رغم أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، طالب الإدارة الأمريكية والمُشرِّعين بالكونغرس، برفع الحظر الاقتصادي عن السودان وشطب اسمه من قائمة الإرهاب. تنفيذاً لتعهداتها عقب انفصال جنوب السودان ، أبقت الولاياتالمتحدة يوم أمس الأول، السودان على قائمة الإرهاب مع إيرانوسوريا وكوبا، بحسب التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول الإرهاب للعام 2014. لكن الوزارة اعترفت للمرة الأولى، بتعاون الخرطوم العام الماضي معها في مكافحة الإرهاب، لكنها اعتبرت أن السودان لا يزال قاعدة لوجستية، لجماعات تتبنى فكر «القاعدة»، مشيرة إلى أن هناك تقارير عن مشاركة سودانيين في أنشطة إرهابية بدول مثل الصومالومالي. إن المعيب دائماً في تقرير الخارجية الأمريكية، أنه يعترف بجزئيات ويتغاضى عن أخرى لدواع سياسية خاصة. ففيما يتعلق بوضع الدول الراعية للإرهاب، فالتقرير أشار بأن السودان به مواطنون شاركوا مع جماعات بأنشطة إرهابية في دول مثل الصومالومالي ، لكن بالطبع فإن حكومة السودان لم تدعم تلك الأنشطة حتى إن وجدوا كما تزعم الخارجية الأمريكية، خاصة أن المحاكم الأمريكية خلال الفترة الماضية برَّأت كل السودانيين الذين كانوا في معتقل غوانتاموا بسبب ضعف الأدلة ، وإذا كان الأمر بالمقاييس تلك، فإن الولاياتالمتحدة و دول الاتحاد الأوروبي بجانب دول عربية نفطية كبرى، لديهم مواطنون يقاتلون لم يمارسوا الإرهارب فحسب، بل شاركوا في أحداث «11» سبتمبر وقاتلوا في سوريا وليبيا وغيرها من الدول والمناطق الملتهبة في العالم، لكن رغم ذلك ليس عليهم عقوبات ، هذا بخلاف أن دولتي ماليوالصومال اللتين وصمتهما واشنطن بأن السودان لديه مواطنون بهما ليست عليهما عقوبات، رغم أن الجماعات الإرهابية تقاتل بداخلها ، بالتالي فإن منطق تقرير وزارة الخارجية يجب أن يحوي أدلة وتفاصيل، وألا يعد الأمر بناءً على معلومات استخبارية أمريكية، ربما تكون هي نفسها مغلوطة ، فلو كان السودان يدعم الإرهاب لكان أرسل مقاتلين لدعم حركة حماس في فلسطين إبّان العدوان الإسرائيلي على غزة، هذا بخلاف أن يقوم بإرسال وتدريب مقاتلين لدولة جنوب السودان، في الحرب الدائرة هناك، أو حتى تبنيه لإقامة توترات في المحيط الإقليمي مع مصر أو دول الجوار الأخرى . لكن للأسف كل ذلك لم يحصل ، وتصر الإدارة الأمريكية بأن السودان يدعم الإرهاب. كما يجب التذكير بأن السودان تبرأ خلال الفترة الماضية، من غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أعلن مدير وحدة التحريات المالية مقرر اللجنة الإدارية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حيدر عباس، عن رفع التقرير بجانب رفع تقرير آخر إلى المجموعة الإقليمية للمراجعة المستهدفة إلى مجموعة العمل المالي ، هذا غير أن السودان وضع كل خبرته في تشريعات مكافحة الإرهاب و إصدار قوانين على المستوى القُطري، لمكافحة الإرهاب وأسهم إسهاماً كبيراً في التشريعات والاتفاقات التي صدرت من المنظمات الإقليمية التي ينتمي إليها، كجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، بالإضافة إلى المصادقة على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. بالتالي فإن المطلوب من حكومة السودان، أن تتعامل مع الإدارة الأمريكية بالمثل، لوقف التجديد السنوي للعقوبات. أولاً بإغلاق مكتب الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب في السودان إن وجد ، بجانب وقف تعاون السودان مع الهيئات الأمريكية لأنها لم تذكر في تقاريرها السنوية، حقيقة أن السودان لم يدعم أو يأوِ أي من الأنشطة الإرهابية سواء كان في الصومال أو مالي أو غيرها، هذا بخلاف أن السودان يجب أن يقوم باتخاذ خطوة قانونية تصعيدية ضد الولاياتالمتحدة، بشأن هذا التجديد الذي يسمح بأن يظل السودان يدعم الإرهاب برفع قضايا بالمحاكم الأمريكية ضد وكالة الاستخبارات الأمريكية و وزارة الخارجية، بشأن عدم وجود أدلة وبراهين تساند قيام حكومة السودان بدعم الأنشطة الإرهابية ، فعلى الخارجية السودانية التحرك إزاء ذلك بدلاً عن تجهيز بيان إدانة سنوي لإبقاء السودان على قائمة الإرهاب ، خاصة أن السودان لم يحصد جراء تعاونه الأمني في مكافحة الإرهاب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى الآن، شيئاً يذكر خلاف إطلاق سراح المعتقلين السودانيين في غوانتانامو، الذين فك أسرهم لعدم وجود أدلة ضدهم، أيضاً لأنه حتى أمس الأول رغم مرور «13» عاماً على تعاون السودان وأمريكا، لم تعلن واشنطن إلغاء العقوبات، فلماذا يستمر السودان في التعاون مع أمريكا وقد أصبحت هي غير حريصة على ذلك التعاون؟.