للحكاية بقية: تروي بعضا منها: ندى محمد أحمد للمرة الثانية على التوالي وفي الفترة مابين أواخر أكتوبر الماضي والعاشر من نوفمبر الجاري تتعرض محلية تلودي بجنوب كردفان لهجوم كثيف من قبل الجيش الشعبي، وكانت أولى المحليات التي طالها القصف لدى انطلاقة شرارة التمرد الأولى في يونيو الماضي، وفي التفاصيل أن الحركة ألقت بثقلها في الهجوم على المحلية في الخامسة من فجر آخر أيام أكتوبر من خمسة محاور، بواسطة خمس كتائب، ويترواح تعداد الواحدة منها ما بين «300 400» جندي، واعتمد تسليحهم على الرشاشات والآربجي والهاون، أما المحصلة فكانت «175» قتيلاً للحركة في محور واحد وغنيمة مجموعة كبيرة من الأسلحة ومركبتين «يرول وتاتشر» بحسب مصدر استخباري، خطورة الهجوم دفعت القوات المسلحة لعقد مؤتمر صحفي خاص لتوضيح الحقائق التي تفيد تمكنهم من دحر فلول كتائب الحركة ضمن نطاق عمليات سُمِّيت بالصيفية، ومن جانبه وصف والي جنوب كردفان أحمد هارون عبر مؤتمر بالفيديو كونفرنس محاولات الحركة باليائسة. وأعادت الحركة الكرّة صبيحة الخميس الماضي عبر ثلاث كتائب لتواجه المصير نفسه، ولم تجدِ الأسلحة الثقيلة التي استخدمتها والمتمثلة وفقًا لمعتمد تلودي المقبول هجام في خمس دبابات «تي 55» وأسلحة الهاون والدوشكا، وأضاف في حديثه ل «الإنتباهة» ظهيرة الخميس الماضي أن قواتنا المسلحة استولت على دبابة سليمة رقمها «9796073» وأصابت اثنتين وأن قوات الحركة انسحبت باتجاه الجنوب الغربي. أهمية تلودي تاريخيًا كانت تلودي عاصمة كردفان الكبرى وكانت تسمى مديرية جبال النوبة في زمان الحكم الثنائي قبل نقلها لمدينة الأبيض في الفترة «1904 1905» جراء ثورة الأهالي وقتلهم لحاكم تلودي المستر جيمس عام 1904، وتعتبر تلودي منطقة نصرة فالإمام المهدي شد رحاله لجنوب كردفان واستقر في قدير التي تبعد حوالى ساعة ونصف من تلودي حيث دارت معركتان بين جيش المهدي والقوات التركية الأولى حملة يوسف الشلالي باشا في موقع باسم الجرادة والثانية حملة أيمن بك باشا والتي انطلقت من فشودة وانتصر فيهما المهدي. جغرافيًا صارت تلودي بعد انفصال الجنوب مدينة حدودية تبعد حوالى ساعة ونصف الساعة بالسيارة عن فاريانق «75 80 » كيلومترًا وساعتين من بانتيو ببعد نيف وتسعين كيلو تقريبًا بولاية الوحدة كما يفصلها عن ملكال «120» كيلو وفقًا للأمين العام لمجلس حكماء جنوب كردفان الأستاذ آدم الفكي محمد الذي أبان في حديثه ل «الإنتباهة» أمس أن أهداف الحركة تتبلور في توفر تماس مباشر مع دولة الجنوب كي تتيسر لهم عملية الإمداد من الجنوب في ظرف سويعات قليلة، لذا فالحركة حريصة على احتلال المحلية لأنها تشكل قاعدة انطلاق مثالية للجنوب لاسيما وأن الحركة التي توجد فى محليتي أم دورين والبرام وأواسط الجبال محاصرة بكماشة من كادوقلي وتلودي شمالاً وجنوبًا على التوالي فالسيطرة على تلودي تؤمن ظهر الحركة جنوبًا وتمهد لهم للانطلاق صوب الشمال بدءًا من كادوقلي، وخلص آدم إلى أن الحركة ترى أن تلودي هي قاعدتهم الأصيلة ولفت إلى أن القضية أكبر من مسألة الحرب فهي قضية هوية من الدرجة الأولى وهم يرغبون في تأسيسها برؤية جديدة وفهم مختلف. اقتصاديًا توجد في منطقة البيضة من أعمال المحلية مشاريع زراعية كبيرة تتمثل محاصيلها في الذرة والسمسم والفول السوداني، كما أن أكبر تعداد للماشية في الولاية يوجد في تلودي، هذه الأهمية المتعاظمة للمحلية هي التي تفسر حرص الحركة على الاستحواذ عليها بمهاجمتها ثلاث مرات بقوات عسكرية ضخمة وبعتاد حربي ثقيل كان قوامه في المعركة الأخيرة الدبابات المدرعة وصواريخ الكاتيوشا فضلاً عن الأسلحة الثنائية، بدوره حرص الوالي على زيارتها في الهجومين الأخيرين كما اختارها لتأدية صلاة عيد الأضحى المبارك، ومن جهته عزَّز الجيش من وجوده بآليات عسكرية ثقيلة ودفعة كبيرة من القوات وصلت تلودي من الخرطوم الأربعاء أي اليوم السابق للاعتداء مباشرة، ومما يدحض نفي دولة الجنوب المستمر لدعمها لتمرد جنوب كردفان واتهام السودان بدعم تمرد الجنوب كما جاء في حديث رئيسها سلفا كير أول من أمس ما أعلنه الجيش من أن الدبابة التي دمّرها في الهجوم الأخير كان جل طاقمها من جنود دولة الجنوب، ومن الناحية السياسية فإن المحلية من دوائر الوطني التي فاز فيها على المستويين المجلس الوطني ويمثلها محمد بحر الدين والمجلس الولائي ويمثلها حسن أحمد عن دائرة كلوقي ود. آدم جاروط عن دائرة تلودي. إذن وبالرغم من العمليات العسكرية الكبيرة في محلية تلودي إلا أن كفة حكومة الولاية والجيش هي الأرجح استنادًا إلى حيثيات عديدة أهمها «الكماشة» التي تطبق على عنق قوات الحركة شمالاً من كادوقلي وجنوبًا من تلودي.