-------------- في المحطة الوسطى قبل سنوات تفاجأت شابة وهي تحاول أن تصعد على متن الحافلة بمعتوه خلفها يحمل ساق بقرة جاف ويتهيأ ليضربها على رأسها فصرخت وفرت إلى داخل الحافلة!. وقبلها بينما كان شاب يجلس مسترخياً تفاجاء بسيدة تصفعه بكل قوتها ليكتشف أنها مجنونة معروفة فكظم غيظه أمام ضحكات الركاب المكتومة . قبل أيام خرجت الصحف بخبر المعتوه الذي خطف إسعافاً وقتل وجرح عدداً من أفراد الشرطة والمواطنين.. وقبلها تصدر خبر السيدة المعتوهة التي قتلت طفلة عمرها «6» سنوات وقطعت أوصالها إربا!! يوجد المجانين والمعتوهين في كل مكان فلا يخلو حي ولا قرية صغيرة من شخص يعاني من فقدان عقلة أو على أقل تقدير يعاني من اضطراب نفسي يتجولون في الأزقة دون أن يعبأ بهم أحد غير مدركين أنه ربما يتحول دون سابق إنذار إلى مجرم قاتل مغتصب فيحدث ما لا يحمد عقباه وتكمن خطورة جريمة المعتوه بأن ضحيته التي يختارها لارتكاب جريمتهم تكون بصورة عشوائية فيدخل أي شخص ضمن دائرة ضحاياه. جرائم المعتوهين حدث هذا الموقف أمام عيني حاج الهادي الذي كان وقتها يقود عربته التاكسي فقال في سنة ألفين وسبعة وفي وقت الذروة حيث يكون الزحام في الشوارع شديداً وهي مغلقة تماماً، مرّ مجنون بثيابٍ رثة وممزقة يحمل كيساً بين العربات التي لا تستطيع الحركة وفجأة ودون سابق إنذار أخرج ذلك المجنون من كيسه قطعة زجاج ومدها في وجه أقرب شخص إليه وقام باقتلاع عين ذلك الشاب الذي لم يتحدث معه ويرجع قطعة الزجاجة في الكيس وكأنه لم يفعل شيئاً والحمد لله رغم أن عين ذلك الشاب خرجت من مكانها لكن بعد أن تم إسعافه رجعت سليمة! وحكى جبارة موفق عن أحد أقاربه الذين كانوا يعملون بالخارج قال كان «م» سائق ماهر يجيد قيادة جميع أنواع المركبات مما سهل عليه العمل خارج السودان ومكث في الخارج عدة سنين وعاد فجأة ولكن لم نلاحظ أي تغيير في الوهلة الأولى عليه كان يبدو أنه نفس الشخص وكان أهله يتكتمون مرضه وبمعرفتنا بمهارته طلبنا منه أن يأخذنا بسيارة أحد أقاربنا جولة وعلى الفور سارع الى قيادة السيارة ركبنا ونحن مطمئنون أننا بين أيدٍ أمينة ولم تمضِ لحظات على تحركنا بالسيارة إلا وأصيب بنوبة من الهياج وأصبح يتمايل بالسيارة يميناً ويساراً فقفز من استطاع، اما أنا واثنان لم نستطع الفرار ليقلب بنا العربة أصبنا إصابات جسيمة كسرت ساقي وجلست طريح الفراش لعدة شهور أعاني ليتضح لنا أنه يعاني من مرض نفسي هو السبب الذي أرجعه مرة أخرى ولا زال يعاني من تلك الحالات الى اليوم ولكن لم يقد ولم يركب عربة بل يسير برجليه إلى أي مكان يقصده. تروي «هناء» معاناتها هي وجيرانها من ابن أحد جيرانهم المعتوهين الذي يسرق كل شيء يجده في طريقه ولا يدرون أين يذهب بتلك المسروقات فقالت: منذ أن انتقل جيراننا وكثرت حالات السرقة في شارعنا الى أن تم كشف اللص الذي اتضح أنه ابنهم المعتوه يأخذ كل ما يجده سواء كان ينفع معه أو لا المهم لا يخرج من المنزل خالي الوفاض وبعدما علم الجميع أصبحوا يتخذون جميع أنواع الحيطة والحذر وفي مرة دخل الى منزل لم يجد ما يسرقه فأخذ الكتب والكراريس. لم تكن «ه» تعلم أن هذا اليوم سيكون آخر يوم في حياتها وهي تجلس بثياب الحداد البيضاء في بهو منزلها ان دخول قريبها لم يكن لخير الا عندما انهال عليها بمرق عنقريب حتى تركها جثها هامدة! بعض الاستطلاعات ترى غادة حسن أن المجنون من أخطر أنواع المجرمين لأن لا أحد يستطيع توقع نوع الجرم أو الفعل الذي ينوي المعتوه القيام به وهنا يصعب على الضحية الدفاع عن نفسها وكذلك رجال القانون فالمعتوه عندما يرتكب جريمته لا يكون هناك دافع له سواء ارضاء رغبة أو غريزة تحثه على ذلك دون سبب واضح وهذا يجعله ضحية أيضاً. وتحكى نهلة أن جارتهم تعرضت لجرح بليغ في فمها بسبب مجنون قذفها بحجر في فمها اثناء تجوالها في سوق ام درمان! ونفس الموقف تعرضت له سلمى التي تقاجئت بشاب يحمل أداة حادة (قدوم) و«يشق» بها رأسها في سوق مدني! وقال الأستاذ خالد مأمون إن المجانين والمعتوهين يشكلون خطراً كبيراص على جميع أفراد المجتمع وهناك نوع لا يظهر عليهم أثر الجنون فهم يبدون في نظر الناس أناس عاديون فهولاء أكبر المهددين لأمن المجتمع من المعتوهين الذين يتجولون بملابسهم البالية والمتسخة فكثير من الجرائم يرتكبها مثل هذا النوع من المجانين بعد أن وثق فيهم من حولهم فغدروا بهم. ولكن نبه مدثر لنقطة مهمة وهي إدعاء بعض المجرمين الجنون حتى يفلتوا من العقاب فقال نعم بعض المعتوهين خطرين ويجب أن يعملوا لهم ألف حساب ولكن هناك مجرمين يدعون الجنون حتى ينجوا بفعلتهم فهود يرتكب جريمته ويمثل ويتقن دور المجنون خاصة في الجرائم المتعلقة بالتحرش الجنسي والسرقة رأي المختصين الدكتورة علياء أستاذة الصحة النفسية قالت جرائم المعتوهين هي مسؤولية تبدأ من المنزل والأسرة وتمر بالمجتمع وتنتهي بالدولة فالأسرة ترتكب غلطة كبيرة بعد أن تتخلى عن فرد منها وترمي به إلى الشارع بعد أن يصعب السيطرة على تصرفاته وتكثر الشكاوى منه والمجتمع الذي لا يتحرك لتقديم يد المساعدة له والدولة التي لا توفر له المأوى المناسب والعلاج ففي النهاية وهو مريض يحتاج العلاج والرعاية فبدلاً من وجود أماكن لهم حتى يتعرضون لأحد ولا تحدث جرائم ويحمونهم حتى من أنفسهم.