوضح غازي في رده على سؤال «الإنتباهة» عن الأسباب التي أدت لعدم تكوين الأحزاب لأعضائها في آلية «7+7+ 1»، على خلفية أن مسؤول أمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني ياسر يوسف ذكر في حديث سابق للمحرر أن بدء أعمال الآلية رهين بتسمية أحزاب المعارضة لممثليها في الآلية، تساءل غازي عما إذا كانت أحزاب حكومة الوحدة قد فرغت من تسمية عضويتها، وذهب إلى أن مفاوضات أديس إذا تقدمت للأمام وأحدثت اختراقاً فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير جذري في آلية الحوار، باعتبار أنه لا بد آنذاك من استصحاب رؤية الحركة الشعبية قطاع الشمال، هذه الإجابة تفيد وبوضوح أن الحكومة بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات لتنظر في خطوتها القادمة تلقاء الحوار. أما الهدف الرئيس من الزيارة هو تلمس طبيعة المواقف بأديس، ومدى التقدم في المفاوضات والعقبات التي تواجهها، فضلاً عن تقديم المشورة متى طلب منهم ذلك، أما السبب الثاني فهو التعرف على تقييم أمبيكي لمسار التفاوض ومستقبله، وإيصال رسالة للطرفين بضروة ألا يفضي التفاوض لاتفاق ثنائي. وبشأن لقائه مع قطاع الشمال قال إنه كان مطولاً، استمع فيه لآرائهم ومآخذهم على السياسة السودانية مجملاً، والشكوك التي تساورهم، كما جلس إلى الوفد الحكومي واستمع إلى توقعاتهم حول التفاوض، ووصف تلك اللقاءات بالمفيدة، وقال غازي إن بقاءهم ليوم آخر في أديس كان بناء على طلب أمبيكي أملاً في مساهمتم ببعض الأفكار، وذكر أنه ركز على نقاط محددة هي: ضرورة الحوار، وضرورة الوصول لاتفاق بأديس ليفتح الطريق أمام الحوار الوطني بالداخل، وعاد ليؤكد بأنهم نهوا بشدة عن الخروج باتفاق ثنائي، وقال حصلنا على ضمانات من الطرفين بأنهما لا يسعيان للوصول لاتفاق ثنائي، وعندما أشارت «الإنتباهة» إلى أن اتفاق 28 يونيو 2011 «نافع/ عقار» الذي نص عليه القرار الأممي «2046»، يعتبر مرجعية في المفاوضات الحالية، ويهتم به قطاع الشمال في زاوية أنه ينص صراحة على شراكة سياسية تنفيذية بين الحكومة والقطاع، أفاد غازي بأنهم أوضحوارؤيتهم بعدم قبولهم للاتفاق الثنائي، وأن الطرفين أكدا له أنهما لا يسعيان لذلك. ومن الإيجابيات التي عددها غازي في المفاوضات الحالية هي تحديد القضايا محور التفاوض وهي: القضية السياسية التي تتعلق بوضع المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق»، وقضية العون الإنساني، وقضية الترتيبات الأمنية وإيقاف إطلاق النار، إضافة لقضية الحوار الوطني التي وردت في وثائق الطرفين، وإن تباين التعبير عنها لدى كل طرف، وقال إن المساحة تضيق وتتسع بين الطرفين حسب كل قضية، فثمة إجماع على قضية الحوار الوطني وإن كان هناك اختلاف في التفاصيل، كما يمكن الوصول لاتفاق حول قضيتي العون الإنساني ووقف إطلاق النار، أما الوضع السياسي للمنطقتين فهو من أعقد القضايا، باعتباره يتحدث عن مستقبل المنطقتين، ويترتب على ذلك توفر خصوصية ما للمنطقتين، قد تكون لها آثارها في المستقبل، وفي رده على أسئلة الصحافيين عما إذا كان واقع الحال مؤشراً لميلاد نيفاشا جديدة، قال الخوف من ذلك وارد، وأردف بأن الطرفين أكدا أنهما ليسا بصدد اتفاق ثنائي، وفي السياق نفسه يذكر أن الزميلة «السوداني» نقلت عن مفوض العون الإنساني سليمان مرحب أن طرح قطاع الشمال حول المنطقتين يهدف للوصول للحكم الذاتي للمنطقتين. وطرح غازي سؤالاً افتراضياً عن ما هية تأثير نتائج التفاوض على الحوار بالداخل حال فشل المفاوضات، وما هو البديل؟ في حال الفشل ذكر أن التوصية التي ستدفع للمبادرين بالحوار في إشارة للحزب الحاكم، ستكون الدعوة للتركيز على الضمانات، نظراً لعدم الثقة الكبيرة من قبل القطاع حيال التفاوض، وهذا هو العامل الذي يعطل الاتفاق حول وقف إطلاق النار ومسألة العون الإنساني. وعن البديل أشار للقاء سيضم القوى السياسية مساء اليوم بمقر اتحاد أصحاب العمل للتفاكر حول البديل، فالمطلوب إيجاد رؤية لمواجهة حالة الانسداد السياسي، وربما يفيد هذا أن تعمل أحزاب اللقاء التشاوري في السادس من أبريل بإعادة تشكيل الآلية التي تم تحديدها للحوار بين الحكومة والأحزاب، ومن ثم النظر في تجديد الآليات الحكومية دون تسميتها بانتقالية أو غير ذلك من التسميات، وهذا يقتضي النظر في الجهاز التشريعي، وذلك لمحاولة الخروج من حالة الانسداد السياسي، وأضاف أنه ينبغي ألا نصمت كسياسيين ونجعل الأحداث تقودنا، فالسياسي يجب أن يتقدم ليصنع الأحداث والسياسة، وفي رده على السؤال الافتراضي عن ما هية الآثار التي ستترتب على الحوار الوطني بالداخل إذا ما انتهى طرفا التفاوض إلى اتفاق ثنائي، قال غازي إذا حدث اتفاق ثنائي فإنه سيدق المسمار الأخير لنسف الحوار الوطني بالداخل. يبقى أن من النقاط المهمة التي تطرق إليها غازي وجود إشارات تطل على المفاوضات من خارج مظلة التفاوض، ولكنه رفض الكشف عن مصدر تلك الإشارات وعن مضمونها، يُذكر أن المبعوث الأمريكي للسودان دونالد بوث موجود بأديس، يغادر ويعود. فهل تلك الإشارات التي نوه إليها غازي صادرة عن أمريكا؟ وما مدى مقدرتها على فرض أجندتها على العملية التفاوضية؟ وما هي آثارها على مجريات التفاوض سلباً وإيجاباً؟