يجد القارئ الكريم في غير هذا المكان من «برلمان الشرق» قصة معاناة قديمة متجددة يعيشها طلاب شرق السودان بالخرطوم وبخاصة طلاب منطقة جنوبطوكر وذلك بسبب عدم مقدرتهم على دفع قيمة إيجار المقر الذي يتخذونه داخلية بولاية الخرطوم ولقد حزنت بسبب معاناة هؤلاء الطلاب أيما حزن لأنني أرى الحكومات الولائية تتسابق وتتهافت في الصرف على مناشط وفعاليات ليست ذات جدوى في محيط الإبقاء على تماسك الجبهة الداخلية أو في إطار تمتين تماسك مكونات المجتمع والذي يعد الطلاب رأس الرمح فيه، صحيح أن انقسام الرابطة الكبيرة حين كانت تضم كل طلاب الولايات الشرقية تحت مسمى «طلاب البجا» قد أضر بجميع الروابط فقد انقسمت الرابطة إلى ثلاث مجموعات واحدة لطلاب «البجا» والثانية لطلاب «ريفي كسلا» والثالثة رابطة طلاب منطقة «جنوبطوكر»، وقد أضر هذا التقسيم بالجميع فقد أضحت كل رابطة تمثل بعداً قبلياً محدداً ومحصوراً في نطاق ضيق فطلاب ريفي كسلا معظمهم من قبيلة «البني عامر» وطلاب البجا «هدندوة وأمرأر» بينما كان قدر «الحباب» و«البني عامر» في ولاية البحر الأحمر أن يكونوا تحت لافتة «طلاب جنوبطوكر» أقول هذا لأني أعلم أنه قد فات الأوان على توحيد هذه الروابط في جسم طلابي واحد ولكن لا بأس من إحياء فكرة الوحدة بين هذه الروابط من أجل إحياء التكامل والقضاء على المشكلات في مهدها وذلك بمواجهة هذه المشكلات بمقدرات الجميع ونعلم أن الشرق يضم رجال خيرين وفيهم مروءة وقد عُرفوا في مجتمعاتهم بجلائل الأعمال التي قدموها وهؤلاء يمكن أن يكونوا امتداداً لرجال عظام ممن كانوا يدفعون من حر مالهم من أجل تعليم أبناء الشرق بل كان هناك صندوق اسمه صندوق تعليم البجا ومن عائدات هذا أكمل العديد من أبناء البجا مسيرتهم التعليمية ويتبوأ بعضهم الآن في مناصب رفيعة حكام ومديرو بنوك وشركات ورجال مال وأعمال ووجب أن يردوا الدين وذلك بإحياء «صندوق البجا» لأن الواقع السياسي أفرز ممارسات سالبة في تمويل التعليم ومستحقاته الأُخرى مثل قيمة إيجارات الداخليات التي يسكن فيها أبناء الشرق ومن هذه الممارسات السالبة التمويل عن طريق الولاء الحزبي وقد أضر هذا المسلك بطلابنا فليسوا كلهم من منسوبي «المؤتمر الوطني» وليسوا كلهم أعضاء في «مؤتمر البجا» كما أن تسيس المرحلة الطلابية ضرره أكبر من نفعه، أضف إلى ذلك أن الحكومات الولائية مصرة على حصر مسؤولياتها في النطاق الجغرافي حيث لكل ولاية جامعة ومعاهد عليا وتود عبر الميزانية المرصودة مواجهة ما يعترض مسار التعليم الجامعي في نطاق الولاية وقد يقول بعضكم إن هذه الحكومات على حق فالذي تعانيه هناك «مكفيها»، ولهؤلاء نقول إن هذه الحكومات مسؤولة أمام مجتمعاتها الولائية عن هؤلاء الطلاب والطالبات الذين يدرسون بالخرطوم لأنهم مشاعل النور وحملة التغيير المنشود للغد القادم ويمكن أن تساهم حكومات القطاع الشرقي في مشكلة إيجار الداخليات بالخرطوم ليس بدفع المبالغ المطلوبة وإنما بتنظيم ذراع شعبي من الإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني لإحياء صندوق تعليم البجا لأننا عبر التعليم نتمكن من القضاء على بقية مشكلات الشرق وما أكثرها!.