الصدفة وحدها هي التي قادتني للقاء عضو حركة حماس الفلسطينية عزت الرشق، بمدينة استانبول خلال منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال أواخر الشهر المنصرم، الذي تحدث عن واقع القضية الفلسطينية ومآلاتها، وأكد الرشق أن الانقسام كان وضعاً استثنائياً وصفحة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني، متوقعاً فرض شروط إضافية في المفاوضات التي وصفها أنها لا تسمن ولا تغني من جوع بعد المصالحة التي تمت بين حركتي فتح وحماس، وأضاف عزت أن السلطة الفلسطينية فيها الكثير من العيوب الملحوظة وبحاجة إلى العلاج، وقال إن هناك أيدي خفية تسعى لطمس القضية الفلسطينية وتغييبها من الذاكرة، وشيطنة الشعب الفلسطيني من قبل بعض وسائل الإعلام، مرجعاً أسباب خفوت ضوء القضية للربيع العربي الذي اجتاح العديد من الدول، إضافة إلى الإرادة لدى العدو الصهيوني وبعض من ينسجم مع جزء من سياساته لتغييب القضية من الخارطة، كما تطرق إلى الدور الإيجابي الذي سيلعبه المنتدى لإعادة الحياة للقضية الفلسطينية، فإلى فحوى الحوار: حدثنا عن المصالحة التي تمت بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين؟ نحن سعداء كشعب فلسطيني وحركة حماس بوجه خاص بهذه المصالحة، وما تم التوصل إليه، فالانقسام كان وضعاً استثنائياً وصفحة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني ويجب أن تزول سريعاً، ونأمل أن تستمر الأمور في المنحى الإيجابي، ونحن متفائلون بهذا، وأقول إن المصالحة مصالحة فلسطينية حماسوية، ومصلحة لكل الإخوة في فتح وكل الفصائل الفلسطينية، وأقول إننا معنيون بإنهاء هذا الانقسام لمواجهة التحديات. إلى ماذا تهدف هذه المصالحة؟ المصالحة هي هدف في حد ذاتها بالنسبة للشعب الفلسطيني، فالانقسام أضعف حماس وفتح وأضعف القضية الفلسطينية بشكل خاص، وبالتالي لا يجوز توجيه سهام الانتقاد لإنجاز المصالحة، فأي جهد يوحد الشعب الفلسطيني يجب أن نباركه ونؤيده. هل تعتقد أنه بهذه المصالحة سيتم تطبيق المزيد من الشروط في المفاوضات؟ العدو الصهيوني لن يقبل هذه المصالحة بكل تأكيد، فردود الفعل الإسرائيلية مبدئياً على اتفاق المصالحة كانت متوقعة، وتنسجم مع موقفها العام الذي يقول بضرورة استدامة حالة الانقسام في البيت الفلسطيني كشرط لا بد منه لاستمرار العملية التفاوضية، ولذلك من المتوقع أن يكون هناك المزيد من الشروط في إطار المفاوضات التي تُجرى بحكم الغطرسة الصهيونية التي نعرفها، وأعتقد أن هذه المفاوضات لا تسمن ولا تغني من جوع سوى المزيد من الهجمات على القدس، إضافة إلى الهجمة على المسجد الأقصى ومحاولة تهويده، والحصار الشديد على أهلنا في غزة وهذا ما يتطلب طي صفحة الخصام والانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني لمواجهة كل هذه التحديات. ماذا عن موقف السلطة الفلسطينية لهذا الاتفاق؟ السلطة الفلسطينية تقع تحت مطرقة الضغوط الإسرائيلية والسندان الأمريكي للقبول بما هو مطروح عليها، وفي ظل وضع فلسطيني منقسم على ذاته، وأجواء ومناخات داخلية قاعدية لكوادر باتت أشد تذمرًا وتململاً من واقع ما يجري لعملية التسوية السياسية بيد أن الحالة العربية الرسمية المُتهالكة والتي تُلقي بظلالها على الوضع الفلسطيني فتُضفي عليه المزيد من الضعف والترهل بدلاً من إسناده على صعيد دعم الموقف الفلسطيني بالنسبة إلى العملية السياسية داخل مؤسسات المجتمع الدولي، كل هذه الأمور ربما تؤدي بالحالة الفلسطينية نحو منزلقات لا تحمد عقباها حال تم الرضوخ لتلك الضغوط والقبول بالمقترحات الأمريكية المطبوخة بالتمام والكمال مع الطرف الإسرائيلي. هل من المتوقع أن تتعرض هذه المصالحة لانتكاسة كسابقاتها؟ الترحيب الشعبي الفلسطيني العام بهذا التوافق الوطني والتوقيع على أوراق المصالحة المقصود منه تطبيق اتفاقيات المصالحة الداخلية الفلسطينية السابقة، واؤكد أن ما يمنح هذا الاتفاق الجدية تحديد الجدول الزمني بخمسة أسابيع لتأليف حكومة موقتة، ثم ستة أشهر من أجل إجراء انتخابات عامة، وليس هناك ما يدعو للقلق من أن تكون هذه المصالحة ذات أغراض تكتيكية استخدامية كما وُصفت التوافقات السابقة التي تم التوقيع عليها خلال سنوات الانقسام المدمر. هل احتوى الاتفاق على وضع حلول واضحة للقضايا العالقة بين الطرفين والسلطة؟ الاتفاق خطوة مبدئية للعديد من القضايا العالقة بين الطرفين والسلطة فيما يتعلق إطلاق المعتقلين من الطرفين في سجون غزةوالضفة الغربية، إضافة إلى المبادئ التي ستعمل بموجبها القوى الأمنية التابعة للسلطة وتلك التابعة لحركة حماس، أيضاً بند الدمج بين مؤسسات السلطة في الضفة الغربيةوالقدس وقطاع غزة، فضلاً عن مسألة الموقف من المفاوضات مع إسرائيل. هناك بعض الاتهامات وجهت للسلطة الفلسطينية بأنها أصبحت جسداً بالياً ومريضاً؟ لنا الكثير من الملاحظات والانتقادات على السلطة الفلسطينية، فنحن نريد أن تكون السلطة لمصلحة الشعب الفلسطيني وأن تتجاوز الكثير من الخلل والعيوب التي فيها. لكن توجد بعض الأصوات التي تنادي بتغيير قيادات السلطة وضخ دماء جديدة فيها؟ هناك أفكار كثيرة ولا نستطيع أن نتوقف عند كل فكرة فيها سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ونحن معنيون ونشجع أن تكون هناك دماء جديدة في هياكل السلطة الفلسطينية وفي حركة حماس وفتح، وكل الوضع الفلسطيني وأن لا يبقى الوضع متكلساً. برأيك ما الذي جعل القضية تختفي من وسائل الإعلام؟ السبب يعود للأحداث في المنطقة والربيع العربي الذي اجتاح العديد من الدول، وهذه الأحداث طغت على القضية الفلسطينية، إضافة إلى الإرادة لدى العدو الصهيوني وبعض مَن ينسجم مع جزء من سياسات العدو الإسرائيلي لتغييب القضية من الخارطة. مقاطعة.. هذا يعني أنه تخطيط مسبق؟ بكل تأكيد. حدثنا عن رؤيتك حول المنتدى ومدى فاعليته في القضية الفلسطينية؟ أعتقد أن هذا المنتدى عالمي ومهم في هذا الوقت الذي تريد فيه بعض الأيدي الخفية طمس القضية الفلسطينية وتغييبها من الذاكرة والإعلام وفي الوقت الذي يراد فيه شيطنة الشعب الفلسطيني من قبل بعض وسائل الإعلام، وهذا المنتدى سيعيد القضية الفلسطينية إلى بؤرة وصدارة الأحداث والاهتمامات في عناوين الإعلام، والمنتدى بحضوره المميز لأكثر من «400» شخصية ومؤسسة عالمية من مختلف دول العالم من كل الاتجاهات ووجود شخصيات من الغرب والعالم الإسلامي والعربي وروسيا وغيرها، يعتبر إضافة نوعية ويعني أن فلسطين قضية عالمية ولكنها رجعت إلى وضعها الطبيعي. هل تتوقع أن يتمخّض عن هذا المنتدى توصيات تصب في صالح القضية الفلسطينية؟ نعم، فشبكة العلاقات الإعلامية التي ستتمخض عن هذا المنتدى وما تم فيه من لقاءات وتوصيات وما ينتج فيه من عمل، أعتقد أنها ستكون لائقة بالقضية بشكل كبير. وهل سيحقق المنتدى أهدافه المنشودة؟ بكل تأكيد، أعتقد أن هناك عملاً جديداً ظهر من خلاله المنتدى بمستوى مهني راقي ومحترف عالمي ومنفتح وليس منغلقاً على فئات معينة من الناس أو الاتجاهات الفكرية والأيدولوجية، وكل ما رأيناه يَعِد بأن يكون ناجحاً وواعداً، ونأمل أن تترجم أعمال المنتدى بشكل حقيقي وواقعي لخدمة الإعلام الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وهذا كشفناه من خلال المبادرات والأفكار والمشاركات التي تمت وكانت مهمة وجميلة. هل تعتقد أن مشاركة كل الأدباء والمفكرين والمحللين السياسيين والأجهزة الإعلامية لها تأثير في تحريك القضية الفلسطينية؟ أجزم بذلك، فمشاركة الرأي الإعلامي عبر الشخصيات التي لها وزنها وثقلها في مجال الإعلام والفكر والرأي العام من مقومات نجاح هذا المؤتمر، والذي يجمع بين قادة الرأي المخضرمين في العمل الإعلامي ومخاطبة الرأي العام وتأثيرهم في المنطقة العربية وفي العالم، ويجمع أيضاً نخبة جميلة من الشباب وأصحاب القدرات الإعلامية ومنتجي الأفلام وأصحاب مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا الخليط من شأنه أن يفعل شيئاً مختلفاً.